تحديات متعددة تمر بها دول الشرق الأوسط، على رأسها قضية الإرهاب، و التدخلات الأجنبية، خاصة تركيا وإيران، وفي الآونة الأخيرة طغت أن السطح أزمة سد النهضة والقضية الفلسطينية، وجميع تلك المحاور كانت حوار جريدة 'أهل مصر' مع اللواء 'محمود خليفة' مستشار الأمين العام لجامعة الدول الدول العربية للشؤون العسكرية، ومحافظ الوادي الجديد الأسبق، وتطرق الحوار إلى أهمية إعلاء المصلحة القومية العربية فوق أي شئ، وإلى نص الحوار
حوار اللواء محمود خليفة مع أهل مصر
رؤية حضرتك فيما يحدث من تصريحات من الجانبين السوداني والإثيوبي مؤخراً بشأن سد النهضة؟
أزمة سد النهضة المعروف تماماً أن نهر النيل بالنسبة لمصر هو الحياة، فالنيل ليس المصدر الرئيسي بل المصدر الوحيد للحياة في مصر، لذلك نهر النيل قضية حياة أو وجود مثلما قال حرفياً الرئيس السيسي، وعندما نأتي لحل الأزمة فإن أي نزاع دولي ما بين دولتين له 3 حلول في الاساس، الأول هو موضوع التفاوض المباشر وهي بين دول المصب مع دولة المنبع، وهذا التفاوض ظل سنوات كثيرة كما نعلم، ومصر كانت قد اعلنت تصريح الرئيس السيسي وهو أنه من حق اثيوبيا ان تنمي نفسها تماماً بإقامة السد أو بدونه ولكن في نفس الوقت الحفاظ على حق مصر في حصتها من مياه النيل، وتقدر حصة مصر بـ55.5 مليار متر مكعب سنوياً، ولم يتم للأسف التوصل حتى الآن لحل في العنصر الأول وهو التفاوض، حيث أن النقطة الخلافية هي عدد سنوات الملئ، ونظام التشغيل،أما المسار الثاني الوساطة حيث أجرت مصر مع اثيوبيا تفاوض في عام 2020 بوساطة أمريكية وبحضور البنك الدولي وتم الوصول لاتفاق مبادئ، ووقعت بالفعل مصر عليه برعاية أمريكا وكان من المفترض في نهاية فبراير 2020 يتم توقيع الجانب الاثيوبي على هذا الأمر لكن رفضت اثيوبيا التوقيع، أما المسار الثالث هو التحكيم الدولي والذي لم يطرح حتى الآن في حل النزاع هو التحكيم الدولى أن يكون هناك محكمة دولية يحال لها الأمر ولكن هناك شرط في المسار الثالث لكي يتم تحقيقه وهو أن كلا الدولتين أو كلا الطرفين يقبلوا الإحالة للتحكيم، وبصفة عامة نحن نثق في القيادة السياسية أنها ستحافظ على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، بالأسلوب التي تراه.
حوار اللواء محمود خليفة مع أهل مصر
هل الاتفاقية العسكرية التي وقعتها مصر والسودان لها علاقة بسد النهضة؟
نحن والأشقاء في السودان مصلحتنا واحدة دائماً لأن كلانا متضررين، ولكن أنا لا أربط الاتفاقية العسكرية بأزمة سد النهضة لأن مصر ستسعى دائماً إلى الحل السلمي بكل الطرق لحل الأزمة مع الجانب الأثيوبي، ولن نتطرق إلى الناحية العسكرية، ولكن اعتقد أيضاً أنه خلال زيارة وزير الخارجية السودانية دكتورة مريم الصادق المهدي إلى مصر، تم الحديث عن أزمة سد النهضة من الناحية السلمية، وهما ناشدوا الاشقاء في اثيوبيا إلى التفاوض السلمي، ونحن نرحب بأي تصريحات إيجابية من الجانب الأثيوبي كما فعلوا عقب يوم من زيارة وزيرة الخارجية السودانية لمصر بأن لديهم 'حسن النية' في حل الأزمة القائمة بشأن سد النهضة، لكن ما نتمناه أن يتم خروج تلك التصريحات الايجابية بأعمال حقيقية على ارض الواقع تراعي الشعبين المصري والسوداني والاثيوبي.
ماذا في حالة بدأ ملئ أثيوبيا بشكل أزعج مصر والسودان.. كيف سيتم التعامل مع ذلك؟
أنا أثق في القيادة السياسية والأجهزة المعنية باتخاذ القرار والاسلوب الصحيح لهذا الأمر، ولكن كما قلنا مصر لم ولن تفرط في متر مكعب واحد من حصتها التاريخية من مياه النيل.
ما الهدف من خروج تقرير مقتل جمال خاشقجي من الخارجية الأمريكية الآن؟
هذا التقرير موجود من قبل وإن كان ظهوره للضغط على السعودية، فأنا أريد القول أن الشقيقة المملكة العربية السعودية موجودة في اليمن للحفاظ على مقدرات اليمن وشعب اليمن وحدودها ولمساندة الحكومة الشرعية ضد الإنقلاب من قبل جماعة الحوثي الذي نرفضه جميعاً، وايضاً نرفض كافة التدخلات الخارجية الإقليمية في الشرق الأوسط واليمن، لذا يجب أن يعلم القارئ العربي أن السعودية تحافظ على الأمن القومي اليمني والسعودي، النقطة الأخرى بشأن خروج التقرير أنا أريد أن أؤكد وبكل صدق أنا في رأي الشخصي دائماً أنه لافرق بين الإدارات الأمريكية المتعاقبة في مصالح أمريكا أولاً، فلا فرق بين ترامب أو بايدن أو اوباما ولا بوش لأن من يختار رئيس أمريكا هي المنظومة الأمريكية المتمثلة في المجالس النيابية النواب و مجلس الشيوخ واللوبيات الموجودة في أمريكا والاعلام والشعب الامريكي كل هذا هو من يصيغ القرار الأمريكي، ونحن كعرب نعمل بعواطفنا لكنهم يعملون تحت بند مصالحهم كيف تكون؟، لذلك في عهد ترامب الموضوع تم صياغته وخروجه أيضاً لو نتذكر ذلك وكان مقابل حفنة أموال وبايدن أيضاً سيسعى وراء تلك الأموال، الإدارات الأمريكية تشبه قطارات سكة حديد مصر لها مسارات عديدة ولكنها تنتهي في محطة واحدة هي محطة مصر أيضاً الإدارات الامريكية هكذا لها مسارات وتكتيكات مختلفة ولكنها في النهاية تهدف إلي المصلحة الأمريكية.
حوار اللواء محمود خليفة مع أهل مصر
نرى الآن أن الصين وروسيا أصبحت تؤرق مضجع أمريكا؟
من حق أي دولة أن تسعى بكافة الطرق لأن تكون قوة عظمى وأن تمتلك الأسلحة وتبنى دولتها كما يحلو لها، ونحن أيضاً في مصر نسعى لامتلاك أدوات قوى الدولة الشاملة، ننمي اقتصادنا لأعلى مستوى، ومن حقنا أن نمتلك قوى عسكرية رادعة لا احد من حقه أن يمنعنا من ذلك، وفي النهاية المواطن العربي والمصري يجب ألا يعنيه إلا دولته،لذا يجب أن يكون مبدأنا هو امتلاك مقدرات دولنا بأيدينا، ولا نربطه بدولة أخرى.
أمريكا الآن غافلة عن تركيا بشكل ملحوظ.. لماذا؟
أنا انظر للأمور على أرض الواقع دائماً، ما قبل تغيير الحكومة الليبية والتوافق الذي تم بين الأشقاء الليبين الذي ندعمه تماماً، والرئيس السيسي أثبت ذلك باستقبال رئيس الحكومة الليبية الجديد، وقريباً سيتم اتخاذ إجراءات لإعادة فتح السفارة المصرية في طرابلس، وانا قلت قبل ذلك أن الشعوب يجب أن تتوافق تماماً ليصلوا إلى هذا التكاتف، أما بشأن أمريكا وتركيا فأنا اهتم ليس بالإدانة السياسية فقط ولكن الأفعال على ارض الواقع، فالسفن التركية المحملة بالعتاد والأسلحة والقوات تدخل إلى السواحل الليبية من خلال السفن الأمريكية والاوروبية المرابطة أمام السواحل الليبية، لذلك أنا لا أؤمن بالتصريحات السياسية فقط ولكن أؤمن بالأفعال وهذه ثقافة يجب أن تكون لدى كل مواطن عربي ومصري، نحن ليس لنا صلة بالتصريحات التي يقولها الرؤساء والمنظمات الدولية والأمم المتحدة نحن لنا أفعال على أرض الواقع، أمريكا كانت تدين التصرف التركي لكن السفن التركية تعبر من خلال تلك السفن الأمريكية إذن إدانتهم مجرد تصريحات، أما بالنسبة للقيادة المصرية فعندما أعلنت بشكل واضح وصريح أن أن خط 'سرت الجفرة' يؤثر على الأمن القومي المصري ومن يقترب سيتحمل نتيجة اختياره، وجدنا أن الأمور استقرت في ليبيا، وبدأوا في التوافق السياسي ومباحثات جنيف.
ما رؤية سيادتك لمكافحة مصر للإرهاب؟
منذ القرن السابق ومنطقتنا ملتهبة بالصراعات والمشاكل والاستعمار ثم الاحتلال الأجنبي ، حتى ان الاستعمار المسلح رحل ولكن مازالت عينه على المنطقة العربية والافريقية، والتهديدات ممتدة ولكن بشكل متطور لا يوجد استعمار مسلح واضح، ولكن من خلال حروب الأجيال الحديثة 'حرب المعلومات والحرب بالوكالة'.
ويجب أن نعي أن الإرهاب شكل من الأشكال المتطورة للتدخل فى الشأن العربي والأفريقي ، ونحن نسعى دائما لمجابهة هذه التهديدات، وهذا المشروع العثمانى الذى تتبناه تركيا له خلفيات وتدعمه قوى دولية من أجل المصالح الشخصية، وهناك أيضا المشروع الإيراني الفارسي وكلا المشروعين نحن نرفضهم تماما، ولكن لابد من امتلاك القوة العسكرية لمجابهة من يحمل السلاح من الجماعات الإرهابية ضد دولة أو ضد الشعب أو ضد أجهزة الدولة المعنية .
كما أن التعاون العسكري موجود بين الدول العربية، وانا اقولها نحن لسنا صفرا فى التعاون العسكرى ، بل كان هناك تضامن عسكرى على أعلى مستوى عام 73 ، وأثناء حرب تحرير الكويت، وقضايا أخرى.
كما يجب أن نعلم أن التطور والتنمية الاقتصادية بإقامة المشروعات التي يتم إقامتها يومياً في مصر هي أيضاً شكلاً من أشكال مكافحة الإرهاب لأنها تضمن حياة كريمة للمواطن المصري مما يمنعه من اللجوء إلى أموال الارهاب، كما أن الناحية الثقافية هامة جدا لأنها تخلق حصانة ثقافية فكرية حتى لا تقوم الجماعات الإرهابية بتجنيد المواطن لعدم معرفته، والملف الصحي أيضاً هام جدا للارتقاء بصحة المواطن، ومواجهة الأمراض المزمنة والفيروسات مثل فيروس سي وكوفيد ١٩ ' كورونا'.
الجامعة العربية أخذت خطوات إيجابية في بعض الملفات.. وضح لنا ذلك؟
الثقافة لدى المواطن العربي والإعلام العربي هي أن الأمانة العامة والأمين العام هما من يصدرون قرارات مجلس الجامعة، فالقرار العربي يصدر بتوافق الدول العربية ( 22 ) دولة عربية ومن يشترك في صياغته والموافقة عليه وصدوره هم الـ22 دولة عربية، إذن الأمانة العامة للجامعة العربية ليست آلية اصدار القرارات أو آلية تنفيذية، لتنفيذ مجلس الجامعة بيد الإدارة السياسية لكل دولة عربية، ولكن دور الأمانة العامة للجامعة فاعل ومحوري جدا والتنسيق بين الدول الأعضاء وطرح الرؤية لأي قضية ومحاولة جمعهم على كلمة واحدة وقرار واحد.
بايدن كان قد صرح في أكثر مرة عن تمسكه بحل الدولتين بشأن القضية الفلسطينية.. فهل سيفعلها؟
تلك فقط تصريحات سياسية، وأقول ذلك لأن على أرض الواقع تم إصدار تلك التصريحات مراراً وتكراراً 'فكرة حل الدولتين' ولكن لم يكن هناك إجراء فهذا ماحدث ففي عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك اوباما، وهذا ما يثبت أن جميعهم واحد، ثم تم استبعاد هذا الحل في عهد الرئيس ترامب والذي أعلن خطة السلام المرفوضة عربيا بل قام بتوقيع قرار ضم القدس إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، وحينها قال أن هناك حلول أخرى غير حل الدولتين ولكنه لم يطرح تلك الحلول، وما فعله من خطة السلام كما زعم يتنافى مع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والرئيس الأمريكي جو بايدن الآن جاء ويقول تصريحات مخالفة لما فعله 'ترامب'، ولكن لم يفعل شئ على أرض الواقع وليس ذلك فقط سأقولها وتذكروها دائماً لأنها ستحدث، أخشي أن الرئيس بايدن يفكر فيما تم طرحه في عهد ترامب من ضم 'غور الأردن' لإسرائيل.
في الختام ماذا بشأن الاتفاق النووي الإيراني وهل سيتم التوصل لحل ما أم لا؟
إيران تتدخل في الشأن العربي الذي نرفضه تماماً، سواء في اليمن أوغيرها لأن جماعة الحوثي لا يملكون تكنولوجيا صناعة 'طلقة واحدة' وليس صاروخاً، فإذن هذه الأسلحة دعم خارجي منهم للحوثي، ولكن أيضاً يجب أن نعلم أن أمريكا تدير الموضوع لمصالحها، فهي لديها القدرة منع التدخل الإيراني والتركي في المنطقة، ولكن هناك مصالح لهم مع الدولتين، فالتصريحات ليست أمر واقع، فهناك اربع تهديدات في المنطقة وهي التدخل الإيراني والتدخل التركي والإرهاب وتلك التهديدات تحقق مصالح دول كبري في العالم، من خلال مبيعات الأسلحة والتواجد في قواعد عسكرية.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
