داخل مدرسة الأمل للصم وضعاف السمع ببورسعيد، جلست الطفلتان 'منة الله'، وبجوارها شقيقتها 'ملك'، من أصحاب إعاقة الصم والبكم، في مشغل به عدد من ماكينات الخياطة، لتضع كل منهما بصماتها في قطعة من القماش، وتبرزها بخيوط منظمة وملونة، فتبدع كل منهما في عمل منتج جميل، تشيد به معلمة الخياطة والتطريز.
منة الله وملك شقيقتان من أصحاب إعاقة الصم والبكم، لكنهما تفوقتَا على إعاقتهما بشغل الهاند ميد والخياطة والتطريز، ويقضيان معظم أوقاتهما في عمل لوحات إبداعية بالخرز.
منةالله وملك شقيقتان من الصم ببورسعيد
طفلتان من الصم والبكم ببورسعيد
والتقت 'أهل مصر' مع أسماء الاسكندراني التي تبلغ من العمر 42 عامًا، والدة الطالبتين، والتي تزوجت منذ 21 عامًا من ابن خالتها وانتظرت أن يهبهم الله مولودًا جميلًا مثل أي أم وأب وأن يكون جميلًا ومعافى، وبالفعل أنجبت طفلتها الأولى 'منة الله'.
وقالت والدة الطالبتين: 'اكتشفنا أنها من 'الصم والبكم'، ولم تقف الصدمات عند هذا الحد فحسب، بل ازداد الأمر سوءًا بعدما علمت أن 'منة الله' تعاني أيضًا من كهرباء بنسبة كبيرة على المخ، ولا تستطيع المشي'.
الملائكة الصغار 'منة الله و ملك
موظف بهيئة السكة الحديد بأسوان
تروي أسماء قصة معاناة تعيشها كل يوم وقلبها يعتصر حزنًا وألمًا على حال بناتها، فتقول إنها عندما تزوجت من ابن خالتها محمد الطيب، موظف بهيئة السكة الحديد بمحافظة أسوان وأنجبت ابنتهما 'منة الله' واكتشفوا مرضها، وترددت كثيرًا في تكرار عملية الإنجاب خشية من أن يكون الطفل الثاني بنفس حالة منة التي لم تستطع المشي إلا بعد 7 سنوات، لكن إرادة الله عز وجل في أنها تنجب طفلتين توأمتين، واحدة منهما تعاني من حالات الصم والبكم، وكهرباء على المخ، بل وبحاجة إلى زرع قرنية لعينيها، مضيفة أنها عانت كثيرًا وتحملت وصبرت من أجلهن.
وتابعت: 'لم يتخيل مخلوق كيف أراعي ثلاثة بنات اثنتين منهن من ذوي الإعاقة، كلما كبرن أمامي ازدادت مسؤوليتهن، ولكن الحمد لله إنها إرادة الله'.
الملائكة الصغار 'منة الله و ملك
متاجرة الأطباء فى الابتلاء
وأضافت أسماء: 'ابنتي الكبيرة منة الله عمرها الآن 20 عامًا وهي بالصف الأول الثانوي، وملك ومريم عمرهما 16 عامًا، ولكن منة وملك بمدرسة الأمل للصم والبكم، وأنا أعمل مدرسة رياض أطفال في مدرسة النور للمكفوفين، وأخذت كورسات في القاهرة وبورسعيد في كيفية التخاطب معهن، وبالفعل الآن أتعامل معهن بشكل ممتاز حتى شقيقتهن مريم تقوم بذلك أيضًا فهي عملية تعود، ووالدتي التي تساعدني كثيرًا في تربيتهن تجيد التخاطب بالإشارة معهن لأنها مسؤولية كبيرة، وأسأل الله أن يعينني عليها، ويشد من أزري فيها، خاصة أننا عانينا كثيرًا من الوصول إلى متخصصين في التخاطب، وإذا وصلنا لهم اكتشفنا أنهم يتاجرون بهذا الابتلاء ويطالبون بمبالغ مالية مبالغ فيها'.
الملائكة الصغار 'منة الله و ملك
وواصلت: 'قلبي يتألم باستمرار ليس من خدمتهم، ولكن من حالتهم الصحية، والدهم يعمل بأسوان ولم يحضر إلا إجازات على فترات متقطعة، ولكنه فضل أن يكون بعيدًا من أجل توفير المال الذي يساعد في علاج البنات'.
الملائكة الصغار 'منة الله و ملك
وسيلة دخولي إلى الجنة
وتابعت أسماء حديثها: 'هناك عبارات عندما اسمعها من ابنتي الكبيرة منة الله أشعر 'بالقهر' والألم فهي تسألني هو أنا هتجوز واحد مثلي لا يسمع ولم يتكلم، طيب أنا لو أنجبت طفلا كيف سأتعامل معه وأعرف كيف أنه يعاني من شىء وأنا لا أسمع.. تساؤلات كثيرة أهرب من الإجابة عليها وأحيانا أضطر إلى الإجابة التي تخرج بناتي من اليأس، امنحهم الأمل في المستقبل'.
واختتمت أسماء حديثها قائلة: 'بناتي يقمن بأشغال يدوية، وممارسة الرياضة، ويصنعن مشغولات جميلة، وأرى الفرحة في عيونهن عند الابتكار في صناعة أي مشغولات، أتمنى من الله أن يعينني ويمنحني الصحة من أجلهن فهم وسيلة دخولي إلى الجنة'.