في وسط سوق شعبي وبجوار مقهى بلدي، وسط ضجيج وهتافات باعة الأسواق، وضحكات وخناقات رواد المقهى البلدي، بشارع 45 بمنطقة العصافرة شرق الإسكندرية، يرقد جثمان الضحية الثالثة لسفاح المعمورة في بدروم عقار قديم مأهول بالسكان، في سكون عميق، على وسادة قديمة ومغطاة ببطانية بالية، في جوف الرمال بأرضية حجرة ضيقة ومظلمة، مغلقة بجنزير من حديد على باب من الحديد.
انتقلت كاميرا 'أهل مصر' إلى مسرح الجريمة لرصد ما تبقى من آثار لضحية سفاح الإسكندرية. للوهلة الأولى، تجد مكانًا يضيق فيه صدرك، وتختنق فيه أنفاسك من الرائحة الكريهة التي ملأت المكان وتسربت إلى الخارج، بعدما نجحت قوات الأمن بالتعاون مع رجال الإسعاف في استخراج الجثمان في حالة تعفن داخل كيسين بعد أعمال حفر استغرقت ساعات. رمال متشبعة ببقايا الجثمان، تميزها عيناك من النظرة الأولى، وبطانية شاهدة على الجريمة. وهنا تتساءل كثيرًا: هل قتل السفاح ضحيته داخل تلك الغرفة الضيقة؟ وإن كانت الإجابة لا، فكيف حمل السفاح ضحيته ودخل بها من أمام هذا الضجيج الذي لا يتوقف؟ وكيف مررها من ذلك الممر الضيق؟ أسئلة كثيرة تكشف عن حكايات دقيقة ستكشف عنها تحقيقات النيابة العامة قريبًا.
وتكثف إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن الإسكندرية جهودها لكشف غموض وملابسات جرائم المحامي المعروف بـ'سفاح المعمورة'، وذلك بعد ارتفاع عدد ضحاياه إلى 3 جثث حتى الآن.
وأمرت النيابة العامة بندب الطبيب الشرعي لتشريح جثمان الضحية الثالثة للمحامي المعروف بـ'سفاح المعمورة'، وذلك لبيان سبب الوفاة وتاريخ حدوثها بعد اكتشافها في حالة تحلل.
وعلمت 'أهل مصر' أن التحقيقات لا تزال مستمرة مع المحامي المتهم، وأن المتهم كان متعدد العلاقات النسائية ودائم التنقل بين الشقق بمختلف أنحاء مدينة الإسكندرية. ولا يزال البحث جارٍ عن المتهم للكشف عن ضحايا جدد من عدمه، وعما إذا كان هناك شركاء معه في الجرائم أم لا. كما جرى استدعاء أهالي الضحايا الثلاثة للتعرف عليهن.
وأكد أحد جيران واقعة العثور على جثتي سيدتين مدفونتين، وفي حالة تحلل، بأرضية شقة في الطابق الأول لعقار استأجره محامٍ بمنطقة المعمورة البلد في الإسكندرية، أن رجال المباحث كانوا يبحثون عن المحامي المتهم قبل كشف الجريمة بعدة أيام، وذلك لأن الأجهزة الأمنية بالإسكندرية تلقت بلاغًا يفيد بتغيب سيدة عن منزلها، وتلك السيدة هي الضحية الثانية للمحامي المتهم. ووصلوا إلى أن الضحية لم يبقَ لها أي أثر، وهاتفها مغلق، إلا أن كارت الفيزا الخاص بالضحية لا يزال يتم تفعيله وسحب الأموال من خلاله.
وبالتنسيق مع الجهات المختصة، تمكن فريق المباحث من تحديد المتهم ورصد صورته ومكان ماكينة الـATM التي يتم سحب الأموال منها. وبالفعل تم تحديد هوية المتهم وتحديد محيط مكانه، إلا أنه لم يتواجد في مسرح جريمته أثناء تواجد رجال المباحث بالمنطقة. ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يتم ضبطه وكشف جريمته الأولى والثانية حتى لا يضيع حق الضحية الأولى.
جريمة سفاح المعمورة الأولى
وكشف أحد شهود العيان على الواقعة لـ'أهل مصر'، أن الجثة الأولى لسيدة تبلغ من العمر 63 عامًا، وكانت زوجة للمتهم، وتمتلك شقة بمنطقة سيدي بشر شارع جمال عبد الناصر، وتم بيعها بمبلغ 2 مليون و600 ألف جنيه عن طريق المحامي المتهم. وأثناء طلبها المبلغ قيمة الشقة منه، رفض وأقدم على قتلها ودفنها بأرضية الشقة.
رحلات إلى مصر
كما أكد أن الجثة الثانية لسيدة كانت تتردد عليه في الشقة، وفي حال تواجدها كشفت سر المتهم، وواجهته بالجثة، فأسرع إلى قتلها ودفنها بجوار الجثة الأولى، خوفًا من تهديدها واكتشاف جريمته.
وحول طريقة اكتشاف الجريمة، أكد شاهد عيان أنه أثناء استقطاب المتهم إحدى السيدات لقضاء سهرة حمراء، اختلفا على مبلغ من المال، فاستغاثت تلك السيدة بسيدة أخرى، التي جاءت ومعها شاب إلى محل الواقعة (الشقة محل الجريمة) لتحاول حل الخلاف بين المتهم والسيدة. وفي تلك الأثناء، تعالت أصوات الصراخ والسباب بين الطرفين، وحال نزول أحد الشباب المقيمين في العقار، استمع بالصدفة إلى ما يدور داخل الشقة، ففطن إلى أن هناك كارثة تدور داخل تلك الشقة، فقرر استطلاع الأمر.
وفي أثناء محاولته استطلاع الأمر، اكتشف الجريمة وأبلغ رجال الشرطة الذين حضروا على الفور وتم القبض على المتهم ومن معه، وتم استخراج الجثتين ونقلهما إلى مشرحة كوم الدكة بوسط الإسكندرية.
وكانت النيابة العامة بالإسكندرية قد أمرت بندب خبراء الأدلة الجنائية لمعاينة موقع الحادث، والطب الشرعي لتشريح الجثتين وبيان سبب الوفاة وتاريخه.
وتباشر نيابة المنتزه ثان بالإسكندرية تحقيقات موسعة في واقعة العثور على جثتي سيدتين مدفونتين، وفي حالة تحلل، بأرضية شقة في الطابق الأول لعقار استأجره محامٍ بمنطقة المعمورة البلد في الإسكندرية.
وكانت الأجهزة الأمنية بالإسكندرية قد ألقت القبض على محامٍ يدعى 'رضا. أ' ومعه ثلاثة متهمين آخرين (سيدتان وشخص آخر) إثر بلاغ من مالك العقار، أفاد بأنه سمع أصوات صراخ وضوضاء غريبة صادرة من شقة المحامي المستأجر.
وعند استطلاع الأمر، وجد مالك العقار المحامي بصحبته شخص آخر وسيدتان في حالة سكر وشجار، مع ظهور علامات الارتباك عليهم جميعًا. فطلب منهم جمع متعلقاتهم ومغادرة الشقة.
وعند تفقده للشقة من الداخل، لاحظ وجود أعمال حفر ونزع للأرضية، فاتصل على الفور بشرطة النجدة.
انتقلت الأجهزة الأمنية إلى موقع الحادث، وبإجراء أعمال الحفر تم استخراج كيس أسود كبير الحجم من البلاستيك، عُثر بداخله على جثة سيدة.
وباستكمال أعمال الحفر، جرى استخراج بطانية بداخلها جثة أخرى لسيدة ثانية.
وبالمعاينة الأولية، تبين أن الجثة الأولى تعود لزوجة المحامي عرفيًا، حيث تم قتلها في موقع آخر، ثم نقلها المتهم إلى الشقة ودفنها داخل الغرفة خشية افتضاح أمره، أما الضحية الثانية فهي موكلة للمتهم، حيث قام بقتلها ودفنها بجوار الضحية الأولى في نفس الغرفة.
تم القبض على المحامي والأشخاص الذين كانوا متواجدين بصحبته، وباشرت النيابة التحقيقات.
وأمرت النيابة العامة بحبس المحامي المتهم وثلاثة آخرين 15 يومًا على ذمة التحقيقات.
وقال مصدر أمني إن القضية لا تزال قيد التحقيقات، ويتم جمع خيوطها لكشف ملابساتها.
وأشار إلى أن المحامي المتهم قادم من محافظة كفر الشيخ، وأن أمره انكشف أثناء محاولته قتل الضحية الثالثة، ولكن القدر كان له رأي آخر، حيث تم القبض عليه، وجارٍ كشف ملابسات الواقعة.