يضطر الكثيرون من الفقراء بمحافظة الدقهلية إلى الاقتراض من أجل سد احتياجاتهم، أو التمكن من تجهيز فتياتهم، أو توفير نفقات العلاج، وسبيلهم إلى الحصول على القرض هو اللجوء إلى جمعيات متخصصة في هذا الجانب وجميعها تعمل تحت غطاء قانوني وبترخيص من مديرية التضامن الاجتماعي بالمحافظة، وهو ما يجعل الغالبية منهم في النهاية يواجهوا شبح السجن بسبب عجزهم عن سداد الأقساط.
والأمر غير المفهوم هو المقر الدائم للجمعيات المانحة للقروض في الدقهلية؛ حيث يكون دائمًا فى مراكز الشباب، والمبالغ التي توفرها هذه الجمعيات لا تتجاوز 5 آلاف جنيه، وكل أسبوع يتم سداد قسط من الأقساط بفوائد مالية تصل لأكثر من 20% من القيمة الأصلية للقرض، وهناك أمرٌ آخر يُعد لغزًا في هذا الشأن وهو رفض مسئولي تلك الجمعيات منح القرض للذكور، سواءً كانوا شبابًا أو كبار في السن، واقتصارها فقط على السيدات، وهو ما تسبب في إيداع الكثير منهن خلف القضبان عقب عجزهن عن السداد.
للسيدات فقط
وتكتظ مدينة دكرنس، بالكثير من تلك الجمعيات، التى تمنح قروضًا للسيدات دون غيرهن، وحصلت «أهل مصر» على قائمة ببعض الشروط التي المطلوبة للحصول على هذا القرض، وهي عبارة عن إحضار بطاقة رقم قومي سارية، وأن تكون المتقدمة للحصول على القرض تخطت 21 عامًا، وتمنح أول مرة مبلغًا ضئيلًا لا يتخطى 3 آلاف جنيه مصري، ويتم السداد على فترة لا تزيد عن العام الواحد.
إيمان على، إحدى السيدات اللاتى إقترضن من تلك الجميعات، لم أعد قادرة على تحمل المعاناة التي تعيش فيها، فظروفها المعيشية تحول بينها وبين سداد ما تبقى عليها من أقساط، وباتت لا تدري ماذا تفعل؛ تقول إيمان: «شبح السجن بيطاردني، وكل يوم مندوب الجمعية يأتيني حتى البيت، ويتوعدني في حال عدم سداد باقي الأقساط سيتم سجني، وربنا يعلم إني اضطريت لأخذ هذا القرض عشان أسد العجز في مصاريف البيت، وأساعد زوجي ونقدر نأكل ولادنا، وأنا مش ندمانة بس بقيت خايفة ومرعوبة، وأصحاب الجمعيات معندهمش رحمة ولا بيحسوا بالغلابة».
تطلب السيدة إيمان، من مسئولي الجميعات المانحة للقروض والتي تعمل تحت مظلة مديرية التضامن الإجتماعي، مراعاة ظروف السيدات الفقيرات، والوقوف بجوارهم، وتيسير طرق سدد الأقساط عليهن، والكف عن ترويعهن بالمقاضاة والسجن؛ فكثير من المتعسرات عجزن عن السداد بسبب الظروف المعيشية الطاحنة التي يعشن فيها.
الترويع والتهديد
وتروى السيدة هالة حمدى، إحدى سيدات مدينة دكرنس، اللاتي حصلن على قرض، جانبًا آخر يتضح من خلاله التيسير والسهولة في الإجراءات والأوراق المطلوبة في بداية الأمر، ثم الترويع والتهديد والمقاضاة والسجن بمجرد أن تتعثر إحداهن عن سدد أي قسط من الأقساط؛ إذ تقول: «السبب الذي دعاني للحصول على هذا القرض هو ضيق ذات اليد، وقد وجدت الجمعية تسهل كل الأمور الخاصة بصرف المبلغ، حتى أنهم لم يهتموا بالتأكد من وجود أي مشروع، ونستلم الشيك الخاص بالمبلغ من الجمعية بعد التوقيع على إيصالات أمانة وإيصالات الفوائد الإضافية على القرض، ثم نذهب ونصرفه من فرع البنك الأهلي».
تؤكد السيدة هالة، أن «الأمر يختلف بمجرد الحصول على القرض؛ فالتيسير والسهولة والمعاملة الحسنة تتبدل، وبمجرد عجز أي سيدة عن سداد الأقساط يتم ترويعها وتهديدها بالسجن، كما أن مندوبي الجمعية يأتون أمام المنازل من أجل التحصيل دون أي مراعاة لشعورنا أو الحفاظ على كرامتنا بين جيراننا، وفي حالة عدم السداد تحرر ضدنا المحاضر، ونصبح مهددات بالسجن».
وتتمنى هذه السيدة منع حصول أي سيدة على القرض، حفاظًا على حياتهن من السجن والعيش في خوف ورعب: «نفسي يتم منع تلك القروض التى تُخرب البيوت في حال عدم السداد، والمستفيد الوحيد هي الجمعية التي تعمل تحت إشراف مديرية التضامن الاجتماعى».
ومن جانبه أكد السيد يوسف، وكيل وازرة التضامن الإجتماعي بمحافظة الدقهلية، أن المديرية بدأت بالفعل مراجعة كل ما يتعلق بشأن هذه الجمعيات، قائلًا: «سيتم البحث والتحقق من الأمر، وفي حال ثبوت أي مخالفات لن نتهاون في اتخاذ الإجراءت القانونية الرادعة».