"أهل مصر" تنفرد بأول حوار مع أول نائبة عربية لرئيس الكنيست.. غيداء الزعبي: العرب قوة مركزية ونستطيع التغيير والقدس عاصمة فلسطين

غيداء الزعبي
غيداء الزعبي
كتب : سها صلاح

أعلنت وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين الماضي ، عن سابقةٍ تاريخية في الكنيست الإسرائيلي تمثلت بتولّي عضو الكنيست غيداء ريناوي زعبي، منصب نائبة رئيس البرلمان الإسرائيلي كأوّل مواطنة عربية تتولى هذا المنصب .

ولدت 'غيداء' في مدينة الناصرة أكبر مدينة عربية في فلسطين، وتمّ اختيارها من بين المائة شخصيةٍ المؤثرة في البلاد.

وتعدّ 'زعبي' واحدةً من ست نساءٍ عربياتٍ خضن الانتخابات الإسرائيلية، ثلاثٌ منهن كنّ ينتمين إلى القائمتين العربيتين، وواحدة عن حزب العمل، أمّا الزعبي فقد كانت مرشحةً ضمن قائمة حزب 'ميرتس' اليساري.

وعقب توليها كانت الكثير من الأسئلة تدور في الأذهان بشأن منصبها الجديد كأول عربية، وهل يمكن أن يحقق حزبها الكثير في صالح القضية الفلسطينية، لذا كان معنا حوار مع نائب رئيس البرلمان الإسرائيلي 'غيداء الزعبي' ليكون أول حوار صحفي للإجابة على كثير من التساؤلات في السطور التالية:

غيداء الزعبي

كيف وصلتي إلى نائب رئيس برلمان الاحتلال الإسرائيلي رغم جنسيتك العربية؟

نحن نذهب الى الكنيست مع علمنا المسبق ما هي قواعد اللعبة البرلمانية في إسرائيل، أنا أنتمي الى حزب يهودي عربي يؤمن بضرورة وقف الاستيطان وانهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الى جانب دولة إسرائيل في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية،هذا الأمر موجود في البرنامج السياسي لحزب 'ميرتس' الذي أنتمي إليه، وهو حزب يساري يؤمن بالشراكة اليهودية العربية الحقيقية وبالمساواة الكاملة للمواطنين العرب داخل إسرائيل.

بهذا المعنى فإن حزب 'ميرتس' يمثل اليسار الحقيقي الذي يقف بكل وضوح ودون تأتأة ضد الاحتلال والاستيطان وضد العنصرية والتمييز ومن أجل المساواة والسلام والعدالة الاجتماعية والديمقراطية.

لماذا استطاع حزب 'ميرتس' الآن الحصول على هذه القيمة داخل الكنيست؟

في فترة حكم نتنياهو تآكلت هذه القيم، كانت هناك هجمة على سلطة القانون والقضاء والحريات والديمقراطية، وبطبيعة الحال هجمة على المواطنين العرب داخل إسرائيل ومحاولة دائمة لنزع الشرعية عنهم، وفي هذه الفترة تم سن 'قانون القومية' الذي وجه ضربة قاسية لمكانة وحقوق المواطنين العرب وكذلك لقيم الديمقراطية والمساواة، وهو قانون يعج بالمظاهر العنصرية والتمييزية ضد المواطنين العرب ويلغي مكانتهم في وطنهم، وفي حينه صوّت حزب 'ميرتس' ضد هذا القانون.

أضفي إلى ذلك، الوضع أصبح أكثر خطورة مع تقديم لوائح اتهام بحق نتنياهو بتهم الفساد والرشاوى وخيانة الأمانة، حيث حاول تقويض سلطات القانون وشن هجمة غير مسبوقة على القضاء وعلى مختلف المؤسسات في سبيل محاولة ضمان بقائه في الحكم، ومن المعروف ان المواطنين العرب هم الشريحة الأكثر تضررًا من هذه الممارسات والسياسات، وهذا ما لمسناه على أرض الواقع.

تخلصنا من حكومة نتنياهو، وكان للمصوتين العرب دور أساسي بذلك، اليوم أقيمت حكومة جديدة، حزب 'ميرتس' فيها شريك بالإئتلاف الحكومي، واضح ان هناك تناقضات داخل هذه الحكومة، فهي تجمع بين اليمن وبين الوسط المركز وبين اليسار كحزب 'ميرتس'، وهناك حزب عربي شريك بهذا الائتلاف للمرة الأولى بإسرائيل. وهذه تناقضات لا يستهان بها.

غيداء الزعبي

هل تم تقديم تنازلات للتوصل لقائمة مشتركة؟

هناك متغيرات، وضمن هذه المتغيرات نحن نتحرك، لا نستطيع ان نقول اننا سنحقق كل أهدافنا وبرامجنا، فكما اسلفت هناك تناقضات داخل هذه الحكومة، ولا يوجد تفاهم، او بالأحرى اتفاق، على كل شيء وبكل شيء، وبالتالي الكل قدم تنازلات مرحلية بهدف التوصل الى قواسم مشتركة يمكن التعايش معها داخل الائتلاف، وبضمنها نحن نعمل ونحاول ان نؤثر من خلالها لإحداث التغيير.

هل هناك أجندة سيتم مناقشتها لصالح العرب والفلسطنيين؟

إذا أخذنا موضوع المواطنين العرب، فهذه شريحة تعاني من سياسة التمييز والإهمال والعنصرية على مر السنوات، وفي كافة المجالات: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، نسبة البطالة هي الأعلى بين العرب، نسبة الفقر هي الأعلى بين العرب، العنف والجريمة، وهي سياسة مبرمجة للإلهاء الداخلي، منتشرة بشكل كبير في بلداتنا العربية، نقص كبير في الميزانيات للسلطات المحلية العربية، قرى بأكملها غير معترف بها، سياسة اقتلاع من النقب، وهي منطقة تمتلك نصف احتياط الأراضي المتبقي للمواطنين العرب في إسرائيل، سياسة هدم البيوت وعدم وجود خرائط هيكلية جديدة وتوسيع مسطحات ومناطق نفوذ، على الأقل للتجاوب مع احتياجات التزايد السكاني الطبيعي للمواطنين العرب، مناطق صناعية وخلق مناطق 'هايتك' وخلق أماكن عمل معدومة عند العرب، وبالتالي التفتيش عن بدائل اقتصادية جديدة كرافعة لتقوية اقتصاد بلداتنا العربية غير موجود على جدول أعمال الحكومات السابقة، وكانت حكومة نتنياهو تكتفي بتوزيع الفتات، وهناك التعليم ومشاكله، وهناك قضايا الصحة والرفاهية، هذه مقومات حياتية، وهي وطنية بالدرجة الأولى، لأنها مقومات لصمود الناس وبقائهم.

في هذه الأمور نريد ان نحدث التغيير وأن نؤثر، والعرب اليوم لديهم هذه القدرة، هناك أمور نعمل على تغييرها بالاتجاه الصحيح وبشكل تدريجي.

هل ستكون الأمور سهلة لتغيير الأمور لصالح العرب؟

واضح ان الأمور لن تكون سهلة، لكن هناك تفاهمات وهناك ائتلاف حكومي لا يمكن ان يمرر قرارات بدون أصواتنا، وبهذا نحن نستفيد من قوة مشاركتنا وقوة اصواتنا لإحداث التغيير والتأثير وجلب مكاسب وانجازات لمجتمعنا،صحيح انها ليست بالكامل، لكن على الأقل لنحقق أجزاء منها ونصل فيما بعد بشكل تدريجي الى المزيد.

هل يمكن أن يؤثر حزبك في وقف بناء المستوطنات؟

كذلك الأمر في القضية السياسية، لا يمكن إقامة مستوطنات جديدة مثلاً،على هذا الأمر ستسقط الحكومة، وبأصوات 'ميرتس' أيضًا.

مارأيك في قانون المواطنة؟

وقانون المواطنة ولم الشمل هو نموذج ماثل الآن عما نستطيع فعله، القانون بشكله الحالي الذي يمنع لم الشمل بين العائلات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبين العائلات الفلسطينية في إسرائيل لن يمر في هذه الحكومة، نحن في 'ميرتس' نعارض، والاخوة من 'القائمة الموحدة' (الإسلامية) التي تشارك في الائتلاف أيضًا، تعارض، وبالتالي الحكومة مضطرة إلى التعاطي معنا ومفاوضتنا والتوصل إلى حلول تفيد مسألة لم الشمل بالتدريج وبحسب الأسبقية وتجري تعديلات جدية على القانون، في حال لم نستطع إلغاء القانون بشكل تام لأسباب شرحتها في حديثي سابقًا متعلقة بالتناقضات داخل الحكومة التي تضم اليمين والوسط واليسار والعرب.

لكن هذا مثال حي،مثال يبرهن اننا نستطيع التأثير، ونستطيع إحداث تغييرات،اذا سألتيني أنا ضد هذا القانون، أريد إلغاء القانون، لكن إذا لم ننجح بذلك على الأقل علينا إجراء تعديلات جدية فيه، تساعد العائلات الفلسطينية وتعطيها الحلول.

هل سيتم طرح قضية هدم منازل الفلسطينيين؟

أصارحك هنا نحن أيضًا نطرح قضية تجميد هدم المنازل في المفاوضات حول موضوعة قانون المواطنة ولم الشمل،إذا حققنا هذا الأمر، على سبيل المثال، فهذا مكسب لا يستهان به، عشرات آلاف البيوت العربية مهددة بالهدم،هذه ليست لعبة، هذا مصير ناس ومستقبل ناس وحياة ناس، رجال ونساء وأطفال وشيوخ ومسنين ومسنات،وإذا حققنا مثلاً لم الشمل بالأسبقية، وللشريحة الأكثر تقدمًا بالسن، كحل مرحلي، فهذا انجاز أيضًا يخص ألوف العائلات التي تعاني يوميًا وعلى مدى سنوات طويلة، منهم 15 سنة وعشرين سنة.

ماذا لو أن حزب 'ميرتس' ترأس الحكومة؟

باختصار لو كانت الحكومة برئاسة 'ميرتس' وبأغلبية من 'ميرتس' لحققنا كل ما نريده وفقًا لبرنامجنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي، بما في ذلك كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وانهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وكذلك بالمساواة الكاملة للمواطنين العرب في إسرائيل والاعتراف بحقوقهم القومية والمدنية، وبما يترتب على ذلك من مستحقات وخطوات بهذا الاتجاه.

لكننا ضمن حكومة أخرى، نحاول فيها استثمار شراكتنا في الائتلاف الحكومي، وقوة صوتنا، لتحقيق مكاسب وانجازات. نحاول فيها تغيير سياسات،تغيير نهج. نحاول إحداث شرخ في سياسة التمييز والإهمال، في سياسة الغاء على الحريات والديمقراطية وسلطة القانون، وهي كلها تصيب، أول ما تصيب، المواطنين العرب. نحاول فيها عدم التمادي، على الأقل بهذه المرحلة، بالإستيطان وتوسيع مستوطنات وإقامة مستوطنات جديدة، الى جانب خلق أجواء لعملية مفاوضات سلام مع شعبنا الفلسطيني.

مرة أخرى: واضح اننا لا نستطيع تحقيق كل شيء ضمن المتناقضات القائمة، لكن واضح لي أكثر انه لا يمكننا الاستمرار – إذا جاز لي التعبير – بسياسة 'اللطم'، او القبول بهامش الهامش، والموضوع غير مرتبط بكرامة وطنية وهوية وطنية وقومية،كرامتنا مصانة ونعرف كيف نحافظ على هويتنا، ونعرف أكثر قواعد اللعبة بالكنيست،انت تذهب الى الكنيست لتلعب ضمن قواعد اللعبة، وإلا ستبقى على الهامش.

لذلك، هذه المرة نريد ان نؤثر وان نغيّر، ودائمًا كل تغيير يأتي بالتدريج وليس دفعة واحدة. نعلم ذلك، ونحن نعمل على ذلك ضمن استثمار قوتنا ومشاركتنا في الائتلاف الحكومي وأيضًا في البرلمان. نحن قوة مركزية الآن، الائتلاف يستمر أو يسقط بأصواتنا، وبالتالي لا يمكن تجاهل مواقفنا لا في الحكومة ولا في البرلمان، هذه هي المعادلة الآن.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً