قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إنه على الرغم من التقدم العلمي والمعرفي والتكنولوجي، الذي شهده العالم بداية من القرن الماضي حتى الآن، لم يواكبه تقدم موازي في المجال الخلقي الإنساني يعول عليه في تصحيح مسار الإنسانية وتقويم سلوكها، حيث يلتبس عليها الخير والشر في الفكر، والحسن بالقبح في العمل.
وأضاف الطيب خلال كلمته في فعاليات مؤتمر جامعة الأزهر الثالث للتغيرات المناخية، المقام تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن التقدم التقني والمعرفي الذي شهده العالم أجمع حقق انجازات كبيرة للبشرية جمعا على المستوى المادي والاجتماعي والاقتصادي.
وتابع الطيب:' وإزاء هذه المفارقة المعكوسة في ضبط العلاقة بين التقدم المادي والتقهقر الخلقي في حضارة الإنسان المعاصر توقع الفلاسفة والمفكرون خطرا ماحقا يحل بالإنسانية قريبا أو بعيدا، وربما يعود بها الى عصور ما قبل التاريخ وقد نبه كثير منه إلى أن هذا الخطر بدأ تبدو نذره على استحياء مع حلول القرن التاسع عشر، وهو القرن المعروف بقرن مذهب النشوء والتطور والانفجار المعرفي في المذاهب العلمية والمدارس الفلسفية على مختلف مشاربها، بل قرن الثورة على المظالم الاجتماعية وعوامل التخلف البشري ولكنه مع ذلك وعلى ذلك ورغم كل ذلك، كان قرن التوسع في استعمار الشعوب وفي التسلط على مقدراتها وسرقة ثرواتها وتدمير قيمها وثوابتها، بل هو كان القرن الذي سخر فيه العلم بموضوعيته وحياديته لخدمة مطامع الاستعمار ونزاعاته السياسية والقومية، ويدل على ذلك الدعوات العلمية الزائفة التي كانت تروج في ذلك القرن لامتياز أجناس الثمان وتفوقها العقلي والحضاري على سائر الأجناس البشرية، وأن الجنس الآلي هو صاحب الفصل الأوحد في كل فتح من فتوح العلم والثقافة والحضارة قديما وحديثا وأن أمريكا نفسها لم تخلو من نصيبها من هؤلاء.