يقول المولى سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (57) فما هو الشفاء الذي تتحدث عنه الاية ؟ وهل مقصود به شفاء مادي أو معنوي ؟ وما هو التأويل لها؟ لا شك في أن العلاج بالقران الكريم كما ثبت عن رسول الله –صلي الله عليه وسلم-من الرقي فهو علاج نافع وشفاء تام وقد تم ذكر ذلك في آيات القرآن الكريم في العديد من السور الكريمة، فالقرآن الكريم هو العلاج التام من جميع الأمراض القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة، وعلى هذا لم تعهد البشرية كتاباً مؤثراً في حياتها مثل القرآن الكريم، ويرجع هذا لما تركه القرآن الكريم في تصورات الإنسان وفي فكره ومعتقداته، وقام بإزالة الشك والريب وكان له تأثير قوي في إسلام عدد كبير من المشركين، لما له تأثير في النفوس النقية حيث يجعلها تنساق طوعاً إلى الدخول في الإسلام والإيمان به، وأيضاً له تأثير على القلوب حيث يجعلها ترق وتخشع لله سبحانه وتعالي ونجده أيضاً يكون له تأثير على الأجسام حيث يجعلها تهدأ ويسعي في تخفيف التوتر العصبي، حيث من شأن القرآن الكريم وعظمته أنه يتضمن ألفاظ وقوة مبانيه وبلاغته واحتوائه على المواعظ التي تلين القلوب، فقد بلغ تـأثير القرآن الكريم مبلغاً كبيراً في تأثيره على النفوس والقلوب، حيث له القدرة على الاستيلاء على قلوب المخاطبين وهذا لا يختص بالأنصار دون الخصوم، ولا بمحالفيه دون مخالفيه وأيضاً قد كان له تأثير قوي في الأعداء كما أثر في الأتباع.
اقرأ ايضا .. الجدل وطرق الاستدلال في القرآن الكريم من خلال الدلالة والبرهان
فلهذا القرآن العظيم الذي كان له تغير واضح للبشرية على وجه الأرض كان له تأثيره في العرب سواء مشركين ومؤمنين، فتأثيره على المشركين المعاندين المتعصبين الذين رفضوا أن يأمنوا بدين الإسلام الذين كانوا يحاربونه مع علمهم أنه كتاب من عند الله تعالي وهو دين الحق ذات تأثير بالغ البيان وبلاغة وروعة أسلوب حيث يتسم العرب بأنهم هم أهل اللغة وعشاقها والقرآن الكريم كان معجزاً في بلاغته وبيانه اللغوي وعلى هذا عندما سمعوا به تعجبوا واندهشوا حيث لا يستطيع أحد بنقده أو تحديه أو حتى الإتيان بمثله ولو آية واحدة، ومما يدل على شدة تأثير القرآن الكريم على النفس؛ أن بعض المشركين سمع آيات من القرآن الكريم تتلي فأسلم خوفاً من أن ينزل به العذاب، وكان له دور أيضاً في تأثيره على المؤمنين الذين أمنوا بدين الله سبحانه وتعالي واسلموا به، حيث قد حاز المؤمنون عند ربهم درجة رفيعة لتأثرهم بكتاب ربهم تأثراً عميقاً صادقاً، حيث كان له نتائج في مسيرة حياتهم وحياة من حولهم، فكان تأثير القرآن الكريم على القلوب يجعلها في سكون واطمئنان وسكون النفس، فكانوا يستمعون للقرآن بإيمان عميق وتدبر مما يجعلهم هذا في حالة يقين بوعد الله سبحانه وتعالي في كتابه لا تحركه الزلازل، فيتسمون بالخشوع والحذر والخوف من الله سبحانه وتعالي، وعلى هذا اتسم المؤمنون وصحابة الرسول صلي الله عليه وسلم بالنفس الراضية لخالقها برضي وقناعة.