"يا أعدل الناس إلا في معاملتي فيك الخصام وأنت الخصم والحكم".. ينطبق هذا البيت من شعر أبوالطيب المتنبي، على حال القطاعين الطبي والدوائي في مصر، فوزارة الصحة في مشكلتها الأخيرة مع نقابة الصيادلة، هي الخصم والحكم في قضية طرحها نقيب الصيادلة الدكتور محي عبيد، لتقف الصحة ملوحة بعقوبات وبلاغات للنائب العام، وتصعيد ضد النقيب ونقابته، ولا أحد يعرف عند أي حد سينتهي الأمر.
اتهم نقيب الصيادلة محي عبيد، وزارة الصحة بمخالفتها للقانون، حينما أوضح منذ يومين أن وزارة الصحة تعيد تدوير أدوية فيروس "سي" منتهية الصلاحية، في مستشفيات التأمين الصحي، مما فجّر أزمة كبيرة بين الوزارة والنقابة، تبادل خلالها الطرفان، سلسلة من الاتهامات وصلت إلى حد التهديد ببلاغات للنائب العام، ورفع دعاوى قضائية.
ففي حين نشر النقيب مستندات تفيد موقفه وتؤكده صحة روايته، أخرجت وزارة الصحة هي الأخرى مستندا يوضح ضعف رواية النقيب وصحة موقفها.
وجاءت في رواية النقيب وبعض الصيادلة أن الوزارة قررت شطب تاريخ صلاحية دواء منتهي، لتدون عليه تاريخ جديد وترسله للتأمين الصحي، لصرفه للمرضى، فما كان من وزارة إلا أن ردت بأنه من الممكن مد صلاحية الدواء، وفقا لما يحدث في العالم كله.
"أهل مصر" توضح كيفية تسجيل الدواء وتحديد تاريخ صلاحيته
تتقدم شركات الأدوية باختراعها الجديد، لأول مرة إلى منظمات وهيئات الدواء، لتحصل على ترخيص له، وهو ما يسمى بالترخيص المبدئي، حيث يحصل على تاريخ صلاحية مدتها عامين، ثم تقدم الشركات للحصول على ترخيص نهائي مدته 3سنوات، وهو ما تحدده دراسة "الثبات"، والتي تؤكد فاعلية وثبات المستحضر، وعلى أساس مدة هذه الدراسة سواء كانت عام أو عامين أو ثلاثة، تحصل الشركة على مدة الصلاحية، وهي المدة المدونة في النهاية على العبوة.
وفي حالة عقار فيروس سي والمعروف بــ"كلاتازيف"، فإن وزارة الصحة قامت بمد مدة الصلاحية دون المرور بالخطوة الثانية، للحصول على ترخيص نهائي بصلاحية 3 سنوات، فالمنتج بتاريخ يوليو 2015، فقامت الوزارة بشطب التاريخ المدون على العبوات، ومد تاريخ صلاحيته من يونيو 2017 إلى ديسمبر 2017، وهو ما أدى إلى اتهام "الصيادلة" لـ"الصحة"، ومطالبتها بإجراء تحقيق سريع وإعلان نتائجه، حرصا علي سمعة صناعه الدواء في مصر.
وبعد سيل من الاتهامات، نشرت الوزارة دراسة تثبت أن الدواء آمن.
وأطلعنا مصدر بالوزارة –رفض ذكر اسمه- أن الصحة تجبر مرضى التأمين الصحي على الدواء رغم انتهاء مدة صلاحيته منذ 6 أشهر، مؤكدًًا أن الشركة المصرية لتجارة الأدوية – إحدى شركات القابضة للأدوية والكيماويات التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام-، استوردت أدوية بـ66 مليون جنيه، ولم تستطع توريدها، بسبب رفض لجنة الفيروسات الكبدية لتوريد الدواء وقتها.
وأضاف المصدر أن الوزارة رأت أن عدم توريد الدواء سيتسبب في ضياع مال عام، فقامت الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بالوزارة، بمد صلاحية الدواء من يونيو إلى ديسمبر 2017، ليصبح من الممكن ضخه في مستشفيات التأمين الصحي، وتعوض الخسائر المتوقعة، حتى إذا كانت على حساب المرضى، مختتما: "وزارة الصحة تحارب الصيادلة والشركات وهي الراعي الرسمي للأدوية منتهية الصلاحية، وتحاول ترتيب أوراقها ليبدو الأمر طبيعيا".