'فاجعة النيران تلتهم كل الجوار؟ كم سيقطع رزق عاملاً هنا ؟ بل كم هي حجم الخسارة ؟! الآلاف أم بعض الملايين؟ .. وكأن اللحظات هنا تمر كالدهر، هنا حيث الدمار وسط أجواء معبّأة برائحة الحريق، وقف العشرات أمام سوق 'التوفيقية' ' بوسط القاهرة، حيث اندلع حريق هائل و يجول فى خيالهم الحزن من كل اتجاه، بعدما وجدو اختلط بالنيران بكل البضائع.. 'ملايين راحت على الأرض وبقت رماد' .
المتهم
انطلقت شرارة الحريق الأولى في بزوغ فجر اليوم الجمعة، واستمرت حتى عصر اليوم، المدة التى غيرت فيها ملامح المحلات التجارية وتحولت تفاصيلها رمادا، ووصلت خسائرها بالملايين، بعدما التهمت قوت عشرات العاملين بعدما تكدس قوتهم بسبب أزمة كورونا ، وحوّلت كل ما فيه إلى رماد، ليقف أصحاب المحلات المحترقة في حيرة وعجز، يبكون خسارتهم ' النار اكلت كل حاجه .. عوضنا عليك يا رب ' عبارة قالها م.ع صاحب أحد المحلات.
كانت الفترة الزمنية الكبيرة التي استغرقها هذا الحريق، كافية لتخترق جعبة ذاكرة الحاضرين، يخاطرهم أطياف الخيالات ما بين الديون وما ينتظرهم فيما بعد، هل ستصيبهم لعنة العجاف من القوت اليومي أما قحت بضائعهم يرغمهم بيوتهم في حالة عجز وحزن.
حريق سوق التوفيقية
'محدش قدر يعمل حاجة، المنظر كان صعب علينا '، وفقا لما يقول أحد أصحاب المحلات، تحفّظ على ذكر اسمه، ويستطرد قائلاً: 'أثار مشهد الحريق رماداً على ملابس أصحاب المحال، حينما كانوا يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه من البضائع السليمة، وينقلونها إلى مخازن آمنة'.
على الجانب الآخر، كانت أبطال رجال الحماية المدنية، على قدم وساق، تعلق أعين الجميع بهم، كانت النيران وكأنها جمر حي لا يتوقف ولا يشبع، الأمر الذي جعل رجل من رجال الاطفال يقتحم أعلى طوابق أحدي المحلات، ليهب بحمل السلم الهيدروليكي إلى الطابق العلوي، محاولاً كسر واجهة إحدى المحلات، لكي يساعده الواقفون أسفل العقار وأعلى سلم المشاة بإلقاء، لكنه سرعان ما يعلو الصراخ مجدد مع اشتعال النيران في محل آخر 'اشتعل محل جديد.. أخلوا المكان بسرعة'، خرجت الجملة من فم أحد الواقفين، كان نهار الجمعة قد انتصف حينذاك.
حريق سوق التوفيقية
في الناحية الموازية لإحدى المحلات الذي احترق، وقف أصحاب المحلات التجارية يدونون بياناتهم وحجم خسائرهم لدى الجهات المختصة وموظف الحي ، ويستطرد أحدهم و تطارده الدمعة على خديه: 'عوضنا على ربنا، كل حاجه بقت رماد وضعنا'، موضحا فيما بعد أن خسارة مادية كبيرة، لن تتوقف عند أصحاب المحلات بالعقار فقط؛ بل تُلقي بظلالها على حركة البيع والشراء بالشارع التجاري.
مشاهد لن ينساها الواقفين ابدا انتهت بعد مرور 10 ساعات من صراع مع النيران، لتغمر أرضيته المياه، وأغلق بائعيها محلاتهم، لتختتم كل عبارات على ألسنة المتضررين 'الحمد والشكر لله'، معللين ذلك بعدم تخلف الحريق وراءه حالة وفاة واقتصر الأمر على خسارة والرماد.
حريق سوق التوفيقية
'الحريق بفعل فاعل' كلمات كانت واقعة أشبه بالصاعقة، حين أدلى المتهم بواقعة إضرام النيران بعدد من المحال التجارية بسوق التوفيقية بوسط القاهرة باعترافات تفصيلية حول الحادث بوجود خلافات مالية بينه وبين أبناء عمومته ناتجة عن بيع أحد المحلات 'تحت الإنشاء' الكائنة بالمكان.
وأضاف المتهم أمام جهات التحقيق أنه قام بالحصول على كمية من البنزين من صاحب توك توك عقب إيهامه بأنه سائق 'توك توك' وتعطلت مركبته، وتوجه لمحل البلاغ وسكب البنزين وأضرم النيران فى بعض الفاترينات الخاصة بأبناء عمومته الكائنة بمحل البلاغ، إلا أن الحريق امتد على النحو المشار إليه، ولاذ بالفرار.