كعادتهن تحت أشعة الشمس منذ شروقها، تحملن أطفالًا لم يكملوا عامهم الأول بعد، ينتظرن "مدد" الحكومة ليطعمونهم، لبنًا لا يغني بالطبع عن رضاعة الأم، لكن لأسباب صحية أصبح بديلًا لا غنى عنه، بدأت ساعات اليوم رتيبة لكن ملامحه تغيرت فالأطفال يصرخون والأمهات معهن، وانتهى اليوم دون أن تنتهي الأزمة.
وأمام معهد ناصر، تظاهر عدد من الأمهات والآباء، احتجاجًا على رفع أسعار لبن الأطفال المدعم وعدم توافره، ورفض الشركة المصرية لتجارة الأدوية صرفه؛ ما أدى إلى شلل مروري تام بكورنيش النيل، واستمرت المظاهرة لساعات، ليشهد كورنيش القاهرة على إحدى مآسي المصريين، بعد هوجة رفع الدعم عن المواطنين والتي بدأت بالكهرباء والسلع الغذائية ووصلت أخيرًا إلى لبن الأطفال.
ويبدو أن الحكومة تدير الازمات بعيدًا عن المواطنين – في حال اعتبروها أزمات- فما بين المشهدين كواليس كثيرة، أحدهما في الشارع والآخر في مجلس الوزراء، تعاملت الحكومة مع "مظاهرات الألبان" من زاويتين إحداهما كان بطلها وزير الصحة والآخرى بطلها وزير التموين السابق.
"وزير الصحة: وفرنا الألبان لـ 29 حالة مستحقة"
الدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة والسكان، خرج بتصريحات صحفية، بأن اليوم الخميس هوّ الأول لتطبيق منظومة ميكنة صرف ألبان الاطفال الصناعية المدعمة.
وقال الوزير إن اليوم شهد تجمع لأولياء أمور الأطفال أمام الشركة المصرية لتجارة الأدوية ويعود ذلك إلى أن الأماكن التي توجهوا اليها لم تكن منافذ لصرف الألبان، وبالفعل تم توجيههم إلى 8 منافذ تابعة لوزارة الصحة في محيط الشركة لصرف الألبان المستحقة لهم، موضحًا أنه تم صرف الألبان لعدد 29 حالة من الأطفال المستحقين، بينها 22 حالة من المستحقين من مركز عثمان بأغاخان الكائن بجوار الشركة المصرية، كما تم صرف الألبان لعدد 7 أخرين من منفذ نوبار الكائن بجوار الشركة أيضا، فيما تم صرف الألبان للبعض الأخر من منفذ حجازي الكائن بجوار الشركة المصرية أيضًا، مؤكدًا أن صرف ألبان الأطفال المدعمة يتم حالياً عن طريق منافذ وزارة الصحة فقط البالغ عددها 1005 منفذاً بوحدات الرعاية الصحية الأساسية والأمومة والطفولة بجميع محافظات الجمهورية.
أما مدير المركز المصري للحق في الدواء، محمود فؤاد، قال إن صرف ألبان الأطفال المدعمة بمنافذ وزارة الصحة ومراكز الأمومة والطفولة للمواليد سن يوم إلى ٦ أشهر بـ ٥ جنيهات بدلا من ٣ جنيهات، بزيادة قدرها 40 % وكذلك صرف الألبان للأطفال الأكبر من ٦ أشهر بـ ٢٦ جنيهًا بدلاً من ١٨ جنيهًا، وأن الألبان غير المدعمة تم رفع سعرها من ١٥٪ إلى ٣٠٪.
"منظومة الدعم" الكلمة المحورية في مناقشان الأيام الماضية، من الحرفيين والعمال والموظفين وحتى الوزراء والحكومة، والتي طغت على السطح بعد أزمة قرض صندوق النقد الدولي، لكن أزمة الدعم لم تنته بالحصول على موافقة الصندوق بالقرض، فاستمر ملف الدعم على الساحة، فوسط تظاهرات العشرات بسبب نقص "اللبن المدعم" وجه مجلس الوزراء الشكر لوزير التموين السابق خالد حنفي، عن مجهوداته في الفترة السابقة ومبادراته الناجحة، وذلك بعد أن تقدم الوزير باستقالته على خلفية قضية فساد القمح وإقامته في أحد فنادق القاهرة الكبرى، وعلى الرغم من مرور ما يقرب من أسبوع على إقالة الوزير لم يتم تعيين وزير للتموين خلفًا له.