أثيرت في الفترة القليلة الماضية تساؤلات حول ما إذا كان هناك تغير طرأ على العلاقات المصرية الإريترية؟، وأن الدولة الافريقية أصبحت مواقفها تجاه بعض القضايا التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي بعيده إلى حد ما عن القاهرة، وذهب البعض في تحليلاتهم إلى الإيحاء بوجود حاله من الجفاء تغلف العلاقات المصرية الاريترية في الوقت الراهن، مدللين على ذلك بوجود تحالف استراتيجي بين الرئيس الاريتري أسياس أفورقي مع رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد، إضافة إلى وجود تقارير عن مشاركة الجيش الإريتري في الحرب التي يخوضها الجيش الفيدرالي الاثيوبي في إقليم التيجراي .
اتفاق بين رئيسي اثيوبيا واريتريا
تم تداول فيديو منشور على إحدى المنصات الإثيوبية ' yeneta tube'، يفيد باتفاق بين أسياس أفورقي، رئيس دولة إريتريا، وآبي أحمد رئيس دولة إثيوبية، بتسيلم منطقة بادمي مقابل منح منطقة دميرة المطلة على البحر الأحمر بحدود دولة جيبوتي لإقامة قاعدة عسكرية.
وأفادت المعلومات المتواجدة على مقطع الفيديو، بوجود اتفاقية حدثت في اللقاء الأول التي جمع بين رئيس دولة إريتريا ورئيس الوزراء الإثيوبي، قبل الإعلان عن عملية السلام.
وجاء أهم النقاط التي وردت في مقطع الفيديو هم كالتالي:
سيتم تنفيذ اتفاقية الجزائر بإن دولة إثيوبيا تسحب قواتها من منطقة بادمي، وتنفذ قرار المحكمة الدولية.
مقابل ذلك ستمنح دولة إريتريا منطقة 'رأس دميرة'، الكائنة على شاطئ باب المندب المتواجد على حدود جيبوتي بهدف إنشاء ميناء بحري خاص بإثيوبيا.
وتسمح دولة إريتريا لإثيوبيا ببناء قاعدة بحرية على جزيرة دوميرة الواقعة، في مدخل باب المندب، مقابل إنشاء ميناء وسيبلغ مساحته 15 كيلو مترا.
وبذلك تتمكن إثيوبيا من تفعيل قواتها البحرية التي بدأت فعلا في إعادة تأسيسها وحسب المصدر، فإن القوات متواجدة بالفعل على الجزيرة الآن.
وأشار المقطع، إلي أن الحكومة الإثيوبية التي تفوز في الانتخابات الجارية ستقوم بتنفيذ ما تبقي من بنود هذه الاتفاقية.
جدير بالذكر أن إثيوبيا دولة حبيسة وليس لديها أي شواطئ ساحلة، وهو ما يثير الضحك حول أحلامها الوردية بإنشاء قواعد عسكرية بالبحر الأحمر.
اثيوبيا تحاول فتح منفذ بحري
قال طارق فهمي الباحث السياسي في جامعة القاهرة، أنه بالتأكيد اتفاقية التحالف العسكري بين إريتريا وإثيوبيا، ولا تعوق مسيرتها على الجانب المصري وهذا موجود بطبيعة الحال بنمط وتوجه العلاقات المصرية الاريترية من جانب والإثيوبية من جانب آخر،وهناك انتباه مهم أوي وهو أن إثيوبيا أجرت تعاون عسكري واستراتيجي مع روسيا مؤخرا ومع دول جوار وبالطبع سيكون هذا مطروحا في الفترة المقبلة،ولكن لن يكون هناك تأثير علي العلاقة مع مصر بطبيعة الحال،لذا من الواضح أن ول اريتريا تراوغ بطبيعة علاقتها مع اثيوبيا ومع دول حوض النيل وفي منطقة القرن الافريقي لتكسب الجميع ولكن ليس مع مصر مباشرة.
واضاف في تصريح خاص لـ'أهل مصر' انا في تقديري أن مصر نجحت بمهارة في بناء شبكة علاقات جيدة مع دول حوض النيل وفي القرن الأفريقي وبالتالي مع جيبوتي وكانت زيارة الرئيس السيسي إلي جيبوتي تأكيدًا على هذا.
وأكد 'فهمي' أن العلاقات مع إريتريا علاقات جيدة لكن الاثيوبيين يبحثون عن منفذ بحري في إريتريا وبالتالي القضية ليست تحالف عسكري واستراتيجي لأن اثيوبيا عملت هذا مع الجانب الروسي ووقعت اتفاق هو الأهم، لذا اعتقد لن يكون هناك تأثير مباشر في هذا التوقيت على مصر من الجانب الأريتري كما أن جملة الاتفاقيات الأمنية التي أجرتها اثيوبيا لن تعوق أي حركة لأي طرف بما فيها مصر، خاصة بعد توقيعنا اتفاقيات أمنية مع اوغاندا وكينيا وعدد من الدول الأفريقية وهي اتفاقيات شاملة.
موقف اريتريا الصعب
قال المستشار زيد الايوبي المختص بالشؤن الاستراتيجية، اعتقد ان العلاقات الاستراتيجية بين ارتيريا ومصر قوية جدا والحكومة الاريترية تعرف جيدا ان مصالح شعبها تتطلب علاقات قوية لمصر خاصة وأن مصر دعمت ارتيريا سياسيا في المراحل السابقة وكانت من اوائل الدول التي اعترفت باستقلال ارتيريا عن اثيوبيا وساهمت بالدفع نحو توقيع اتفاق السلام بين اسمرا واديس ابابا.
واضاف في تصريح خاص لأهل مصر أن هناك امر اخر ان الرئيس الارتيري الحالي 'اسياس افورقي' تربطه علاقات شخصية قوية مع الرئيس الاثيوبي آبي احمد وهذه العلاقة جعلت القوات الاريترية تقاتل مع القوات الاثيوبية في اقليم تيجراي.
وأكد أن ارتيريا في موقف صعب تحسد عليه فاذا اصبحت مع طرف ضد آخر ستخسر سياسيا واقتصاديا رغم ان وجدان الشعب الارتيري مع مصر، لذا اعتقد انه في حال نشوب نزاع مسلح بين مصر واثيوبيا فان الموقف الرسمي الارتيري سيكون على الحياد لان ارتيريا لها مصالح مع الطرفين
حماية البحر الأحمر
وقال السفير عزت سعد المدير التنفيذي للمجلس المصري للعلاقات الخارجية، إن إريتريا يمكن أن تلعب دور الوسيط في ملف سد النهضة لما لها من دور كبير مع إثيوبيا على اعتبار أنها المنفذ الأساسي لها على البحر الأحمر، باعتبار أن الطريق عبر الصومال أو جيبوتي غير مجد بالنسبة لإثيوبيا.
وأضاف الخبير الاستراتيجي لـأهل مصر لا نستبعد دورا إريتريا في تأمين البحر الأحمر ولا تكون مهددة لأمن الملاحة فيه، نظرا لعلاقتها الجيدة مع مصر، خصوصا أن هناك بعض القواعد الأجنبية في إريتريا، وجذب إريتريا إلى مصر هو خطوة جيدة في تطوير العلاقات في القرن الإفريقي'.
وتابع: 'أي عمل تقوم به مصر في الوقت الراهن سوف يتقبله المجتمع الدولي الذي يعلم جيدا أن مصر قد فعلت كل ما بوسعها لحل أزمة سد النهضة والأمر يتعلق بالأمن القومي، ومصر قامت وما زالت تقوم بطرق كل الأبواب التي يمكن أن يكون لها دور في حل الأزمة، مصر تريد حل المشكلة حتى لا تصل الأمور إلى مرحلة تستخدم فيها أشياء أخرى غير مقبولة من المجتمع الدولي'.