عبد الرحمن أيقونة الوفاء.. شاب أصم يعود إلى مدرسته بعد تخرجه حبا في معلمه

عبد الرحمن في مدرسته
عبد الرحمن في مدرسته

بينما أصبح الوفاء عملة نادرة لدى بعض الفئات، يبدو أنه مازال باقيا لدى فئات أخرى، خاصة تلك التي من الله عليها بنعمة فقدان بعض الحواس، ثم ألهمهم مقابل ذلك إرادة صلبة، وعقلا ناضجا نابها، وقلبا حليما حنونا هينا سهلا.

هذه الصفات تجسدت في عبد الرحمن، الشاب البورسعيدي من ذوى الاحتياجات الخاصة، فئة الصم، الذي ارتبط بشكل وثيق بمعلمه، ومدرسته، حتى بعد حصوله على الدبلوم الفني المهني، وهو ما دفعه للعودة مرة أخرى إليهم بإرادته.

وفاء نادر.. حكاية عبد الرحمن في مدرسته

ماهر فى النجارة

أسامة مصطفى، معلم ورشة النجارة بمدرسة الأمل للصم وضعاف البصر ببورسعيد، يروي حكاية تلميذه عبد الرحمن فيقول: 'كان عبد الرحمن طالبا بمدرسة الصم وضعاف السمع، ومعتادا على دخول ورشة النجارة للتعلم، منذ كان في المرحلة الابتدائية، وبمجرد دخوله المرحلة الإعدادية أصبحت الورشة بالنسبه له هي الحياة، حيث أحبها وأصر على تعلم النجارة، وكان يقوم في بداية الأمر بإصلاح بعض الكراسي، لكن بمرور الوقت أصبح يصنعها بنفسه، كما أنه ماهر في إعادة تدوير أى شيء هالك من ترابيزات وكراسي وتُخت'.

وفاء نادر.. حكاية عبد الرحمن في ورشة النجارة

وحيد و يتيم

وأضاف مدرس ورشة النجارة: 'ظروف عبد الرحمن هي التي جعلته يرتبط ارتباطا وثيقا بالمدرسة، وبي شخصيا، لأنه يتيم الأم، ووالده عامل بأحد المستشفيات الحكومية، كما أنه ابن الوحيد، لذا شعر معنا بالأمان، خاصة أنني أتقن لغتة الصم، ومع ذلك فلغتي مع عبد الرحمن تختلف تماما عن الإشارة، أنها لغة الحب، فنحن نتفاهم بالنظر'.

عيب خلقي

واستطرد المدرس: 'مر عبد الرحمن بظروف خاصة، فهو مولود بعيب خلقي جعله بدون أذنيين، وأجريت له عملية تجميل، لكنها ليست بالشكل الذي يرغبه ، لذا فهو يحتاج إلى عملية تجميل أخرى، لكن الظروف الاقتصادية لوالده لا تؤهله لعمل ذلك'.

وفاء نادر.. حكاية عبد الرحمن في مدرسته

وفاء نادر

واختتم المدرس بالقول: 'عبد الرحمن ورغم حصوله على الدبلوم الفني المهني فإنه يحضر يوميا إلى المدرسة مبكرا، وملتزم لا يغيب يوما واحدا، وكل ما يشغله هو العمل بالورشة، وهناك طلاب آخرين مثله، بمجرد خروجهم من المدرسة وحصولهم على الشهادة تنقطع صلتهم بنا، لكن عبد الرحمن عنده وفاء نادر، لذا أعتبره ابني، وأحاول بقدر الإمكان أن أساعده، ودائما أمنحه الثقة بنفسه، حتى يشعر بكيانه وشخصيته، فأنا لا أعترف بشىيء اسمه إعاقة'.وفاء نادر.. حكاية عبد الرحمن في مدرسته

حنون وملتزم

ومن جانبها قالت سوزان بيومي، مديرة مدرسة الأمل للصم وضعاف السمع، أن عبد الرحمن ابن المدرسة، وهو إنسان حنون يحب مساعدة الغير، وملتزم بالحضور والانصراف في مواعيد المدرسة، لأنه يحب العمل بورشة النجارة، ووالده رفض عمله في أحد المصانع بمنطقة الاستثمار خوفا عليه، لأنه يشعر بالأمان في وجوده معنا، ونحن نمنحه مكافأة شهرية بسيطة جدا لا تكفي مواصلاته، لكن قيمتها المعنوية بالنسبه له كبيرة، لأنه مرتبط بالمكان، وبمدرس الورشة'.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
مصر ترحب بالاتفاق بين مجلسي النواب والدولة الليبيين بهدف حل أزمة مصرف ليبيا المركزي