تِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ.. هل عاتب النبى ربّه ؟ وهل يجوز للمسلم أن يعاتب الله ؟

قرآن
قرآن

عندما تضيق الدنيا على المؤمن فقد يصدر منه خطابا يشبه العتاب للمولى سبحانه وتعالى ، ونرى ذلك حولنا في الحياة عندما يفقد رجل ماله أو يفقد شخص عزيز عليه بالموت أو المرض أو الغياب المجهول، وقد يظن بعض المسلمين أن مثل هذا الشعور بالضيق هو آثم قد يخرج من الملة ، ولكن الحقيقة أن هذا شعور طبيعي وقد مر به الأنبياء والصالحون ومنهم النبى صلى الله عليه وسلم ، فقد يعاتب المؤمن ربه بدون أن يكون هذا سببا للقطيعة بين الله وبين العبد . بل أن كثير من الدعاة يقولون إن سبب إلحاد بعض الشباب هم أنهم يشعرون أن الله تخلى عنهم فلا مانع من أن يعاتبون الله ثم يستغفرونه عندما تتحسن حالتهم النفسية خيرا من أن يكفرون به.

اقرأ ايضا : مغامرة روحية .. هل فكرت يوما في دليل عقلي على وجود الله ؟ لماذا تخاف من التفكير ؟

يقول المولى في كتابه العزيز : إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) فما هى مناسبة نزول هذه الآية ؟ وما هو تفسيرها؟ ومن هم القوم ما هو القرح الذي يمس المؤمنين ؟ قال أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد ابن علي الواحدي في مصنفه أسباب النزول : عن راشد بن سعد : لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم كئيبا حزينا يوم أُحُد ، جعلت المرأة تجيء بزوجها وابنها مقتولين وهي تَلْتَدِم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهكذا يفعل برسولك ؟ فأنزل الله تعالى : ' إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ ...' الآية. وقال ابن الجوزي في قوله تعالى: ' إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ ' قال ابن عباس: أصابهم يوم أُحُد قرح ، فشكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لقوا ، فنزلت هذه الآية قوله تعالى:' وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ' قال أبو الضحى: نزلت في قتلى أُحُد ، قال ابن جريج: كان المسلمون يقولون: ربنا أرنا يوما كيوم بدر ، نلتمس فيه الشهادة ، فاتخذ منهم شهداء يوم أُحُد.

اقرأ أيضا . . لماذا لا يستجب الله لدعاء المؤمنين به ؟ هل يعبأ الله بنا ؟ وما هى موانع استجابة الدعاء ؟

أما القرح فقد جاء في تفسير الطبري : إن يمسسكم قَرح فقد مس القوم قَرْح مثله '، بفتح ' القاف ' في الحرفين، لإجماع أهل التأويل على أن معناه: القتل والجراح، فذلك يدل على أن القراءة هي الفتح. وعن قتادة، قوله: ' إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله '، والقرح الجراحة، وذاكم يوم أحد، فشا في أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم يومئذ القتل والجراحة، فأخبرهم الله عز وجل أن القوم قد أصابهم من ذلك مثلُ الذي أصابكم، وأن الذي أصابكم عقوبة. وعن إسحاق قال، حدثنا حفص بن عمر قال، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: نام المسلمون وبهم الكلوم = يعني يوم أحد = قال عكرمة: وفيهم أنـزلت: ' إن يمسسكم قرحٌ فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس '، وفيهم أنـزلت في سورة النساء [سورة النساء: 104]: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ

WhatsApp
Telegram