فوضى عمت الشوارع.. خارجون على القانون وبلطجية هربوا من السجون.. الأقسام الشرطية تم اقتحامها وقتل الضباط بداخلها وأشعلت النيران فيها.. مشهد مأساوي بدأ منذ 28 يناير عام 2011 لن ينساه أهالي الفيوم، خاصة أولئك الذين عاشوا لحظات الرعب خوفًا على أرواح أسرهم من الهاربين والمجرمين.
ولمواجهة هذه الفوضى اجتمع كبار العائلات في كل قرية يناقشون ما يحدث فالمجرمين انتشروا في كل مكان، وأصبحوا يتعدون على ممتلكاتهم ومنازلهم وأسرهم من الخارجين على القانون، فكان الحل الأمثل بالنسبة لهم أن يجمعوا شباب كل عائلة ويكونون لجانًا شعبية منهم تسهر ليلًا ونهارًا على حراستهم، إضافة إلى إغلاق مداخل القرى ومخارجها وعدم السماح لأحد بالمرور إلا بعد معرفة هويته وإلى أين يذهب.
دوريات حراسة
يقول ناصر عبد الفتاح، عمدة إحدى القرى التابعة لمركز إطسا، في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، إنه اجتمع مع كبار العائلة واتفقوا على تشكيل لجان شعبية من أبنائهم، ومن لديه ولدين أو ثلاثة أو أكثر أو أقل يُشارك أبنائه جميعًا، وأصبحوا يقومون بتقسيم الأوقات على دوريات الحراسة بينهم كي لا يناموا من التعب والإرهاق، وكانت نساء العائلة تقوم بعمل الطعام والشراب وتقديمه لهم.
وأشار إلى أنهم فوجئوا بجارهم المسيحي «كرم»، يأتي إليهم ويطلب منهم أن يُشارك معهم هو وأبنائه في حراسة القرية، وبالفعل وافقوا وقالوا أنهم جميعًا يد واحدة لا فرق بين مسلم، ومسيحي، ومن هنا زاد إقبال المسيحين على المشاركة معهم، كاشفًا أنهم تمكنوا من ضبط عدد كبير من الهاربين الذين حاولوا سرقة ماشية من القرية وسلموهم للقوات المسلحة وقتها.
أما أحمد ربيع، قائد إحدى اللجان الشعبية بمدينة الفيوم، فيفخر بتلك الذكريات، قائلًا: إنهم قاموا بحماية محال الذهب من السرقة، وكان أصحاب المحال يقدمون الشكر لهم كثيرًا، خصوصًا أنّ هناك محل ذهب مملوكًا شخص قبطي كاد يتعرض للسرقة لولا تدخلهم وإمساكهم باللصوص وإبراحهم ضربًا بالشوم والعصي، وسلموهم للقوات المسلحة، وقدم لهم صاحب المحل وقتها الشكر وحاول تكريمهم بمبلغ مالي كبير ولكنهم رفضوا مؤكدين أن المصريين كلهم أسرة واحدة.
تخريب المنشآت
وأوضح أحمد عبد التواب، قائد أحد اللجان الشعبية التي قامت بحماية أقسام الشرطة ومديرية أمن الفيوم ونادي الشرطة، أنّ تلك الظروف ضربت مثلًا لن يُنسى في الوحدة الوطنية والتكاتف لدى كل طوائف الشعب دون فرق بين مسلم ومسيحي، حيث قدمت اللجان الشعبية الحماية اللازمة للمنشآت والمواطنين عقب انهيار المنظومة الأمنية، وتزايد الأعمال الإجرامية من سرقة، وتخريب للمنشآت.
وشدد عبد التواب، على أنّ تلك الذكريات لن تُنسى أبدًا، حيث قاموا بتجميع عدد كبير من إطارات السيارات القديمة ليغلقوا بها الشوارع، بالإضافة إلى ملأ الأجولة بالرمال ليصنعوا بها «دُشم» وكانوا يستخدمون الشوم والعُصي للدفاع عن أنفسهم، والقليل منهم كان يمتلك أسلحة يستخدمها في الدفاع عن نفسه وعن منطقته، كاشفًا أنّه كانت هناك «روح جميلة» لن تتكرر مجددًا حيث كان يحميهم الأقباط حين يُصلون، وهم يحمون كنائس وممتلكات الأقباط أيضًا بالإضافة إلى مشاركتهم لبعضهم البعض في الطعام، مُعبرًا عن أمله في ألا تعود تلك الفوضى مجددًا أبدًا.