"أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري وأن أحترم الدستور والقانون وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه".. كانت تلك الكلمات هي أول ما نطق به الدكتور أشرف الشرقاوي، وزير قطاع الأعمال العام، حينما أقسم أمام رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، كجزء من مراسم توليته الوزارة، ليصبح بعدها واحدًا من المسئولين عن الشعب وأمواله، سواء كانوا مواطنين أو موظفين بإحدى شركاته القوابض.
إلا أن الوزير وتابعيه من رؤساء الشركات القوابض وما يتبعها من شركات، لم ينتبهوا إلى وجود من يظلم في عهدهم، وجزء من ولايتهم للمنصب هو مسئوليتهم عن أي مخالف أو فاسد بقطاعاته المختلفة المشرفين عليها، وهو ما لم يحدث في شركة "أطلس للمقاولات والاستثمارات العقارية وأعمال التكييف والمصاعد"، إحدى شركات القابضة للتشييد والتعمير، التابعة لقطاع الأعمال العام.
وردت إلى "أهل مصر" شكوى من المهندس شريف مراد محمود مسلم، وكان يعمل بالشركة المذكورة مدة 25 عامًا، يستنجد فيها من المخالفة الصريحة من رئيس الشركة لأحكام القانون، حيث صدر حكم بعودته إلى عمله من مجلس الدولة في عام 2015، ولم يُُنفذ حتى الآن.
وذكر "مسلم" لـ"أهل مصر" أنه وزميل له يدعى ياسر محمد حسين، فوجئا بفصلهما عن العمل، بناء على القرار رقم 57 لسنة 2012، بزعم أنهما أخلا بمقتضى الواجب الوظيفي بإصرارهما على التحريض وإثارة العاملين وتعطيل العمل، على إثر مطالبات عمالية قادوها بصفتهم النقابية كـ"أعضاء باللجنة النقابية بالشركة" ما استدعى رئيس الشركة وقتها إلى إصدار قرار، اعتبرته المحكمة خاطئا.
وحكمت المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية، والمختصة وفقًًا للمادة رقم 44 من القانون رقم 203 لسنة 1991، بشأن شركات قطاع الأعمال العام، بقبول طعن المذكورين وإلغاء القرار رقم 57 لسنة 2012، المطعون فيه أمام المحكمة، مع مراعاة ما يترتب على إلغاء القرار من عودتهما إلى العمل، وتعويضهما التعويض المناسب.
وأضاف المهندس المفصول، أنه التقى هشام مصطفى كمال، رئيس مجلس إدارة الشركة الحالي والعضو المنتدب، عند توليته منذ عام ونصف تقريبا، وشرح له الظلم الواقع عليه، ولم يجد سوى وعود بالعودة إلى العمل لم تنفذ بعد مضي عام ونصف العام من اللقاء، مشيرا إلى أن المذكور رجل قادم من المؤسسة العسكرية ومعروف عنها الانضباط وتطبيق القانون، متسائلا: "كيف لرجل مثله أن يتغاضى عن تطبيق القانون مع سبق الإصرار والترصد؟".
وتابع: "توجهت بشكواي إلى الشركة القابضة للتشييد والتعمير، وإلى وزير قطاع الأعمال لكن لم أتلق ردًًا، وكنت أرتب للقاء تليفزيوني معه من خلال مداخلة في أحد البرامج التليفزيونية، لكن الإعداد منعنى، مشيرا إلى أن قانون العمل الحالي رقم 12 لسنة 2003، قانون سئ السمعة، ولا يُُنصف العمال، حتى في المحاكم العمالية، لأنه أُُعد من أجل إهدار كل حقوق للعمال، لذا لجأ المحامون إلى مواد بالقانون المدني تلزم المسئول الأعلى بتحقيق العدالة وتنفيذ الأحكام التي لم ينفذها المدير المباشر، بل وتقاضيه إذا لزم الأمر، وفي حالته –حسبما ذكر- من الممكن أن يقاضي رئيس الشركة القابضة، ووزير قطاع الأعمال.
وبعودتنا إلى المادتين 174 و175 من القانون المدني، فإن هناك علاقة تسمى مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، والتي بمقتضاها استطاع بعض العمال رفع قضايا بقضايا الدولة، وكسبها، حيث أن القانون في هذه المادة يفيد بأن "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور وتقوم على فكرة الضمان القانوني؛ فيعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد، ومن ثم فإذا أوفى المتبوع التعويض للمضرور كان له أن يرجع به كله على تابعه محدث الضرر كما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذي كفله لأنه مسئول عنه وليس مسئولًا معه"، وهذه القاعدة هى التي فننها المشرع في المادة 175 من القانون المدني.
كما أن المادة 174 من القانون المدني تفيد بأن "مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضًا لا يقبل إثبات العكس، مرجعه سوء اختياره لتابعه، وتقصيره في رقابته وأن القانون إذ حدد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل الضار غير المشروع واقعًا من التابع حال تأدية الوظيفة أو بسببها" ولم يقصد أن تكون المسئولية مقتصرة على خطأ التابع وهو يؤدي عملًا من أعمال وظيفته، أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ.
وبناء عليه، طالب المهندس شريف مراد، الوزير ورئيس الشركة القابضة، بتنفيذ حكم عودته للعمل فورا، نظرا لما وقع عليه من ضرر نفسي ومعنوي نتيجة الفصل، والسؤال الآن: هل أصبح المسئولين بشركات قطاع الأعمال فوق القانون لا يحاسبون؟ وهل سيستجيب الوزير لمناشدات المذكورين؟