بات تحقيق المؤسسات التعليمية لأعلى مستوى ممكن من التميز والإتقان أمرا ضروريا ومطلبا ملحا لايمكن تجاهله أو عدم العناية به لما له من أهمية كبرى في تطوير التعليم وخصوصا أننا أصبحنا نعيش فى عصر التطور والتغيير عصر الثورة الرقمية والتقدم التقنى والتكنولوجي، عصر لايؤمن إلا بالأكفاء المبدعين سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات ، وخصوصا فى ظل التنافسية الدولية وتغيير متطلبات سوق العمل بصورة كبيرة . لقد أصبح سوق العمل لايعترف إلا بالخريج الكفءالذى يمتلك مهارات ومعارف وخبرات عديدة . وهذا كله يستوجب علينا جميعا إيجاد طرق التكيف و مسايرة متغيرات هذا العصر ومتطلباته والتعامل معها بصورة مستمرة وعلى رأسها تحقيق التميز والإتقان في الأداء ، ولذلك فقد أصبح من الضروري على المؤسسات التعليمية الاتجاه بقوة نحو صناعة التميز وأن توجه وتسخر كل إمكاناتها البشرية والمادية في سبيل تحقيق الجودة الشاملة في الأداء المؤسسي. وهنا سؤال يفرض نفسه
كيف يمكن للمؤسسات التعليمية المختلفة أن تصنع التميز وتحقق الجودة الشاملة في الأداء المؤسسي؟ لقد أصبحنا بين الحين والأخر نسمع عن مؤسسات تعليمية قد نالت شهرة كبيرة جدا؛ لما حققته من إنجازات مستمرة ساهمت فى تطوير التعليم وكانت لها دور كبير فى جذب الطلاب وتحبيبهم فى المدرسة ،ولما تركته من بصمات نجاح على أرض الواقع، ولما قدمته من إسهامات وأعمال متميزة وفريدة للمجتمع، ولكن هل سألنا أنفسنا ذات يوم ما السر الذي يكمن وراء تميز مؤسسة دون أخرى؟
إِنَّ السر يكمن في أَنّ َالمؤسسات المتميزة أدركت سر صناعة التميز المؤسسي وسارت على دربه خطوة وراء الأخرى حتى حققت التميز والجودة المرجوة ، وصناعة التميز المؤسسي تمر بخمس مراحل وخطوات متتابعة حتى تحقق المؤسسة أعلى مستوى ممكن من جودة الأداء بها.
وسأتناول هنا بشكل سريع المراحل الخمس لصناعة التميز المؤسسي
١ - بالنسبة للمرحلة الأولى في صناعة التميز
فهي المرحلة التي يتم فيها تشكيل فريق داخل المؤسسة لقيادة جودة الأداء وتطوير الأداء المؤسسي بها، وعلى هذا الفريق القيام بعمليات التوعية اللازمة لأهمية تحقيق التميز والإتقان في الأداء وعليه أن يبني ثقافة داعمة للتطوير المؤسسي بدعم من الإدارة العليا للمؤسسة، وعليه كذلك أن يضع التصورات والخطط الشاملة لتحقيق تطوير الأداء المدرسي بما يلبي تطلعات منتسبيها والمجتمع بصورة عامة.
٢- أما المرحلة الثانية في صناعة التميز المؤسسي
فهي مرحلة التقييم الذاتي للمؤسسة، ولا شك أن هذه الخطوة وتلك المرحلة تعد الأهم والأخطر نحو تحقيق التميز وجودة الأداء المطلوب داخل المؤسسات، فمن خلال عملية التقييم الذاتي تستطيع المؤسسة التعرف على مواطن القوة ومواطن الضعف في مختلف مجالات العمل بها، وتكمن قوة التقييم الذاتي أيضا في أنه يُمكّن كل مؤسسة من التعرف على وضعها الحالي وإمكاناتها وقدراتها المختلفة، وكذلك احتياجاتها ومتطلباتها نحو تحقيق التميز والجودة المطلوبة في الأداء، استنادا إلى مرجعية معايير ضمان الجودة. ففي هذه المرحلة يتم تحديد نقاط القوة في الأداء والتي تحتاج إلى تعزيز ودعم لضمان استمراريتها، ونقاط الضعف والخلل والتي تحتاج إلى تطوير وتحسين بهدف التخلص منها وتحويلها إلى نقاط قوة.ومن الضروري أن يتم التقييم الذاتي للمؤسسة بصورة واقعية ومنطقية على أرض الواقع بدون مجاملات أو تغيير للحقائق وما شابه ذلك، ولكي يتم ذلك بالصورة المطلوبة يجب أن يتصف فريق العمل المدرسي والذي سيقوم بمهام التقييم بروح الأمانة والموضوعية والإلمام بماهية التقويم وأهدافه وكذلك معايير الجودة والتقييم والتميز المطلوب الوصول إليه، وأن يكون لديهم الفهم الثاقب والخبرة اللازمة في هذا المجال وكذلك الرغبة الملحة في التطوير والتحسين المستمر للمدرسة وتحقيق معايير ضمان الجودة في الأداء.
٣- المرحلة الثالثة في صناعة التميز المؤسسي
فهي مرحلة تحديد الضروريات للتطوير المؤسسي، وتأتي هذه المرحلة بعد مرحلة التقييم الذاتي، والتي تم فيها معرفة جوانب القوة في الأداء المؤسسي، والجوانب التي تحتاج إلى تطوير وتحسين وفقا للأهمية والاحتياج والمصلحة العامة.
٤-أما المرحلة الرابعة في صناعة التميز المؤسسي
فهي مرحلة تصميم وإعداد الخطة الإجرائية لتطوير الأداء المؤسسي، وهنا يتم تشكيل فريق العمل القادر على بناء مثل تلك الخطط، وتحديد الجدول الزمني اللازم لإدارة هذه الخطة وتنفيذها، وتحديد الأهداف العامة للتطوير المدرسي، ومستويات الأداء المتوقع بلوغه بنهاية تحقيق وتنفيذ الخطة على أرض الواقع، وكذلك تحديد إستراتيجيات العمل وتوزيع الأدوار والمسؤوليات وتحديد مؤشرات النجاح في تحقيق أهداف الخطة والوقت اللازم للتنفيذ والمتابعة.
٥-أما المرحلة الخامسة في صناعة التميز المؤسسي
فهي مرحلة متابعة وتقويم للأداء المرتبط بتنفيذ الخطة الإجرائية لتطوير المؤسسة ، وهنا يتم تشكيل فريق متابعة وتقييم الأداء، وتوعيته بأساليب متابعة وتقييم الأداءات وفقا للأنشطة الموجودة بالخطة، وكذلك الاتفاق على آليات وأدوات المتابعة اللازمة، والاتفاق حول نوعية الأداءات والشواهد والأدلة المطلوب متابعتها والتأكد من توافرها على أرض الواقع وكيفية تحليلها وتقييمها لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها وذلك لضمان استمرارية تطوير الأداء بهدف الوصول لأعلى مستوى ممكن فى المؤسسة التعليمية . نحن فى حاجة ملحة إلى التميز المؤسسى فى مدارسنا كى نحقق ماتسعى إليه الدولة .
عبدالعظيم هلال
خبير تربوي وباحث