يمر مجال الأمن السيبراني في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، بالعديد من المستجدات على ساحة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في ظل التحول إلى الحياة الرقمية والاقتصاد القائم على المعرفة، بالإضافة التطور الذي تقوده ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتقنيات المعقدة، الأمر الذي أوجد تحديات مختلفة، بالإضافة إلى ظهور الحاجة إلى انتهاج رؤى مبتكرة، حاولنا التعرف عن قرب على معالم المشهد السيبراني الجديد في حوارها الصحفي، مع أسعد عرابي المدير الإقليمي لشركة 'تريند مايكرو'، في افريقيا والأسواق الناشئة.
وتحدث أسعد عرابي قائلاً: أن الاقتصاد المصري يمر بمرحلة تطور كبيرة، خلال الفترة الأخيرة، في ظل التحول الرقمي الذي تقوم به الحكومة بالقاهرة، ما يستدعي الاعتماد على ،تكنولوجيا الحوسبة السحابية وتطبيقات الهاتف الذكية، بالإضافة إلى حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي وإنترنت الأشياء وغيرها من التقنيات الحديثة والأدوات الرقمية المتقدمة، والتي تزيد الحاجة إلى التأمين المعلوماتي لحماية البيانات وقواعد المعلومات.
وكشف أسعد عرابي، في حواره لـ'أهل مصر'، أن ذلك الأمر يجعل الشركة «تريند مايكرو»، في سعي مستمر إلى الإحاطة بالثغرات الأمنية لمواجهتها والقضاء عليها، مشيرا إلى أن تلك الثغرات تؤدي إلى مخاطر ينشأ عنها تهديدات سيبرانية، مما يؤكد دور التقنيات الحديثة، في أهمية الإحاطة بحل متكامل، لدعم المؤسسات، بحماية مراكز البيانات، والأجهزة الطرفية، والحوسبة السحابية، والأنظمة الصناعية، وشبكات المعلومات، والبريد الإلكتروني، مما زاد من سطوع الهجمات السيبرانية، ليشكل تحدي أمام خبراء الأمن السيبراني.
اسعد عرابي
مبادرات مختلفة لدعم الوعي بأهمية التأمين المعلوماتي
وأوضح أسعد عرابي، أن أبرز التحديات التي تواجه مصر، في مجال الأمن السيبراني، هو عملية التوعية والتثقيف، خاصة بين جميع عناصر المجتمع، من عامة الناس والمؤسسات، فتأمين البيانات على الهواتف والأجهزة المحمولة، أصبحت ضرورة هامة، متابعا أن 'تريند مايكرو' قدمت العديد من الجهود والمبادرات، لدعم الوعي بأهمية التأمين المعلوماتي، وتأثير عملية حماية البيانات، مشيرا إلى التعاون مع المركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسبات والشبكات 'ايجي سيرت'، التابع للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، بهدف رفع وعي الأفراد.
برنامج رقابي .. جهود حماية الأطفال على الإنترنت
وشرح أسعد عرابي، أن المجتمع في الوقت الحالي، أصبح في حاجة ماسة، إلى الاعتماد على الأمن السيبراني، في حياته اليومية والتي تبدأ مع الأطفال الذين يستخدمون الهواتف والأجهزة المحمولة والآيباد والألعاب الإلكترونية، مضيفا أن شركته تقدم نصائح دائمة إلى الوالدين، بأهمية الحماية والمتابعة لأطفالهم، خلال استخدام جميع الأجهزة الرقمية، حيث أطلقت 'تريند مايكرو' برنامج 'بيرنس كنترول' خصيصا لذلك الأمر، لدعم وتسهيل رقابة الوالدين على الأطفال، والذي يسمى 'تريند مايكرو موبايل سكيورتي'، فعملية حماية الأطفال على الإنترنت وتأمين استخدامهم للأجهزة، تبدأ من هذا السن المبكرة.
دور زيادة عدد خبراء أمن المعلومات لدعم مجال الأمن السيبراني في مصر
وأكد أسعد عرابي، أن المحور الثاني لتحديات الأمن السيبراني بمصر، هو زيادة عدد الخبراء بالمجال المعلوماتي، في ظل تصدير الكفاءات السيبرانية المحلية، إلى الخارج بهدف دعم الاقتصاد، مبينا دور الخبرات المصرية الأمنية، في تعزيز تجارب أمن المعلومات، ونقلها من الخارج إلى مصر، بل ومحاكاتها بأفضل السبل.
التعليم والتدريب بجميع تخصصات الأمن السيبراني الحديثة
جانب من لقاء أسعد عرابي
وأضاف عرابي، خلال حديثه لـ «أهل مصر»، أن 'تريند مايكرو'، تضع على رأس أولويات استراتيجية عملها في مصر، محور التعليم والتدريب، والذي تنفذه من خلال التعاون مع شركائها في تدريب مئات الطلاب، عبر برنامج تعليمي لجميع تخصصات الأمن السيبراني الحديثة (cpits)، يمتد منذ أكثر من 6 سنوات، منوهاً أن الشركة تقوم بتأهيل الخريجيين الجدد، من الصفر إلى أعلى الخبرات ومدهم بالوعي والإدراك الكافي، وبناء القدرات على النحو الذي يجعلهم كفاءات على أعلى مستوى، ليكونوا قادرين على ممارسة أي وظيفة بتخصصاتهم السيبرانية، خلال فترة التدريب .
تعزيز جاهزية البنية التحتية
وتطرق عرابي، إلى المحور الثالث والمتعلق بجهود 'تريند ميكرو' في تعزيز حماية البنية التحتية، وقواعد البيانات لدى المؤسسات والهيئات المختلفة، في ظل كثرة التحديات التي تواجهها، بسبب ارتفاع معدل التهديدات الأمنية المحيطة بها، منوها أن ذلك التحدي يدور حول التأكد المستمر، من جاهزية منظومات الحماية السيبرانية والدفاع المعلوماتي، بالتجهيزات والإعدادات الصحيحة، فمعظم الهجمات ترجع إلى مشاكل في إعدادات وسائل الدفاع أو لأخطاء بشرية، فالهدف يكون إيجاد بنية أمن سيبراني متكاملة، تستطيع الإحاطة بكل الثغرات الأمنية، على اختلاف أنواعها وأشكالها.
حلول أمنية استباقية للتنبؤ بالهجمات
ولفت أسعد عرابي، إلى أن الشركة تعمل على إنتاج حلول أمنية استباقية، للتنبؤ بالهجمات، والتي تعرف بـ«أنظمة المناعة السيبرانية»، حيث تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث تمثل حائط صد، يساعد المختصين في المؤسسات، على مواجهة مخاطر الهجمات والقرصنة الإلكترونية، وتوفير بيئة عمل رقمية آمنة، مشددا أن تلك الحلول تسهم في فهم خطط وأساليب، التي يتبعها القراصنة والمحتالين على الإنترنت، للتمكن من إنشاء نظام دفاعي فعّال، ومعرفة نقاط الضعف وتقويتها.
تأثير اكتشاف الهجمات الأمنية فور حدوثها لمواجهة محاولات الاختراق
وذكر أسعد عرابي، أن المحور الرابع يتضمن اكتشاف الهجمات فور حدوثها، وسرعة رد الفعل فور حدوث الهجمات، وحصر الأضرار الناتجة عن الاختراقات، لأن الأبحاث أثبتت أن المؤسسات قد لا تكتشف الهجمات السيبرانية، لمدة تصل إلى 204 أيام، ومن ثم قد تحتاج إلى 73 يوما أخرى، كي تواجه هذه الهجمات بشكل كامل.
أهمية تحليل بيانات التهديدات السيبرانية
وأكد أسعد عرابي، أن المرحلة التالية تشمل التوجه نحو تحليل بيانات الهجمات، ومعرفة مدى الاستجابة لحدوث الثغرة، والقدرة على ردعها، والقضاء على محاولة اختراق الأنظمة المعلوماتية الأخرى، مشيرا إلى أن تحليل بيانات التهديد السيبراني، يساعد على التعرف على الصورة العامة لقواعد البيانات، من نقاط القوة والضعف وتعزيزها وعلاجها وتحسين قدرات الأنظمة الدفاعية، مما يعزز أهمية الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وعمل دمج تكامل ودمج لنظم الحماية الأمنية والأتمتة.
أفضل سبل لحماية مراكز البيانات الاعتماد على حلول الحوسبة السحابية
وعن دور «تريند مايكرو»، في تعزيز تأمين مراكز البيانات، في ظل توجه الحكومات بما فيها «المصرية»، أفاد عرابي، أن أفضل سبل لحماية مراكز البيانات، هو الاعتماد على حلول الحوسبة السحابية الأمنية المتقدمة، في ظل التحول الرقمي، الذي ينتهجه العالم حولنا، لكن في الوقت نفسه لا زالت بعض الحكومات لا تفضل حلول السحابة، ولا تثق بها خاصة إذا كانت خارج حدودها، وتفضل الاعتماد على الحلول التقليدية لتأمين مراكز بياناتها.
جانب من لقاء أسعد عرابي
عدم الاعتماد على الحوسبة السحابية لا يعتبر تخلفا رقميا
وكشف أسعد عرابي، أن عدم الاعتماد على حلول الحوسبة السحابية، لا يعد مظهراً لتخلف الدول رقميا، لأن كل حكومة تقوم بما تراه مناسبا لسياستها التكنولوجية والأمنية، موضحا أن التحدي الذي يواجه الحكومة المصرية، هو أن أغلب الحلول السيبرانية لدعم مراكز البيانات مدعومة بتقنيات الحوسبة السحابية، وهو ما لا تعتمده بشكل كامل، مصر وعدد من دول أوروبا، وحتى الولايات المتحدة.
وتابع أسعد عرابي، أن «تريند مايكرو»، تعد إحدى الشركات القليلة حول العالم، التي تقدم بحوث ودراسات ومنتجات أمنية، لجميع مراكز البيانات، ومنها التقليدية التي لا تدعم الحوسبة، في ظل كثرة الطلب عليها، من الحكومات مضيفا أن الشركة تقدم جميع انواع الحلول الأمنية، كما تتيح الانتقال بسلاسة من الحلول التقليدية إلى السحابية، فيما يعرف بنظام الحلول الأمنية الهجينة.
حصة «تريند مايكرو» بسوق أمن المعلومات
وكشف عرابي، أن الشركة تستحوذ على حصة سوقية، تتراوح من 10%إلى 32% من سوق الأمن السيبراني، فيما يتعلق بالأجهزة الطرفية وخدمات الحوسبة السحابية وأجهزة الحماية الشبكية IDPS، بنهاية 2023 وفقا ما جاء بالتقرير السنوي، لشركتي 'جارتنر' و'IDC'، المتخصصة في الأبحاث السوقية.
تضاعف معدل الهجمات الأمنية على الأنظمة التقنية
وشرح عرابي، أن عملية الرقمنة، التي تنشدها الحكومات في ظل كثرة روافدها واتجاهاتها، ضاعفت معدل الهجمات الأمنية على أنظمتها التقنية، مما أدى إلى تعقيد المشهد السيبراني، خاصة مع ابتكار التكنولوجيا المتقدمة، مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي التوليدي، وغير ذلك مما يستدعي زيادة معدلات الانفاق، على عمليات البحث والتطوير، وتطبيق حلول أمنية جديدة على نفس مستوى الإبتكارات الرقمية الحديثة، وإلا ستنهار جميع الاستثمارات بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتذهب أدراج الرياح.
ونصح أسعد عرابي، المؤسسات بصياغة رؤية واضحة، بما تحتاجه من حلول وبما ينقصها من أنظمة، وتخصيص أولويات للانفاق، مشيراً إلى نموذج 'زيرو تراست' ما يعرف بالثقة الصفرية والذي يعتبر أحد نماذج الأمن السيبراني الحديثة، الذي يقوم على فرضية عدم وجود أي شخص أو جهاز أو برنامج أو شبكة موثوق به بالكامل، ولا يُسمح لأي منهم بالوصول إلى أصول المؤسسة الرقمية، حتى يتم التحقق المستمر من موثوقية هذا الشخص وجهازه حتى يتم ترخيصه، وهو يدعم الوصول بشكل انتقائي، فقط إلى الموارد التي يحتاجها المستخدمون، ويُطلب من الذين تم منحهم حق الوصول إلى الشبكة والبيانات والأصول الأخرى، مصادقة هوياتهم باستمرار.
ولفت عرابي، إلى أن ذلك يكون حل فعال على المدى المتوسط والبعيد، لأن تبني وتطبيق تلك الاستراتيجية رحلة تحتاج إلى 4 إلى 5 سنوات، والمؤسسات لديها خطة واضحة، لكيفية تبنى بيئة تدعم استراتيجية 'زيرو تراست'، مع السعي لبناء وحدات دفاع الأمن السيبراني، التي تتبنى تلك الإستراتيجية، وفق خطة واضحة ومعتمدة.
اسعد عرابي
وصرح عرابي، بأن تقدم ترتيب مصر في المؤشر العالمي، للأمن السيبراني، إلى المرتبة 23 من 183 مركز، يكشف عن تطور القدرات السيبرانية لها، بشكل عام مع إمكانية تحسين مستواها بأمن المعلومات خلال الفترة المقبلة، خاصة مع رغبة الحكومة المصرية، وفهم وإدراك المؤسسات والشركات لأهمية وتأثير الحلول والأنظمة الأمنية، مما يوضح ارتفاع حجم الوعي المعلوماتي، لدى متخذي القرار والاهتمام بالمشهد السيبراني.
وضع الشراكة مع وزارة التربية والتعليم على مائدة الاهتمامات
وشدد عرابي، أن 'تريند مايكرو' تضع التعاون مع أي جهة حكومية أو قطاع خاص، لدعم خدماتها بانظمتها بقائمة أولويات الشركة، مثل الشراكة مع مركز 'ايجي سيرت' التبع للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، كما تضع 'تريند مايكرو' الشراكة مع وزارة التربية والتعليم على مائدة اهتماماتها في ضوء تقديم محتوى دراسي، متعلق بأمن المعلومات، حيث تملك برنامج 'سايبر كيدز' مؤكدا أن فرع الشركة في مصر، لديه الضوء الأخضر من المركز الرئيسي في اليابان، لدعم كافة المبادرات المنوطة، بنشر الوعي وثقافة أمن السيبراني.
ولفت أسعد عرابي، إلى أن الشركة تقدم تقنيات متطورة لاكتشاف التزييف العميق في مختلف الوسائط بما فيها مقاطع الفيديو والصوت، مبيناً أن الملكية الفكرية لا تندرج تحت عناصر مجال الأمن السيبراني فكلا منهما نشاط وطبيعة مختلفة
وأشاد أسعد عرابي، بوصول مصر لمرحلة تدشين البنوك الرقمية، فهي شكل مبتكر للقطاع المصرفي، كان لابد من الإتيان به لمواكبة التحول الرقمي، مضيفاً أن المخاطر التي تحيط بالبنوك الرقمية، لا تختلف كثيراً عن تلك التي تواجه البنوك التقليدية، في مصر.
تركيز الاهتمام بالذكاء الاصطناعي في رؤية «تريند مايكرو»
وأكد عرابي، أن شركة «تريند مايكرو»، تنصب تركيزها خلال العام الحالي، على محور الذكاء الاصطناعي، موضحا أن تقنياته تعتبر سلاح ذو حدين، مشيرا إلى أن الشركة تركز أيضاً، على محور دعم الإنتاجية، وتنمية الوعي بالمخاطر المعلوماتية، وطرق الحماية ضد التهديدات السيبرانية المختلفة، لتحقيق الهدف الرئيسي وهو تعزيز مكانة «تريند مايكرو»، في مجال الأمن السيبراني، وقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل عام.
مصر جاهزة لتطبيق الحوسبة الكمية
أوضح عرابي، أن مصر تعتبر بيئة جاهزة لتبني تقنيات الحوسبة الكمية، والتي تمثل نقلة نوعية في عالم التحول الرقمي، بما يقتضي تغيير تقنيات تشفير البيانات وحمايتها، وكشف أن الذكاء الاصطناعي، ساهم في تطور مستوى الهجمات الأمنية، مثل التزييف العميق 'الديب فيك'، مضيفا أن مصر، في حاجة إلى المزيد من تطوير التشريعات والقوانين المنظمة لأمن المعلومات، خلال الفترة المقبلة.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
