'الإمام محمد عبده هو ظاهرة فكرية علمية أخلاقية لها قيمة كبيرة، وهو إمام المجددين بلا منازع، وقد جاب أصقاع العالم العربي داعيًا للحرية والعدل والالتزام بتعاليم الإسلام الصحيحة' بهذه الكلمات استهل الدكتور مصطفي الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، كلمته خلال افتتاح ندوة 'تجديد الفكر المصري في العصر الحديث: الإمام محمد عبده نموذجًا'، اليوم الثلاثاء، بمشاركة عدد كبير من الأساتذة والمفكرين، وأحفاد الإمام محمد عبده من الأجيال الثالثة والرابعة والخامسة، مؤكدًا أ الإمام محمد عبده شخصية عالمية لن تتوقف الكتابات والدراسات التي كتبت عنها، فهو أرحب وأوسع من كل ما يكتب.
ندوة تجديد الفكر المصري في العصر الحديث بمكتبة الإسكندرية
وتحدث الفقي، عن فكر محمد عبده الإصلاحي، ودوره الملهم للثورة العرابية، والأجيال التي تتلمذت على يده، وكتاباته التي امتدت آثارها لعدة بلدان، إلى جانب تواصله مع مفكري الغرب ومنهم الأديب تولستوي، مؤكدًا أن هذا اللقاء يأتي في سياق اهتمام المكتبة بمسيرة تجديد الفكر المصري، وأيضًا تماشيًا مع توجه رئيس الدولة والأزهر الشريف في هذا الشأن.
ندوة تجديد الفكر المصري في العصر الحديث بمكتبة الإسكندرية
وأهدي مدير مكتبة الإسكندرية، خلال الندوة، الأستاذ أدهم إبراهيم ماضي الحفيد الرابع للإمام محمد عبده درع مكتبة الإسكندرية، تكريمًا لاسم الإمام الراحل.
كما تحدث الدكتور أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة القاهرة والعميد الأسبق للكلية، عن جوهر الفكر الإصلاحي للإمام محمد عبده، وهو الاستسلام لحكم القانون، مؤكدًا أن الدرس المستفاد من أفكار الإمام هو أن الطريق لبناء الدولة هو الإصلاح وليس الثورة، لافتًا إلى أن الإمام محمد عبده رأى أن رابطة الجامعة الإسلامية روحية تربط كيان المسلمين، أما رابطة الدولة فتقوم على أساس المواطنة.
ندوة تجديد الفكر المصري في العصر الحديث بمكتبة الإسكندرية
وأكد زايد، أنه كان رافضًا لفكرة الوصاية الدينية، وأن الحاكم ليس له سلطة دينية يحكم بها على عقائد الناس، مشددًا على أهمية النظر إلى تاريخ المجددين في النقاش الحالي حول تجديد الخطاب الديني، وطرح أفكارهم للنقاش واستخلاص الدروس المستفادة منها.
من جانبه، تناول الدكتور محمد كمال الدين، إمام أستاذ الشريعة والقانون المقارن بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية، فكر الإمام محمد عبده من زاوية منهجيته، موضحًا أن منهج الإمام كان قائمًا على ثلاثة عناصر؛ هم: صناعة الأفكار، وصناعة الكوادر التي تحمل الأفكار، وصناعة المؤسسات التي من خلالها تبقى هذه الأفكار، مشيرًا إلى أن الإمام أحدث نقلة في الفكر التشريعي لكي تنضبط الحياة الفكرية وكيف تتعامل مع الشريعة والواقع والمجتمع، وقد بدا ذلك واضحًا في تقريره لإصلاح المحاكم الشرعية.
وأضاف كمال الدين، أن الإمام محمد عبده عمل على بناء مؤسسات إصلاحية داخل البلاد، منها مدرسة القضاء الشرعي، التي نفذت على أيدي تلاميذه، وقامت على إنجاز ما يحتاجه العصر دون الانفصال عن مصادر التراث، مؤكدًا أنه كان واحدًا من الذين غيروا في صيغة الأفكار نفسها، وأنه كان يؤمن أن التجديد يجب أن يتم داخل المؤسسة الأم وهي الدولة، وأن مقاصد الشريعة ليست لصالح الأديان ولكن الإنسان.
وأشارت الدكتورة مرفت أسعد، أستاذة التاريخ الحديث والمعاصر بكلية التربية بجامعة الإسكندرية، إلي الشخصيات التي أثرت في حياة وفكر الإمام، وأبرزهم معلمه وملهمه جمال الدين الأفغاني، وأنصار الثورة العرابية الذي انضم إليهم بهدف توحيد صفوف المصريين في وجه الاحتلال الأجنبي، وأخيرًا الخديوي عباس حلمي الثاني الذي شن حربًا ضروسًا ضد الإمام ظنًا منه أنه كان عائقًا أمام طموحاته.
جدير بالذكر أن اللقاء جاء ضمن فعاليات مجلس الطهطاوي للتنوير بمكتبة الإسكندرية الذي يهتم بمسيرة تجديد الفكر المصري ودور أعلام النهضة ورواد التنوير في العصر الحديث، بالتنسيق مع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة.