أدت موجة الاحتجاجات الأخيرة في غرب ليبيا والازمات التي حدثت داخل حكومة الوفاق الوطني في طرابلس الغير شرعية إلى الضغط على فايز السراج، الذي من المتوقع أن يعلن استقالته هذا الأسبوع ويتولى دور تصريف الأعمال على الوظائف الحكومية، تأتي هذه الأنباء بعد أن دعم فايز السراج التدخل العسكري التركي في شؤون بلاده، ودعمه لميليشيات ارهابية ضد الجيش الليبي الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، الآن تثار تساؤلات حول الاتفاقات السابقة والمستقبلية بين أنقرة وطرابلس.
ماذا يحدث في ليبيا؟
خلال الساعات الماضية، فأجأ رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، الجميع بإعلان رغبته بتقديم استقالته من رئاسة الحكومة الليبية، مضيفا أنه يرغب بتسليم مهامه إلى السلطة القادمة، في موعد أقصاه نهاية أكتوبر المقبل.
وقال السراج في كلمة على التلفزيون، إنه 'على الرغم من القناعة بأن الانتخابات الشاملة هي الخيار الأفضل للوصول إلى حل شامل، فإنه يدعم أي تفاهمات أخرى غير ذلك'، كما دعا السراج لجنة الحوار الوطني إلى 'الإسراع بتشكيل السلطة التنفيذية من أجل ضمان انتقال سلمي للسلطة'.
وبعد إعلان السراج رغبته في الاستقالة، بدأ الكثيرون يستاءلون كيف سيصبح شكل المشهد السياسي في ليبيا مع غياب رجل حكومة الوفاق القوي؟، هل ستتعقد المباحثات مع المعسكر الشرقي أم تتسارع؟، وفقاً لموقع المونيتور الأمريكي.
أسباب استقالة فايز السراج من رئاسة حكومة طرابلس الغير شرعية
استقالة أم إقالة!
وقال الموقع الأمريكي نقلاً عن مصادر داخل ليبيا، إن رئيس الحكومة فايز السراج سيقدم استقالته على خلفية توجهات دولية لتشكيل مجلس رئاسي جديد، حيث أن هناك ترتيبات دولية لتشكيل مجلس رئاسي جديد والسراج تم الضغط عليه لتسوية المشهد السياسي في ليبيا سريعا قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في 3 نوفمبر.وأضاف الموقع، أن السراج سيستمر لكنه سيبقى لتسيير الأعمال حتى تكوين مجلس رئاسي جديد نهاية أكتوبر المقبل، مشيرا أن عليه مغادرة المشهد، و من المتوقع أن تتم استقالة السراج بتنسيق مع تركيا، وأن السراج كان في البحرين، ومن غير المستبعد أن يكون ذهب إلى تركيا فعلا.
خلال الأسابيع الماضية، ارتفعت وتيرة الخلاف والانقسام داخل حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، وخاصة بعد تزايد الخلاف بين السراج ووزير الداخلية فتحي باشاغا، ويرى باحثون أن هناك صراع سلطة كبير بين السراج وباشاغا، وخاصة أن باشاغا عاد إلى منصبة بعد أيام من عودته من تركيا أكبر داعم لحكومة الوفاق.
الخلاف مع باشا آغا
كان باشاغا قد عاد إلى منصبة في وزارة الداخلية بعد ساعات من قرار السراح بإقالته وإحالته للتحقيق على خلفية الاحتجاجات والاشتباكات التي وقعت بين المتظاهرين وقوات الأمن في طرابلس، بعد أن طوقت ميليشيات مصراتة الموالية له، مقر حكومة طرابلس أثناء التحقيق معه في مشهد وصفه البعض بـ 'استعراض القوة'، وتحدي واضح للسراج.
وبعد استقالة 'السراج سيصبح المشهد أكثر ضبابية وأكثر تعقيدا في طرابلس، بسبب الخلاف بين ميليشيا مصراتة وطرابلس، والصراع على الكراسي في الحكومة.
بينما على مستوى المفاوضات مع الشرق الليبي، حيث إنه بالنسبة لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الذي يتحرك بمفرده، فإن الأمر لن يختلف كثير وسيتفاوض مع أعضاء الإخوان والميليشيات، أما قوات الجيش الوطني بقيادة حفتر، فسيكون أكثر تعقيدا لأنه ترفض التفاوض مع الميليشيات أو جماعة الإخوان المسلمين.
وإذا ثبتت صحة التقارير حول استقالة السراج الوشيكة، فإن الاتفاق البحري إلى جانب نقاط أخرى للتعاون بين أنقرة وطرابلس قد يكون معقدًا بسبب الاضطرابات في المجال السياسي الليبي.
اتفاقية اردوغان الموبوءة
في نوفمبر 2019، وقع فايز السراج المثير للجدل اتفاق مع أنقرة ترسيم حدود بحرية مشتركة في البحر الأبيض المتوسط الشرقي في منطقة تطالب بها اليونان، ومنذ ذلك الحين، استخدمت أنقرة الاتفاق كأساس لإجراء أنشطة التنقيب عن الغاز في المياه المتنازع عليها، مما زاد التوترات بين تركيا والعديد من الدول الأوروبية في الأشهر الأخيرة.
وقال جليل حرشاوي، الباحث في معهد كلينجينديل الذي يركز على ليبيا للمونيتور: 'تركيا لديها ورقة واحدة فقط تتعلق بالاتفاق البحري، وقد تحمل اسم السراج'، مضيفا: 'إذا استمر الضغط لتنفيذ الاستقالة، فلن تكون لدى تركيا خطة أخرى'.
وفي أواخر أغسطس، خرج المتظاهرون إلى الشوارع في مصراتة والزاوية وطرابلس للتظاهر ضد الفساد الحكومي وتدهور الأوضاع المعيشية في ظل انقطاع متكرر للكهرباء والمياه، وبعد التوترات الداخلية التي أدت إلى إغلاق على مدار الساعة، علق السراج وزير داخلية حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا أثناء زيارته لتركيا، على الرغم من إعادة باشاغا لمنصبه لاحقًا.
وسلط الخلاف العام الضوء على الخلاف داخل حكومة الوفاق الوطني قبل المفاوضات في جنيف الشهر المقبل والتي ستسعى إلى إرساء الأساس لهيكل حكم جديد في ليبيا.