حكايات "البيع والتسول" داخل عربة السيدات بالمترو: "الرزق حلو بس العسكري صاحي"

تختلف قصص حياة بائعات المترو، فهناك من تأتى من محافظة أخرى لبيع بضائعها، طلبًا للرزق، وهناك من تتخذها وظيفة لجني العديد من الأموال، واستعطاف قلوب الركاب، وتحول تفكير العديد من راكبات المترو، إلى النظر لهولاء البائعات على أنهم "نصابات"، واستمر البعض الآخر في النظر إليهم بنظرة العطف، محاولين مساعدتهم، على تحمل مشقة الحياة.وتستعرض "أهل مصر" في التقرير التالي عدد من حكايات بائعات في المترو..بينما تقف "أ.س" فتاة في مقتبل العشرينيات، في الخط الأول لمترو القاهرة الكبرى لبيع مستحضرات التجميل، وجدت صديقتها التي تعمل بائعة "دبابيس ومناديل" في ذات العربة، وخلال حديثهم حول البيع في المترو والخطورة التي تواجهم في تلك المهنة، تطرقوا إلى الحديث عن مشاجرتهم مع ركاب المترو من السيدات."من يومين اتخانقت مع زبونة وروحنا القسم"، بهذه الكلمات بدأت بائعة مستحضرات التجميل ذات البشرة القمحية والجسم الممتلئ، تروي لصديقتها التي تنتظر مولودها الأول خلال الشهر الجاري، تفاصيل مشاجرة وقعت بينها وبين إحدى راكبات المترو، ووصل الأمر بينهم إلى الذهاب إلى مركز الشرطة بعد تحويلهم على يد الضابط الذي صادف تواجده في المحطة التي استقر بها المترو، لينتهي بهم الأمر إلى أخذ أقوالهم حول المشادة الكلامية التي وقعت بينهم.وتتابع البائعة لصديقتها، "أنا قولت للزبونة سبيني أكل عيش، لكن هي زعقت وبهدلتني، والضابط أخدنا على القسم وهناك قولت أنها ضربتني، ودفعت غرامة أنى ببيع في المترو، وهي فضلت يومين في القسم، ده اللي عرفته لما روحت اسأل تاني يوم حصل معاها أيه"، لترد عليها صديقتها: "قسم وحبس!.. أنا عمري ما دخلتهم، لما بيكون فيه قلق في محطة، بخبى شنطة البضاعة وخلاص".وفي عربة أخرى، تقف سيدة يظهر على وجهها علامات الشيخوخة، تمسك بيدها "فطير مشلتت" مغلف بشكل جيد، تروي قصتها وتغني في الوقت ذاته، فتقول: "أنا من بلد في الصعيد وكل يوم الفجر باجي مصر أبيع في المترو الفطير، ربنا يرزقني ويرزق الناس كلها اشتروا مني".ونظرًا لكبر سن السيدة، وعدم قدرتها على تحمل مشقة الوقوف طويلًا لبيع "الفطير"، تجلس في إحدى أركان المترو أثناء سيره، ولتجذب انتباه الركاب، تنشد بصوتها العذب، أناشيد دينية، ليتهافت عليها كبار السن من السيدات، لشراء "الفطير"."ساعدوني أنا ابني في المستشفى عنده سرطان ولازم أدفع الفلوس"، بتلك الكلمات تستعطف "ف.أ" السيدة التي يظهر عليها علامات الشقاء، قلوب العديد من راكبات المترو، لجني الأموال، التي تستطيع بها أن تسدد تكاليف علاج طفلها الذي أصيب بمرض السرطان.وتتابع السيدة النحيفة التي ترتدى "عباءة" سوداء طويلة، سرد حكايتها لراكبات المترو من كبار السن والشابات، وتقول: "أنا من المنوفية بس هناك مفيش علاج لأبني، كان لازم أجى مصر عشان أعالجه، وأبوه سبني وطفش لما عرف أن ابنه عنده سرطان"، مضيفة: "ساعدوني ولو حتى بجنيه، واللي عايز يتأكد أن ابني في المستشفى يجي معايا".لترد عليها سيدة من إحدى ركاب المترو، ذات بشرة بيضاء وملابس تعكس مستواها الاجتماعي الجيد، "أنا بقالي 3 أيام بشوفك في المترو وبتقولي نفس الكلام ده، بدل ما تتسولي، روحي شوفى شغل محترم وحافظي على نفسك وأطفالك".لتلتقط سيدة آخرى تصطحب معها طفلها الذي لم يتعدي عمره 5 سنوات منها الحديث، وتقول: "انتي من فترة شوفتك كنتي في المترو وبتقولي ابنك مات وعايزة فلوس تدفنيه، ارحمي نفسك يا بنتي من الشغل ده، وبلاش كدب عشان ربنا يكرمك"."نزلت من المترو بعد ما العسكري مسكني، وقالي ادفعي الغرامة، لسا بطلع الفلوس، جه عسكري يعرفني قالي خلاص يا أم كرولس متدفعيش"، موقف آخر ترويه بائعة "عسلية" من بائعات الخط الأول بمترو القاهرة الكبرى، لبائع صادف تواجده معها في ذات العربة، ليبيع "سماعات للهواتف الذكية"، الأمر الذي أدى لاندهاش البائع الشاب، مما ترويه الشابة.وتتابع الشابة التي ترتدي ملابس ضيقة، وتحمل في يدها العديد من أكياس "العسلية"، "أنا بقالي 4 سنين ببيع في المترو وبيطلع ليا منه رزق كويس"، مقدمة نصيحة إلى الشاب الذي يبيع "سماعات الهاتف": "لما تلاقى محطة فيها قلق اوعى تظهر البضاعة اللي في أيدك، ولو اتمسكت متزعقش، ادفع الغرامة وأنت ساكت، عشان تعرف تكمل شغلك من غير مضايقة من حد"."والله يابني لسا راجعة من القسم، ودافعة غرامة، سبني أكل عيش وأطلع رزق عيالي"، كان ذلك رد السيدة ذات الأربعين عامًا التي تمسك بيدها مجموعة من مستحضرات التجميل، داخل إحدى عربات السيدات بالخط الأول لمترو الانفاق على عسكري طلب منها أن تنزل من العربة، لأن التسول والبيع في المترو ممنوع.ليقف العسكري يفكر قليلًا في حديث السيدة التي تدعى "أ.خ"، ويرد عليها: "لا يا ست لو سمحتي انزلى ده قانون لازم يتنفذ"، لتقاطع حديثهم شابة طويلة القامة، جميلة المظهر، وتقول: "خلاص سيبها ده بتاكل عيش، ومعملتش حاجة"، ويغلق المترو أبوابه، وبذلك ينهي الحديث الذي دار بين بائعة "مستحضرات التجميل" والعسكري والشابة، لتستكمل الباعة ذات العباءة الطويلة عملها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً