منذ ظهور فيروس كورونا المستجد (سارس كوف 2) المسبب لمرض (كوفيد-19) بالصين في وقت سابق أواخر ديسمبر الماضي، خاضت دول العالم سباقا محموما من أجل تطوير لقاح مضاد لهذا الوباء العالمي، وخرجت بعض البلدان مؤخرا معلنة فوزها بهذا السباق وتسجيل أول لقاح مضاد للفيروس في العالم، وأخرى أعربت عن تفاؤلها بالوصول إلى لقاح ضده بحلول نهاية العام الجاري، ودول ثالثة استثمرت مليارات الدولارات في هذا الشأن، فما أبرز الأطراف التي تعمل حاليا على تطوير لقاح لكورونا، وما طبيعة تلك اللقاحات التي تطورها؟.
وما زال معظم هذه التجارب في 'المرحلة الأولى' التي تهدف بشكل أساسي إلى تقييم سلامة المنتج، أو 'المرحلة الثانية' حين يتم بالفعل استكشاف مسألة الفعالية. بينما هناك خمسة لقاحات منها فقط في 'المرحلة الثالثة' الأكثر تقدما، حين تقاس الفعالية على آلاف المتطوعين، وهذا ينطبق على اللقاحات التجريبية التي طوّرتها شركتا بيونتك الألمانية وفايزر الأمريكية، ومختبرات مودرنا الأمريكية ومختبرات سينوفارم وسينوفاك الصينية وجامعة أكسفورد بالتعاون مع أسترازينيكا البريطانية.
أمريكا
تراهن حكومة الولايات المتحدة على العديد من اللقاحات التجريبية وقد استثمرت مليارات الدولارات في برامج مختلفة للحصول على 300 مليون جرعة لقاح.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء الماضي عن عقد بقيمة 1.5 مليار دولار مع شركة مودرنا الأمريكية لقاء 100 مليون جرعة من لقاح اختباري تطوره، وهو سادس عقد من نوعه منذ مايو الماضي.
وقال ترامب 'لقد توصلنا لاتفاق مع مودرنا لتصنيع وتقديم 100 مليون جرعة من لقاحهم المحتمل لفيروس كورونا'، مضيفا 'ستمتلك الحكومة الاتحادية تلك الجرعات من اللقاح، إننا نشتريها'.
يشار إلى أن شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية مودرنا في المرحلة الثالثة من التجارب على لقاحها المحتمل.
وأضاف ترامب موضحا أن الحكومة الأمريكية تدخل أيضا في شراكة مع شركة 'جونسون أند جونسون' وعدة شركات أمريكية أخرى لدعم إنتاج لقاحاتها على نحو واسع النطاق.
روسيا
يوم الثلاثاء الماضي، ودون كشف موسكو عن الدراسات المفصلة لنتائج تجاربها السريرية التي تسمح بالتأكد من نتائج اللقاح، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين تسجيل بلاده أول لقاح في العالم ضد كورونا.
وأعلن رئيس الصندوق السيادي الروسي كيريل ديمترييف، أن نحو 20 دولة حول العالم طلبت مليار جرعة من لقاح 'سبوتنيك في' ضد فيروس كورونا، بشكل مسبق، والذي تم إنتاجه وتطويره محليا.
وبينما لم تكشف موسكو عن هوية الدول الـ 20، أعلنت الفلبين الخميس الماضي أنها سوف تنضم إلى المرحلة النهائية من التجارب السريرية للقاح فيروس كورونا الروسي اعتبارا من أكتوبر.
ونقلت وكالة 'بلومبرج' للأنباء عن المتحدث الرئاسي هاري روكي أن لجنة من الخبراء الفلبينيين سوف تراجع نتائج ما خلصت إليه روسيا مبدئيا بشأن اللقاح قبل بدء التجارب على نطاق واسع على البشر. وقال إن روسيا سوف تمول المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في الفلبين.
ووقّعت روسيا مذكرة تفاهم مع ولاية بارانا البرازيلية الأربعاء الماضي للتعاون في تطوير لقاح لفيروس كورونا المستجد، حسبما ذكرت وسائل إعلام برازيلية.
وتعمل حكومتا روسيا وبارانا الآن معا لاختبار وإنتاج لقاح 'سبوتنيك في'، بينما يتم التفاوض على نقل تقنية تطوير اللقاح، وسيتم تشكيل مجموعة عمل للسماح لموسكو بمشاركة نتائج تجارب المرحلتين الأولى والثانية للقاح مع ولاية بارانا ومع الحكومة البرازيلية.
وقال خورخي كالادو، رئيس معهد التكنولوجيا 'تيكبار' في كوريتيبا، إنه قد تتم تجربة المرحلة الثالثة في بارانا لاختبار اللقاح على عدد كبير من الناس.
ألمانيا
أعلن معهد باول أيرليش المسؤول في ألمانيا عن إصدار تصاريح اللقاحات عن تفاؤله بالوصول إلى لقاح ضد كورونا في نهاية العام الجاري.
وقال كلاوس سياشوتيك رئيس المعهد الأحد الماضي 9 أغسطس الجاري إن التصاريح الأولى ستصدر في نهاية العام أو في بداية العام المقبل شرط أن تنجح المرحلة الثالثة من اختبار البيانات التي تؤكد هل اللقاح يحمي بالفعل من الإصابة.
وكان رئيس المعهد الألماني قد صرح في وقت سابق من الأسبوع الماضي للقناة الألمانية الثانية (ZDF.. Zweites Deutsches Fernsehen) بأنه متفائل جدا وبأن أخبارا سارة سيعلن عنها قريبا.
الأرجنتين والمكسيك وبريطانيا
قال الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز الأربعاء الماضي، إن الأرجنتين والمكسيك ستشتركان في إنتاج ملايين الجرعات من لقاح لفيروس كورونا الذي طوّرته جامعة أكسفورد البريطانية مع شركة الأدوية العملاقة 'أسترا زينيكا' لأمريكا اللاتينية.
وأضاف فرنانديز أن بلاده والمكسيك ستكونان مسؤولتين عن إنتاج اللقاح الذي طوّرته الجامعة البريطانية المرموقة ومجموعة الأدوية السويدية البريطانية في أمريكا اللاتينية بمجرد حصولهما على الموافقة التنظيمية.
وقال إن أسترا زينيكا وقعت اتفاقا لإنتاج ما بين 150 إلى 250 مليون جرعة لجميع دول أمريكا اللاتينية باستثناء البرازيل، وسيكون ذلك متاحا في النصف الأول من عام 2021.
وأثبتت تجارب شملت أكثر من ألف شخص أن اللقاح آمن وينتج مناعة، وحجزت بريطانيا بالفعل 100 ألف جرعة من اللقاح الذي يخضع حاليا للمرحلة الثالثة من التجارب.
الهند
تعمل الهند على تطوير لقاح اسمه 'كوفاكسين' (Covaxin)، عبر شركة 'بهرات بيوتيك إنديا' (Bharat Biotech India) بالتعاون مع المعهد الوطني للفيروسات في الهند (National Institute of Virology) التابع للمجلس الهندي للأبحاث الطبية (Indian Council of Medical Research).
لقاح كوفاكسين هو 'لقاح معطل' (Inactivated vaccine)، أي تم صنعه باستخدام جزيئات من فيروسات كورونا تم قتلها، مما يجعلها غير قادرة على العدوى أو التكاثر.
الصين
واليوم الاثنين، منحت الصين أول براءة اختراع للقاح ضد (كوفيد-19) يطلق عليه اسم (إيه.دي.5-إن.كوف)، وتم تطويره بالتعاون بين شركة الأدوية الحيوية الصينية المبتكرة (كانسينو بيولوجيكس) ومعهد بكين للتكنولوجيا الحيوية التابع لأكاديمية العلوم الطبية العسكرية.
وذكرت الإدارة الوطنية للملكية الفكرية (هيئة تنظيم الملكية الفكرية بالصين)، في بيان اليوم الاثنين، أن براءة الاختراع تم إصدارها في 11 أغسطس الجاري، وأنه يمكن إنتاج اللقاح على نطاق واسع في وقت قصير في حال حدوث تفشي للمرض.