رمضان في أوكرانيا 2020.. كانت أجواء الشهر الكريم في البلد الواقع في أوروبا الشرقية، تبدأ قبل حلوله بأيام، حيث كانت تنصب مسبقا خيام رمضانية كبيرة، وتعلق أضواء خاصة في ساحة المركز الإسلامي بالعاصمة كييف الذي يعد واحدا من أشهر معالم أوكرانيا الإسلامية، لكن اليوم ومع تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بشكل كبير في أوكرانيا، وما تبع ذلك من فرض إجراءات احترازية مشددة للحد من تفشي الفيروس، تبددت تلك المظاهر وغيرها من الطقوس الرمضانية التي ارتبطت منذ القدم بحلول شهر الخير، كأداء صلاة التراويح بالمساجد، التي أُغلقت مؤخرا، وتنظيم موائد الإفطار الجماعي بساحات المساجد، وغيرها من الروحانيات التي لم تعد تخرج من إطار بيوت الأقلية المسلمة في هذا البلد.
إجراء لقاءات صحفية مع مسلمي أوكرانيا في رمضان (أرشيفية )
وفي أحدث إحصائية لها صادرة صباح اليوم الإثنين 18 مايو 2020، أعلنت وزارة الصحة الأوكرانية ارتفاع مجمل الإصابات بالفيروس المستجد إلى 18616 حالة مؤكدة مخبرياً، فيما وصلت حصيلة الوفيات إلى 535 وفاة، بينما بلغ عدد حالات الشفاء 5276 حالة بحلول التاريخ المذكور.
رمضان في أوكرانيا (أرشيفية )
كانت أجواء الشهر الكريم تبدأ أيضا بجملة من الحملات الخيرية والإغاثية التي تسبق رمضان بأيام وتستفيد منها عشرات الأسر، كحملات توزيع "الطرود الغذائية" الرمضانية، التي قد تكون مستمرة إلى الآن ولكن بتوزيع تلك المساعدات على بيوت ومنازل مستحقيها وليس بالمساجد والمراكز الإسلامية كما كان معتادا في السابق.
رمضان في أوكرانيا (أرشيفية )
وكانت تلك الأجواء تنعكس أيضا في برامج "الإفطارات الجماعية" التي يحضرها الآلاف يوميا، وما كان يتبعها من جلسات سمر وقهوة وشاي وحلوى تسبق موعد صلاة التراويح التي كانت تنتهي عند حلول منتصف الليل تقريبا.
توزيع طرود رمضانية (أرشيفية )
وفيما يتعلق بأشهر أكلات مسلمي أوكرانيا في رمضان، يقول الشيخ إدغار ديفل كاموف، عضو لجنة الإفتاء والبحوث الإسلامية في أوكرانيا وإمام المركز الإسلامي في مدينة دنيبرو، في تصريحات صحفية سابقة: "نحن مسلمون اعتنقنا الإسلام حديثا، وأنا منهم؛ والكثير من مسلمي البلاد الأصليين نسوا مطابخهم وعاداتهم وتقاليدهم الرمضانية بعد سنوات الحكم السوفياتي؛ قبل أن يأتينا الطلاب العرب ويعلمونا الإسلام وأكل الرز الذي صار من عاداتنا وتقاليدنا إن شئت".
رمضان في أوكرانيا (أرشيفية )
ويوضح ديفيل كاموف بالقول: "منسف، مقلوبة، كبسة، أوزي، أطعمة عربية رئيسية على موائد إفطارنا الرمضانية؛ حتى البلوف الأوزبكي يطبخ على أساس الرز، فلا مفر…"، ثم يستدرك قائلا: "لا، إخواننا الباكستانيون يعدون أحيانا طعاما حارا لا رز فيه".
مائدة إفطار جماعي في أوكرانيا (أرشيفية )
لكن الشيخ إدغار يعترف بأن "هذه السيطرة لأطعمة الرز" ترجع إلى قلة التكلفة نسبيا وسهولة التغليف ضمن وجبات توزع على الصائمين، ويقول: "المطبخ الأوكراني غني، لكن تطبيقه صعب، فهو يبدأ بالحساء الساخن ثم بالوجبة الرئيسية، وهذا مكلف أكثر ويحتاج وقتا وجهدا أكبر".
رمضان في أوكرانيا (أرشيفية )
وبالنسبة لتتار القرم، كانت تُنصب الموائد على الطرقات، وتعم روائح السامسا والتشيبوريكي والمانتي"، وهي أطعمة قرمية تترية وأوزبكية شهيرة خالية من الرز، فقد حرص الآباء والأجداد في المهجر على التمسك بالهوية والعادات والتقاليد.
إفطار جماعي في أوكرانيا (أرشيفية )
ولكن في العاصمة كييف وكبريات المدن، تجد الغلبة لمائدة وحلويات العرب، فالرز على الإفطار والكنافة أو القطايف مع القهوة العربية بعدها، والحمص والفول على السحور أيضا.
خيمة رمضانية في أوكرانيا (أرشيفية )
ولعل من أبرز الأجواء الرمضانية التي ظهرت وتزايدت في أوكرانيا خلال الأعوام القليلة الماضية هي ما يمكن تسميته بـ"الأسواق الشعبية" على أطراف الطرق المؤدية إلى المراكز والمساجد.
رمضان في أوكرانيا (أرشيفية )
مسجد في أوكرانيا (أرشيفية )
في هذه الأسواق، التي اُغلقت اليوم، كانت تباع أطعمة وعصائر وتمور وفطائر، يقصدها المسلمون وغير المسلمين على حد سواء، حتى وقت متأخر من ساعات الليل.
إفطار جماعي في أوكرانيا (أرشيفية )
مدير مركز إسلامي في أوكرانيا (أرشيفية )
ومن المشاهد أيضا التي تلاشت مؤخرا، ضجيج الأطفال الذي كان يفرض نفسه في المساجد ومرافق المراكز الإسلامية. ولم تفلح -على ما يبدو- جهود تخصيص مرافق خاصة أشبه بالروضات لاحتضانهم والعناية بهم خلال الشهر المبارك، ولكن، رغم أن ضحك الأطفال وصراخهم وبكائهم كان كثيرا ما يزعج المصلين وقراء القرآن، خاصة في مسجد النساء، إلا أنه كان يعكس بالمقابل اهتماما من قبل الآباء باصطحاب أولادهم خلال شهر الصيام، في مجتمع يعتبر فيه المسلمون أقلية لا تزيد على مليون نسمة من أصل نحو 42 مليونا، وفق القائمين على المراكز.