إثيوبيا نحو الحرب الأهلية.. لماذا لم ينجح هجوم آبي أحمد على "تيجراي"؟ وما قيمة الإقليم اقتصاديا؟

إثيوبيا
إثيوبيا
كتب : سها صلاح

إعلان رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد عن هجوم نهائي يستهدف عاصمة إقليم تيجراي بالطائرات والمدفعية الثقيلة قد يؤدي لحسم سريع، لكنه يمكن ألا ينجح أو يتحول لحرب أهلية لن يطيق بها ذرعاً آبي أحمد، خاصة بعد قصف قوات إقليم تيجراي أهم مطارات للجيش الأثيوبي، وفقاً لصحيفة 'الجارديان' البريطانية.

حرب شوارع طويلة الأمد

كان القتال بين القوات الفيدرالية الحكومية من جانب والموالين للحزب الحاكم في المقاطعة المضطربة على الجانب الآخر فوضوياً، حيث قُتل المئات، من مقاتلين ومدنيين، وأجبر الآلاف على الفرار من منازلهم، وأبدت القوى الإقليمية والدولية قلقها المتزايد، لأن العنف الدائر يهدد استقرار واحدة من أكثر المناطق هشاشة وعرضةً للتفكك في إفريقيا.

لكن، من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في خطاب وجهه إلى الشعب الإثيوبي قبل خمسة أيام، إن هجوماً 'نهائياً وحاسماً' على وشك الانطلاق، والهجوم المقصود يهدف إلى السيطرة على عاصمة إقليم تيجراي،وفُهم من ذلك ضمنياً أن ما يسميه آبي أحمد وغيره من كبار المسؤولين الإثيوبيين بـ'عملية إنفاذ القانون' ستكون قد تمت وأصبحت مفروضة على الأرض.

القضاء على قادة تيجراي

ويتمثل الهدف الاستراتيجي لآبي أحمد في الإطاحة بحزب تيغراي الحاكم 'جبهة تحرير شعب تيجراي'، التي مضت قدماً في عقد الانتخابات المحلية هذا العام بعد تأجيل الانتخابات الوطنية بسبب جائحة كورونا.

فيما جاءت هذه الخطوة في أعقاب سلسلة طويلة من الخلافات المتفاقمة حدةً بين الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، التي تقول إنها تعرضت للتهميش المتعسف منذ تولي آبي أحمد السلطة قبل عامين، والحكومة المركزية، ومع ذلك، فقد قال آبي أحمد مراراً وتكراراً إنه ليس لديه ضغينة ضد شعب تيجراي، بل فقط مع قيادته التي يصفها بـ'الإجرامية'، وإنه يعتبرهم جميعاً مواطنين متساوين في الحقوق في إثيوبيا الفيدرالية.

وربما فاقم ارتيابهم العنفُ الذي ارتكبته قوات الحكومة في الأسابيع الأخيرة، بالإضافة إلى بعض الإجراءات والخطابات التي صاحبت ذلك، وبالطبع الإنذار الصارم الذي أصدره كبار المسؤولين العسكريين يوم الأحد 22 نوفمبر لنصف مليون مدني يعيشون في ميكيلي، أن: انأوا بأنفسكم عن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي وإما خاطروا بالموت تحت القصف والضربات الجوية عندما تمضي القوات الفيدرالية قدماً لاقتحام المدينة.

السيطرة على ميكيلي ليست نهاية المطاف

سيناريو الحرب الطويلة على الأرجح لن يحظى بشعبية كبيرة مع الإثيوبيين عموماً ولا القوى الإقليمية والمستثمرين وغيرهم من الأصدقاء الدوليين المهمين،لكن كما سبق أن اكتشف عدد لا يحصى من القادة السياسيين، فإن حتى الحروب السريعة قد تتحول بسهولة إلى حروب طويلة الأمد، وهناك تقارير موثوقة تفيد بأن القتال مستمر في الأراضي التي كان من المفترض أن يتم تأمينها بسرعة من القوات الحكومية لأن الموجة الأولى من القوات اخترقت دفاعات تيغراي وتوغلت دون توقف لحسم الأمور وإرساء الاستقرار.

ويبدو أن الميليشيات والقوات شبه العسكرية الفيدرالية تعاني مع هجمات الكر والفر التي يشنها مقاتلو تيجراي ذوو التسليح الخفيف والتمرس والدوافع الوجيهة بالنسبة إليهم.

والقصة هنا ترجع إلى أن هذه الحرب في حقيقتها هي معركة للسيطرة على اقتصاد إثيوبيا ومواردها الطبيعية ومليارات الدولارات التي تتلقاها البلاد سنوياً من المانحين والمقرضين الدوليين، فالوصول إلى تلك الثروات يقع بحكم الوظيفة في يد من يرأس الحكومة الفيدرالية، التي كانت تسيطر عليها الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي لما يقرب من ثلاثة عقود قبل أن يتولى آبي أحمد السلطة في أبريل 2018، بعد احتجاجات واسعة النطاق ضد الحكومة التي كانت تقودها جبهة تحرير تيجراي.

بعبارة أخرى، هذا ليس صراعاً حول من يحكم تيجراي، وهي منطقة صغيرة لا يمثل سكانها سوى 6% من سكان إثيوبيا البالغ عددهم 110 ملايين نسمة، إنها معركة حول من يملك زمام السيطرة على اقتصاد البلاد.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً