ملفات إيلون ماسك السوداء… "كتاب جديد" يكشف الوجه الخفي لأخطر رجل في وادي السيليكون

في وقت يُنظر فيه إلى إيلون ماسك بوصفه رمزاً للعبقرية التكنولوجية وصاحب البصمة الأكبر في تشكيل مستقبل البشرية، يخرج إلى النور كتاب جديد يحمل عنوان 'ملفات إيلون ماسك السوداء' ليقلب الصورة رأساً على عقب، كاشفاً جوانب مظلمة ومثيرة للجدل في حياة الرجل الذي يقود أكبر شركات العالم في الفضاء والسيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي.

فالكتاب، المبني على تحقيقات متعمقة أجرتها وكالة رويترز وصحيفة هاندلسبلات الألمانية، لا يكتفي برصد إخفاقات تقنية أو أخطاء إدارية، بل يغوص في بنية القوة داخل إمبراطورية ماسك، ليكشف عن شبكة مراقبة تتعقب الموظفين، وممارسات قاسية ضد المبلغين، وبيئة عمل مشحونة بالخوف والضغط والسرعة على حساب السلامة.

ويبدو أن الصورة اللامعة التي يقدمها ماسك للعالم عبر تغريداته ومشاريعه الثورية تتصادم مع مشاهد أخرى بعيدة عن الأضواء:

مواقع عمل شهدت أكثر من 600 حادثة في سبيس إكس وحدها منذ 2014، قطع سيارات في تسلا أعيد طلاؤها بلون يفضله ماسك دون مراعاة قواعد الأمان، وعشرات الآلاف من السيارات التي تعرضت لأعطال خطيرة رغم إنكار الشركة المتكرر، أما داخل حياته الشخصية، فيكشف الكتاب عن استعانته بمحققين خاصين لمراقبة خصومه وشركائه وحتى محيطه العاطفي، في مشهد أقرب إلى إمبراطور لا يقبل بأن يتجاوزه أحد.

هذه الصورة المركبة تضع العالم أمام سؤال كبير،هل نحن أمام عبقري ثوري يغير المستقبل، أم رجل مستعد لدهس كل شيء في طريقه من أجل الهيمنة؟

وبين الإبداع والانتهاك، يفتح هذا التحقيق الباب لقراءة أعمق في شخصية أثارت وما تزال تثير انقساماً واسعاً بين الإعجاب والخوف.

كتاب جديد صدر مؤخرًا بعنوان 'ملفات إيلون ماسك السوداء' فتح الباب أمام سلسلة من الحقائق الصادمة، مدعومة بتحقيقات أجرتها وكالة رويترز وصحيفة هاندلسبلات الألمانية، ورصدتها صحيفة ليبراسيون الفرنسية، لترسم صورة غير مسبوقة لماسك: بين عبقري طموح.. ومدير لا يرحم، لا يتردد في استخدام أي وسيلة لتحقيق أهدافه.

حوادث خطيرة داخل سبيس إكس.. وغياب لقواعد السلامة

يكشف الكتاب عن أكثر من 600 حادثة عمل داخل مواقع SpaceX منذ عام 2014، منها إصابات بليغة وحالات وفاة، وسط ضغوط زمنية هائلة وغياب إجراءات السلامة الأساسية.

وأخطر ما تكشفه التحقيقات وفقا للصحيفة يتعلق بظروف العمل داخل مواقع سبيس إكس في الولايات المتحدة، حيث أحصت رويترز أكثر من 600 حادث عمل منذ عام 2014، بما في ذلك إصابات خطيرة ووفاة، وسط شهادات تشير إلى غياب قواعد السلامة الأساسية تحت ضغط الوقت الضيق، حسب الصحيفة.

كما تكشف التحقيقات عن حوادث غريبة سببها هوس ماسك بالألوان، إذ أمر بإعادة طلاء قطع أمان صفراء إلى الأسود والأزرق.

من جانب آخر، تتعرض تسلا لانتقادات حادة بعد تحليل آلاف الوثائق الداخلية التي تُظهر أن عشرات الآلاف من السيارات عانت أعطالا مبكرة في نظامي التعليق والتوجيه، لكن الشركة تنكرها أمام الزبائن رغم معرفتها بها، كما يقول الكتاب.

صورة قاتمة لرائد الأعمال الأكثر شهرة في العالم، حيث يتجاور الطموح التكنولوجي الهائل مع ممارسات مثيرة للقلق خلف واجهة النجاح والانبهار التي تحيط بإيلون ماسك

وتبرز في الخلفية قضية الموظف النرويجي لوكاش كروبسكِي الذي سرب 100 جيجابايت من بيانات تسلا بعد محاولات فاشلة لتنبيه ماسك شخصيا، وبعد ذلك سربها أولا إلى السلطات دون أي رد، ثم للصحافة الألمانية، وقد أنصفه القضاء النرويجي لاحقا خلافا للقضاء الأميركي، كما تقول الصحيفة.

أما على الصعيد الشخصي فيشير الكتاب إلى شبكة واسعة من المحققين الخاصين وخبراء الأمن تستعين بهم شركات ماسك لمراقبة خصومه، من موظفين سابقين إلى شركاء عاطفيين، وسط شهادات تؤكد استعداد ماسك لإنفاق مبالغ طائلة في سبيل مراقبة من يعتبرهم تهديدا.

وفي النهاية، يقدم الكتاب صورة قاتمة لرائد الأعمال الأكثر شهرة في العالم، حيث يتجاور الطموح التكنولوجي الهائل مع ممارسات مثيرة للقلق خلف واجهة النجاح والانبهار التي تحيط بإيلون ماسك.

تسلا… أعطال تُخفى عن الزبائن ومشكلات تسارع مفاجئ

الوثائق الداخلية التي كشفها الكتاب توضح:

عشرات الآلاف من سيارات Tesla شهدت أعطالًا مبكرة في التعليق والتوجيه

الشركة أنكرت المشكلات رغم علمها بها

أكثر من 2400 شكوى عن تسارع مفاجئ أو كبح تلقائي دون سبب

منصة X.. غرامات أوروبية غير مسبوقة

واجهت منصة X (تويتر سابقًا) أكبر غرامة في تاريخها، بلغت 120 مليون يورو بسبب:

تضليل المستخدمين عبر بيع شارات التوثيق

ضعف الشفافية الإعلانية

تقييد وصول الباحثين للبيانات

الغرامة كانت أول تطبيق قوي لقوانين الخدمات الرقمية الأوروبية، ما وضع إدارة ماسك تحت ضغط قانوني ضخم.

ممارسات عمل قاسية.. واتّهامات بالتحرش والتمييز

في 28 سبتمبر 2023، رفعت U.S. Equal Employment Opportunity Commission (EEOC) دعوى رسمية ضد Tesla، تتهمها بتحمّل بيئة 'معادية عِرقيًّا' في المصنع، بما فيها استخدام ألفاظ عنصرية (N-wor”،“monkey وغيرها) وصور/ كتابات عنصرية مثل صلبان معقوفة (swastikas)، nooses، تهديدات ورسومات عنيفة في مراحيض ومناطق العمل.

الدعوى أوردت أن بعض من اشتكوا أو احتجوا على العنصرية تعرضوا لـ 'انتقام'، سواء فصل، نقل، تخفيض منصب، أو تغييرات وظيفية قسرية.

قضايا تحرش جنسي وتمييز ضد النساء داخل المصنع

مهندسة تُدعى A.J. Vandermeyden رفعت قضية في 2017 تتهم فيها Tesla بأنها تجاهلت شكاوى عن تحرش جنسي (تنبيه لفظي وتصريحات مسيئة)، وتقدير أقل من الرجال، وامتيازات تم منحها لزملاء أقل كفاءة.

كما اتهمت الشركة بأنها سلّمتها رغم تقييمات أداء إيجابية إلى قسم مختلف كعقوبة، بعد أن رفضت التمييز ومعالجة الشكوى.

وردت في وسائل إعلام أن تسوية حصلت مع موظّفة أسوداء في 2025 تدعى Raina Pierce بعد أن اتهمت إدارة المصنع بأنها غضّت الطرف عن مضايقات عنصرية وجنسية.

اتهامات بقمع محاولات التنظيم النقابي ومراقبة العاملين

في 2017، رفعت National Labor Relations Board (NLRB) شكوى ضد Tesla تتعلق بمحاولات إنهاء مساعٍ لتشكيل نقابة داخل المصنع. الشكوى تضمنت أن أمن المصنع منع توزيع منشورات، طلب بطاقات هوية، وطرد من شارك في توزيع معلومات عن النقابة.

هناك مزاعم أن Tesla فرضت قواعد تمنع موظفيها من نشر صور أو معلومة عن بيئة العمل أو التحدث مع الإعلام، أو حتى مشاركة تفاصيل عن وضعهم داخل المصنع، كجزء من سياسة 'السرية والتحكم'.

الصورة التي يقدمها الكتاب وتتقاطع مع التحقيقات الصحفية السابقة تجعل السؤال أكثر إلحاحًا، هل نحن أمام مبتكر ثوري يغيّر وجه العالم؟، أم رجل لا يتورع عن استخدام أي وسيلة لفرض قوته على كل من حوله؟، وبين الابتكار والفضائح، يقف إيلون ماسك كشخصية استثنائية تثير الإعجاب والخوف في الوقت ذاته، ومهما تعددت الروايات، يبقى المؤكد أن السنوات المقبلة ستحدد، هل تستمر إمبراطوريته التكنولوجية في الصعود؟ أم تبدأ في الانهيار تحت وطأة الملفات السوداء التي تتكشف يومًا بعد يوم؟