'كل ما وصلت إليه من مكانة اجتماعية أو رياضية، يرجع الفضل فيه لوالدي ووالدتي رحمة الله عليهما، قدموا لي الحب والحنان والدعم النفسي والمعنوي وشجعونىي على الدمج في المجتمع، وأنا أجلس على كرسي متحرك، حتى لم أعد أشعر بإعاقتي الحركية، بل وكأنني مددت بقدميّ إلى الأمام، واستطعت الوصول إلى ما لا يستطيع وصول الأصحاء إليه'.. بهذه الكلمات بدأت تروي 'عبير الجابرى' الفتاة البورسعيدية، من ذوي الهمم، تفاصيل قصتها، والتي التحقت مؤخرا للعمل بسلك التأمين بجمارك بورسعيد 'التعريفة الجمركية'، والتي أُصيبت بشلل الأطفال وعمرها عاما واحدا نتيجة 'حقنة' بسبب ارتفاع درجة حراراتها.
لم استسلم للاعاقة منذ صغرى
وتُضيف 'الجابرى'، لـ'أهل مصر': 'الحقنة التى أخذتها فى جسدى و عمرى عام واحد كانت منتهية الصلاحية، وأصابتنى بشلل الأطفال بالأطراف السفلية، ومن هنا كانت معاناة والدى ووالدتى معى فترة طويلة، فأنا الشقيقة الكبرى لأختين أصغر منى، إحداهما دكتورة بجامعة بورسعيد و الثانية مديرة باحدى المدارس بالمحافظة ايضا، لم استسلم للإعاقة منذ صغرى'.
وتُتابع: 'عانيت كثيرا و قمت بإجراء 10 عمليات جراحية، حتى أستطيع أن أجلس على كرسي متحرك، منذ عامي الأول حتى وصولي للمرحلة الإعدادية، عانى جسدى كثيرا من العمليات الجراحية حتى أقوم بفرد القدمين بشكل طبيعى، ومع ذلك لم أستسلم للإعاقة'.
قصة كفاح مصحوبة بمعاناة و صبر
واستطردت أول فتاة من ذوى الهمم تعمل مدير تعريفة جمركية ببورسعيد: 'استطعت الحصول على دبلوم التجارة، ولم اكتف بمجرد الحصول على شهادة ولكننى التحقت بالعمل فى إحدى فنادق بورسعيد السياحية، ثم تم تعيينى بجمارك بورسعيد بنسبة الإعاقة 5%، و لكنى لم ارتضى بذلك بل استطعت أن احصل على بكالوريوس التجارة اثناء عملى بالجمارك، وكنت أذهب الى جامعة الزقازيق بصورة مستمرة حتى توج الله مشوار تعبى بالنجاح، و بالفعل قمت بالتسوية فى وظيفتى والتحقت بالمعهد الثقافى الجمركي لمدة عام، وكنت من العشرة الأوائل ترتيب ' الخامسة'، ومن هنا دخلت سلك التأمين 'التعريفة الجمركية'، و كنت أحضر محاضرات عن الجمارك و كانت مدة دراستى 4 أعوام بالقاهرة، و بالفعل رغم المشقة و التعب إلا أننى أريد تغيير مسارى من موظفة عادية إلى سلك التأمين بالجمارك، حتى استطعت أن أحقق حلمي وأكون مدير تعريفة جمركية كأول فتاة من ذوى الهمم، تتولى هذا المنصب بجمارك بورسعيد'.
توفيت والدتى و اعمل على رعاية والدى
وأردفت 'الجابرى': 'مع كل هذا وأقوم حاليا بإعداد تمهيدى ماجستير رغم إعاقتي وأقوم برعاية والديّ لرد الجميل وسط زحام العمل، لأن والدتى ووالدى لهما الفضل الكبير فى دعمى، تعرضت والدتى منذ 15 عاما لعملية بتر فى أحد ساقيها، نتيجة مرض السكر فتوقفت كثيرا عن بطولاتى الرياضية التى كانت تشجعنى عليها هى و والدى منذ كان عمرى 17 عاما و عملت على رعاية والدتى حتى أوفيها حقها، لان شقيقاتى قد تزوجن و اصبحت انا الكبيرة والوحيدة بالمنزل مع والدتى ووالدى، ولكن توفاها الله بعد ان قامت بدورها معنا فالحمد لله شقيتى تعمل دكتورة بجامعة بورسعيد والأخرى مديرة مدرسة وأنا مديرة تعريفة جمركية، وحصلنا فى احدى الاعوام على لقب الاسرة المثالية لانهما لم يقصرا فى تربيتنا و بذلا كل ما فى وسعهما من اجلنا و جاء دور رد الجميل اتكفل برعاية والدى'.
والدى اصبح بالنسبه لى كل شىء
واستكملت: 'بعد وفاة والدتى أصبحت انا و والدى الرجل المسن 'على المعاش' و الذى كان يعمل موظفا بمديرية التضامن 'وحدنا فى المنزل ' اقوم برعاية والدى صحيا و اجتماعيا '، وأصبح ملزما منى هذا شعورى، بالفعل أصبحت أشعر كانه ابنى و ليس والدى فاقوم بجميع احتياجات المنزل اذهب للسوق و اشترى الخضروات و الاطعمة و اقوم بطهيها اواظب على اعطائه الادوية الخاصة به فى مواعيدها ، اصبح بالنسبه لى كل شىء فهو دائما الداعم و الظهر و السند و العكاز الذى اتكأ عليه لمواجهة التحديات الصعبة والمريرة، نعيش معا الحياة بحلوها و بمرارتها بطلة الجمهورية فى لعبتى رفع الاثقال وتنس الطاولة'.
وبالنسبة للبطولات الرياضية التى حصلت عليها، تقول منذ أن كان عمري 17 عاما بدأت في مراكز الشباب لعبة رفع الاثقال وحققت فيها بطولات جمهورية ومحلية ثم التحقت بنادى الحرية للمعاقين، وأصبحت عضوه بالنادي وألعب باسمه بطولات جمهورية وكأس حققت فيهما مركز ثاني وثالث رفع أثقال.
حكم دولى فى رفع الاثقال و حكم فى لعبة تنس الطاوله و حكم فى كرة جرس المكفوفين.
و تُضيف: 'أردت ان التحق بمجال التحكيم فقمت بالالتحاق بدورات تدريبية خاصة بالتحكيم فى رفع الاثقال تابعة للجنة البارلمبية المصرية الخاصة بريادات المعاقين حتى اصبحت حكم دولى لرفع الاثقال ثم تم ترشيحى من قبل النادى للجنة البارلمبية المسؤلة عن بطولات الجمهورية لرفع الاثقال و هذه البطولات تكون مؤهله لدخول المنتخبات التى تمثل مصر فى الاولمبيات و بطولات العالم'.
كنت من ضمن لجنة الاستماع لصدور قانون الاشخاص ذوى الاعاقة
واختتمت 'الجابرى' حديثها قائلة: 'كنت اتمنى ان اقوم بعمل دراسات عليا و لم اكن استطيع تحديد المجال الذى ساخوض فيه برسالتى و مع فتح كلية العلوم للاعاقة و التأهيل بمحافظة الشرقية التحقت بها و حاليا اقوم باعداد تمهيدى الماجستير و من المؤكد ان رسالتى ستكون خاصة بذوى الهمم، وقدمت فى مؤسسة 'هاند كاب 'انترناشيونال و هى مؤسسة خاصة بذوى الاحتياجات الخاصة و اجتزت المقابلة بنجاح و عملت معهم لمدة 3 سنوات 'مشاريع التغيير' للاشخاص ذوى الاعاقة و كان لى عظيم الشرف ان اكون ضمن لجنة الاستماع لصدور قانون الاشخاص ذوى الاعاقة كما تم ترشيحى لان اكون عضو بالمجلس القومى لشؤن الاعاقة فرع بورسعيد و عملت مع المؤسسات و الجمعيات فى العمل الخدمى والعام بالمجتمع البورسعيدى فى مجال ذوى الاحتياجات الخاصة و اولهم جمعية رعاية المكفوفين كما انني عضوة بالمجلس القومى للمرأة ممثله كرسي الاعاقة و مقررة المجلس نجلاء ادوار تدعمني بقوة و تشجعنى على اجتياز الصعوبات وتحقيق الذات'.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
