ترك طفولته وارتدى عباءة الرجولة مبكرًا، بابتسامة جميلة فيها براءة الأطفال و يد صغيرة تمسك 'بنسة' ترك عليها الزمن بصماته بقسوته وأمل فى مستقبل أفضل، سطر الأسطى بلية، الطفل البورسعيدي، قصة كفاح تستحق أن تكتب بحروف من ذهب.
'نعم أنا بلية وممدش ايدي لأي حد'
'نعم أنا بلية وموجود هنا بسبب 'لقمة العيش' ولا أمد يدي لأي شخص، بل أكل من عرق جبينه'، هكذا بدأ الطفل أحمد رمضان الرفاعي صاحب الـ 16 عامًا كلامه حديثه لـ'أهل مصر'، مضيفا أنه يعمل فى ورشة صغيرة عبارة عن تروسيكل موجوده به بعض المعدات لتصليح السيارات بمنطقة حرفيين الزهور، يرعاه و يتبناه الأسطى تامر عفشه الشهير 'بأبو حنين' الذى يحافظ عليه من 'الهواء الطاير' ويعتبره سنده وابنه الكبير
وعلى ناصية بجوار فن البط بمنطقة الحرفيين يقضى "بلية" يومه منذ الساعة التاسعة صباحًا وحتى التاسعة مساءا، حيث يفطر ساندوتشات "فول وطعمية"، ويتغذى رغيف حواوشى أو من على العربات المتواجدة بالشارع، مضيفًا: "مش حارم نفسي من حاجة".
الطفل 'بليه' يحلم بأن يكون صاحب ورشة ميكانيكا
يروى بلية قصة حياة أسرته وهو فرد منها بل يكاد أن يكون هو ظل و سند والده، حيث قول إن له ثلاثة أخوات، وبنتين إحداهما تزوجت والأخرى "مخطوبة" وتحتاج إلى "شوار الزواج"، وأخيه محمد الأصغر منه بالصف السادس الابتدائى لا يختلف عنه حيث يعمل أسطى ميكانيكي في ورشة مجاورة، بينما والده الصياد الذي يسرح لجلب رزق يومه وقوت أبنائه، صياد صغير يسعى لتزويج ابنته الثانية، ويعول أسرة من خمسة أفراد تعيش بمنطقة القابوطي بحي الضواحي.
الطفل 'بليه' يحلم بأن يكون صاحب ورشة ميكانيكا
'لم أخجل من عملي وملابسي والعمل عبادة وأمنية حياتي افتح ورشة ميكانيكا'
يساعد 'بلية' والده فى شوار أخته، حيث يذهب كل يوم يفتح يد والدته ويضع فيها مكسبه من عمله بالورشة، ورغم أنها أموال بسيطة لكنها 'تغنيهم عن السؤال'.
'ايد على ايد بتساعد، واليوم بيعدي و ربك سترها'، كلمات تعود بلية أن يسمعها من والده ووالدته تعينه على أن يتحمل المسؤولية و و طفل صغير، ينظر إلى الأطفال وهم يلهون ويلعبون، لكنه يبستم ولا يحزن فهو يوفر لنفسه كل مستلزماته و يوفر لأسرته أيضًا مكسبه اليومي 30 جنيه.
كما أنه كل أخر أسبوع يحصل من الأسطى تامر على 350 جنيه، مضيفًا: 'رزق من الله، ولم أشعر بأنني محروم من شيء، لم أخجل من ملابسي التي تكتسي بالشحم، ورائحتي التي تفوح بالزيوت والعرق، فالعمل عبادة'.
وأحمد صاحب الـ 16 عامًا لم يعيش طفولته، فيده بها تجاعيد وملابسه يكسوها الشحم، وفرحته اختفت مبكرًا، لكن هذا الطفل الصغير يبتسم وكل أمل في مستقبل رائع وجميل حيث يقول: "إن شاء الله لما أخد شهادتي وأنا شاطر في المدرسة، ممكن التحق بالثانوي الفني صناعي قسم ميكانيكا، وابقى ميكانيكي بشهادة قد الدنيا، وأمنية حياتي افتح ورشة ميكانيكا عشان أعوض أمي وأبويا وأخواتي بكل حاجة، الحمد لله احنا مستورين، وكان لازم كلنا نساعد بعض".
الطفل بليه: العمل عباده
فى عيد الأم يفكر كيف يدخل البهجة والفرحة على قلب والدته، فيقول بلية: 'احوش فلوس كده على جنب، وأذهب اشتري لها شال جميل للخروج أو عباية، ما هي مستحملة معانا وصابرة، وأنا ربنا بيرزقنى بدعواتها'.
الطفل الكبير 'بليه' نفسى افرح ابويا و امى
'الأسطى تامر عفشة: زي ابني وبيصعب عليا وبيفكرني بطفولتي'
يقول الأسطى تامر عفشة: 'أعتبر أحمد بلية ابني، هو أخو بناتي الأتنين، وهم أصغر منه، وبخاف عليه ودايما انصحه أنه يكون في حاله، وملوش دعوة بالأطفال اللى ممكن تشرب سجاير، أو أي حاجة تانية، وهو فعلا ملتزم'.
وأضاف الأسطى تامر: 'أنا علمته الصنعة علشان تكون سلاح فى ايده بجانب شهادته، فى أيام الدراسة بيخرج من المدرسة ويأتى الورشة، وأنا براعي ذلك وأقوله يروح بدري لأنه بيصعب عليا، بشوفه راجل كبير وبيفكرني بطفولتي لأني شقيت مثله من صغري، لذلك أشعر به'.
واختتم حديثه قائلاً: 'أتمنى أنه يكون أحسن واحد فى الدنيا، ويكفي أنه لم يعش طفولته، انا مليش عيال صبيان، وهو إن شاء الله هيكون سندي فى الدنيا، وأنا فخور به، وربنا إن شاء الله هيكرمه بكل خير'.
الطفل 'بليه' يحلم بأن يكون صاحب ورشة ميكانيكا