البرلمانية دينا عبد الكريم: تطوير الكوادر يمثل تحديا صعبا بالمشهد الاعلامي (حوار)

يمر المشهد الإعلامي في مصر بمرحلة انتقالية، تتلمس رؤى تجديد الدماء مع الحفاظ على قيم الثوابت المهنية، وتستكشف أساليب نوعية لتعزيز الرسالة الإعلامية، من خلال انتهاج الأدوات الرقمية الحديثة، بما يضمن تطوير توجهات المنظومة ومسايرة التجارب العالمية الرائدة، الأمر الذي حاولنا في 'أهل مصر'، التعرف عليه عن قرب عبر لقاء خاص مع الإعلامية، وعضو البرلمان المصري 'دينا عبد الكريم' التي تحدثت عن الأهداف المطلوب تحقيقها للارتقاء بالأداء الإعلامي، وروشتة التغلب على التحديات الموجودة بالوقت الحالي، وكيفية تطويع المنصات الرقمية لتنمية قاعدة الجمهور.

وكشفت 'دينا' عن أن الإعلام يمر حالياً بمرحلة أشبه بالركود في ظل مخاطبة اجيال مختلفه بنفس الأدوات، وهو الذي لا يناسب طبيعة الاعلام الرقمي موضحة أن خطاب القنوات التلفزيونية للشباب لم يعد يناسب أفكارهم، أو أعمارهم أو حتى شكل 'اللايف ستايل'، في ظل اعتمادهم الكلي على المنصات الرقمية ووسائل التواصل، مضيفة أن ذلك يجعلنا نفقد جزء كبير من جمهور الشباب الذي لا يعلم عن شيئا عن التاريخ والعصور السابقة وليس لديه اي خلفية معلوماتية تاريخية عن الاحداث المختلفة على جميع الأصعدة والمستويات.

'أهل مصر' تلتقي النائبة دينا عبد الكريم

مخاطبة أجيال مختلفة بنفس الأدوات لا يناسب طبيعة الإعلام الرقمي

وقالت 'دينا' أن الإعلام التليفزيوني حاليا يخاطب الفئة العمرية أكبر من (35- 40) عام بينما الشباب الذي يقل عمره عن 30 عام الذي هو السواد الأعظم من الجمهور منغمس في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يتم مخاطبتهم بوسائل اعلامية مؤهلة الأمر الذي يحتم على إدارات الإعلام وضع هذا الاتجاه في الاعتبار لتطوير نفسها، مشيرة إلى أنه خلال في الفتره الماضية بدأ عدد من القنوات والصحف رفع كفاءتها وتحسين مستوى المحتوى المقدم ومواكبة أدوات العصر الجديد للإعلام الرقمي، بينما على النقيض مازال البعض الآخر يقف محلك سر دون تقدم ولا تطور، معتبرة أن التحول لمنصات التواصل الاجتماعي يعتبر أبرز حجر لبناء الأساس في الإعلام العالمي حاليا، فعلى سبيل المثال نجد أن 'تيك توك' كمنصة أكثر وسيلة إعلامية متابعة تتيح كل أنواع المحتوى من العميق الجاد إلى البسيط الترفيهي.

وأوضحت 'دينا' أن علاج الركود الإعلامي حالياً يستدعي تطوير الكوادر وصناعة كفاءات للديها القدرة على مسايرة الأدوات الاعلامية الحديثة وذلك قبل تطوير الأدوات لأنه لن يجدي استخدام 'كوادر غير متطورة' لـ'أدوات متطورة' فذلك يعتبر التحدي الحقيقي للإعلام مما يحتاج تطوير العقول في التدريب على إنتاج المحتوى من الإلقاء والكتابة لرفع كفاءة الجودة، وتحسين جوانب المعالجة وجودة اللغة المستخدمة في خطاب الجمهور ورفع مستوى المهارات.

'أهل مصر' تلتقي النائبة دينا عبد الكريم

السوشيال ميديا طورت الصحافة وتناول الترندات يحتاج لتلك الشروط

وأكدت 'عضو البرلمان المصري' خلال حديثها أن وسائل التواصل الاجتماعي أدت إلى تطوير الشكل الإعلامي خلال الفترة الأخيرة بما فيه التليفزيوني والصحفي فهي أنقذت الصحافة عبر توفير منصة بديلة في يد كل فرد فمن كان يحلم أن يكون هناك جريدة في يد كل فرد بالمجتمع لكن السوشيال ميديا خلقت الإمكانية للنفاذ إلى الإعلام بشكل مبتكر ومتطور ولكن الأمر أصبح يتوقف على بذل الجهد مثل مسؤولي البرامج والصحف التي تقوم بنقل الأفكار والمحتوى دون تعب وتقديم جهد.

"الشغلانة بتخلص" شعار المرحلة أمام الجمود في مواكبة المهارات والمعرفة

وقالت 'دينا' أن ذلك الأمر يستدعي لفت نظر الاعلاميين والصحفيين إلى أهمية تعزيز المهارات ومواكبة التطور الرقمي للمهنة من خلال التحول إلى صناعة بشكل مهني واحتراف تلبية حاجة الجمهور المعلوماتية وفقا لمتطلبات العصر فيجب على العاملين بالمجال مواكبة التطوير وادراك الواقع المهني بأن 'الشغلانة بتخلص' والجمود في المكان بلا تطوير سيسلب صاحبه دوره ووظيفته كذلك الوسائل الإعلامية تحتاج للتطوير وتقديم محتواه بشكل معاصر ومبتكر أقرب إلى المواطن العادي ومستخدم الإنترنت إلى جانب الإنتاج الإعلامي التقليدي وذلك لضمان حقها في المنافسة والوصول لأكبر قاعدة من الجمهور باعتبار أن الجمهور هو مجال التنافس.

'أهل مصر' تلتقي النائبة دينا عبد الكريم

ودعت 'دينا' إلى معالجة ترندات السوشيال ميديا بشكل مهني وسليم بما يناسب الأخلاقيات الإعلامية والقيم المجتمعية والذوق الإعلامي بدلا من التناول السطحي الذي لا يساعد على تطوير عقلية الجمهور ولكنه فقط يعمد لإثارة الرأي العام من خلال صياغة العناوين الساخنة لزيادة عدد المشاهدات وتحقيق الانتشار على حساب الجمهور وتضليله بموضوعات هدفها 'الترافيك' فقط، مشددة أن تلك المعضلة 'سطحية المعالجة' تأتي لضعف الكوادر المسؤولة عن إنتاج المحتوى الإعلامي نتيجة ضعف التأهيل والتدريب وغياب المعرفة والثقافة العميقة. وتابعت 'دينا عبد الكلام' أن الوسائل الإعلامية تعتبر كثرة زيارات والتفاعل مقياس لنجاحها ولعل أبرز الأمثلة في ذلك تناول تفاصيل الحياة الشخصية مثل وقائع طلاق المشاهير والتي تتسم المعالجة الاعلامية فيها بالإثارة وتقليب الرأي العام وشغله بمواد جدلية دون قيمة بدلا من إنتاج محتوى جاد يناقش أسباب الطلاق الاجتماعية للمشاهير وشرح جوانب الموضوع وتعريف الجمهور بشكل نوعي لنوعية تلك المشكلات بشكل عميق.

القوانين التي تنظم الإعلام الرقمي كافية لدعم الاعلام بسبب كثرة التطورات

وأشارت 'دينا' أن وجود الكوادر مؤهلة يشكل نسبة ٩٠٪ من عملية إنتاج المحتوى الإعلامي المتميز لتبرهن على صحة كلامها بقيام الكاتب الكبير نجيب محفوظ بتحرير نشرة صباح الخير يا مصر في الماضي، موضحة أن ذلك يدفعنا للمقارنة بين الحاضر والوقت الماضي بسؤال من يفكر من يحلل المعلومات من يكتب للجمهور؟ .. لنجد الفارق الكبير في انتاج المعرفة.

'أهل مصر' تلتقي النائبة دينا عبد الكريم

وعن إساءة استخدام وسائل التواصل في العمل الصحفي والإعلامي من مخالفة القواعد العامة وإشاعة الأكاذيب كشفت أن جميع القوانين والتشريعات المنظمة لاشكالية التواصل الاجتماعي في مصر من قبل المجلس الأعلى للاعلام كافية تماما مشيرة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد خطرا على العاملين في الاعلام الا من يعاني الجمود ضد التطوير ومواكبة الأدوات الإعلامية والصحفية المبتكرة

بين صوت الناس وتنفيذ الرقابة لصالحهم.. التكامل علاقة تربط الاعلام والبرلمان

أكدت 'دينا' أن القوانين المصرية الفترة الماضية شهدت صياغة دقيقة مكنت المجتمع من مواجهة أي آثار سلبية للتواصل الاجتماعي فكل من يكتب ويدون على وسائل الديجيتال ميديا هو مسؤول أمام القانون مشددة في الوقت نفسه على انتهاء زمن حظر المنصات الإعلامية وأدوات التواصل مثلما تفعل بعض الدول كالصين لأنه يمنع الانفتاح العقلي ولا يمكن القياس عليه كنموذج كامل او تجربة حقيقية.

'أهل مصر' تلتقي النائبة دينا عبد الكريم

وشرحت 'دينا عبد الكريم' طبيعة العلاقة بين البرلمان والإعلام والتي تعتبر شراكة لدعم المواطن فالاعلام هو صوت الشارع ليصل لكل ما يحتاجه بينما يعد البرلمان رقيب المواطن على كل ما يخصه فدوره فاعل وداعم بينما الاعلام يستطيع النجاح أكثر من الأجهزة الرقابية بسبب الضغط الشعبي عندما يعبر عن المواطن لافته إلى أن المواطن العادي اذا لم يجد الإعلام يتناول ما يهمه أصبح يراه لا يعبر عنه وذلك بشكل مهني وفقا للسياسة التحريرية.

لهذه الأسباب .. الانتقال من التليفزيون إلى المنصات الرقمية تجربة كلها مزايا

وعن مستجدات الموسم الثالث من برنامج 'شغل عالي' تحدثت 'دينا' أن الانتقال من تقديم البرامج التلفزيونية إلى صناعة المحتوى عبر ذلك برنامج لم يشهد الكثير من الاختلاف فقط تم مراعاة السمات الخاصة بمحتوى المنصات الرقمية من قصر مدة المحتوى فمثلا تم تقليل فقرات البرنامج إلى فقرتين فقط بدلا من أربع فقرات كذلك اهتمامات الجمهور وطبيعة الجمهور المخاطب باعتبار أن فئة الشباب هي الأكثر استخداما للإنترنت ويبحث عن المحتوى المرتبط بالحياه الوظيفيه والتوظيف على الانترنت أكثر من جمهور التلفزيون الذي عادة يكون أكبر عمرا وله اهتمامات مختلفة كالتسلية والترفيه موضحة أن البودكاست كفكرة كانت مستهدف تطبيقها منذ الموسم الماضي كذلك تطوير جودة التصوير لإنتاج الديجيتال بدلا من التلفزيون.

وذكرت 'دينا' أن فكرة البرنامج تتكامل وتواكب الانتشار الكبير لنموذج البودكاست على السوشيال ميديا في ظل بحث الشباب عن أبرز الاتجاهات الجديده للتوظيف والمهارات الفنية لسوق العمل والفرص المتاحة وكيفية التأهيل والتدريب وآليات ربط بيئة العمل بأدوات التكنولوجيا متابعا أن تأثير الإنتاج الرقمي على عرض البرنامج يظهر في مضاعفة أرقام المشاهدات منذ بداية حلقات الموسم الثالث حيث تجاوزت الحلقة الاولى 800,000 مشاهدة بينما تجاوزت الحلقه الثانية مليون ونصف المليون مشاهدة وهذه الأرقام لم نكن نصل إليها عبر العرض التلفزيوني.

- لهذه الأسباب .. الانتقال من التليفزيون إلى المنصات الرقمية تجربة كلها مزايا

ولفتت 'دينا' إلى دور فريق العمل الذي لعب دور حيوي في تنفيذ وإنتاج وانتشار البرنامج من خلال التحول إلى منصات التواصل الاجتماعي والسعي إلى جذب نوعية الجمهور المتخصص بدلا من الانتظار مشاهدات الجمهور إلى شاشات التلفزيون كما كان في الماضي حيث اختلفت فئة المتابعين من حيث الاهتمامات والعمر والصفات كذلك ساعد نقل البرنامج على وسائل التواصل الاجتماعي على سرعه التفاعل مع المحتوى، من خلال النشرعلى فيسبوك وتيك توك ويوتيوب وسبوتيفاي وكذلك لينكدان وانستجرام وتراوح أعمار المشاهدين بين ( 18- 55 ) عام.

وصرحت 'دينا' بأنها كانت قلقة عند الانتقال البرنامج من التليفزيون إلى المنصات الرقمية بسبب اختلاف طابع التجربة وتغيير الأدوات لكن مع الوقت أصبح المجهود أكثر سهولة عكس السابق لأن صناعة المحتوى بطبعها أقرب إلى جمهور الشارع ومستخدمي الإنترنت وهنا يظهر دور فريق العمل المختص بأعمال الدعاية الرقمية للبرنامج من خلال التركيز على مزايا التسويق الرقمي مثل الفيديوهات القصيرة والريلز التي تقدم المعلومات بشكل بسيط وجذاب بعيدا عن محتوى التليفزيون الطويل والملل تستهدف كسر الصور الذهنية التقليدية.

وأكدت أن سياسة البرنامج تقوم على استهداف الجمهور وفقا لتفضيلاته من خلال البحث عنه أينما يكون على مختلف المنصات ومحاولة جذبه من مختلف المنصات مؤكدة أن فكرة البرنامج تبدأ من الحياة العامة التي مارست فيها شخصيا مختلف الأدوار الوظيفية فمخاطبة الجمهور على السوشيال ميديا علمتنا ذوق الناس وما هو المحتوى الذي سيجذبهم أو يستفزهم فمثلا صارت مشاركة قصص الناجحين على وسائل التواصل تستفز المستخدمين دون سبب وهو مايحتاج لتغيير ثقافة الناس، متسائلة لماذا لا يصدق الناس أن الناجح سلب حق الغير أو وهم غير موجود فذلك يعتبر دور الاعلام في التوعية والتثقيف والتعليم بجانب دعم الشباب لتطوير الذات وتنمية المهارات الوظيفية خاصة أن هناك حالة جمود من المجتمع ضد التدريب وتطوير النفس لأن الأفراد اتجهوا للبحث عن السهل 'فلم يعد المهم ماذا نعمل.. ولكن الأهم كم المال الذي نجنيه' على حد تعبيرها.

برنامج "شغل عالي" يستعد لطرح منصة "اب سكيل" لتدريب وتوظيف الشباب

'أهل مصر' تلتقي النائبة دينا عبد الكريم 2

واشارت 'دينا' إلى أن البرنامج يناقش في رسالته المهارات السلوكية للموظفين وتطويرها وتحسين مجالات بيئة العمل بالمؤسسات والمهن خلاف أفكار برامج الشركات الناشئة ورواد الاعمال التي تناقش قصص النجاح ونمو الشركات وتمويل الأفكار، مشيرة إلى برنامج شغل عالي يستهدف مناقشة التفاصيل البسيطة التي تبدأ بها قصص النجاح وبناء قدرات أصحاب النجاحات وصقل المهارات حيث انعكس ذلك على زيادة قاعدة المتابعين وجذب الجمهور عبر منصات التواصل بعد مناقشة تلك الموضوعات التي شدت انتباه المشاهدين في ظل تميز المحتوى المقدم.

وكشفت 'دينا' عن تأسيس منصة 'اب سكيل' لتكون ترجمة فعلية لفكرة البرنامج 'شغل عالي' لتعزيز دعم رجال الأعمال وأصحاب قصص النجاح للشباب الصغير والنشئ من خلال تقديم منح تدريبية بالتعاون مع مراكز متخصصة بالإضافة إلى دعم ضيوف البرنامج بتقديم بجانب توفير فرص توظيف للشباب الذين تم تدريبهم، وأضافت أنه سيتم الاطلاق الرسمي لمنصة 'اب سكيل' خلال الفترة المقبلة ونستهدف تنفيذ شراكات تعاون حكومية داعمة لها على رأسها وزارات التخطيط والشباب والاتصالات خاصة فيما يتعلق بتدريب بالعمالة الفنية المدربة لافتة إلى أن خطتنا للمواسم القادمة من البرنامج تتضمن تقديم خدمات حقيقية للأفراد لتطوير التدريب ورفع الكفاءات وتأهيلهم لسوق العمل.