يقول المولى في سورة يونس : رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا . تظهر هذه الآية العناية والاهتمام المكثف الذي يوليه القرآن الكريم للنفس البشرية بسبب أن البشر هم المستهدفين بالهدى والتوجيه والوعظ ومحاولة إصلاح شئونهم، فعندما نرغب أن نصل إلى ما للإنسان وما عليه يجب أن نحلل نفسيته ونوح كل جوانبها ومداخلاتها حتى يصبح على علم بما يدور داخله وتصبح لديه القدرة الكاملة على اتخاذ القرارات السليمة وتقويم سلوكياته، لذا أشار إلينا القرآن الكريم في آياته لمواقف الخلق بما بعث الله النبي الجليل وانقسامهم إلى ثلاثة فرق الأولى مؤمنين بالله إيمان لا شك فيه ولا ريب وهو أمر ظاهر وواضح ومرتكز على أفعاله وأقواله، والثانية هي زمرة الكفرة والمشركين بالله الكفر البين والرفض الواضح للإسلام وعقيدته، أما الأخيرة فهي فئة المنافقين وهم أبشع الخلق الذين آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم، وتظاهروا بحبهم وانتمائهم للإسلام وهم في حقيقة الأمر من أشد أعدائه وأكبر خصومه.
هنا كان السلوك البشري هو الهدف الرئيسي لآيات القرآن وكيفية تعديله وإصلاحه وتحويله للسلوك القويم الذي يتماشى مع شريعة الإسلام، ومن خلال شريعة الإسلام ومدرسة القرآن وآياته المحكمات والسنة النبوية الشريفة أصبحنا نحلل ونفسر ونتعلم منها ونستوضح معالم المنافقين وسماتهم وشرح لنا ماهية العلاقة العكسية التي نشأت بين الإسلام والمنافقين وذلك مصداقا لقول الله تعالى: { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ. وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ .