اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن تخفيف الحكومة الأمريكية للعقوبات المفروضة على السودان خطوة كبيرة نحو تطبيع العلاقات مع دولة اتهم زعيمها بارتكاب جرائم حرب، وهو ما دفع البعض للتساؤل هل تستقبل أوروبا الرئيس عمر حسن البشير.
وقالت الصحيفة، هذه الخطوة تعد معلماً بارزًا في إعادة تأهيل الدولة التي كانت سمعتها جيدة في استضافة المتطرفين مثل أسامة بن لادن وكارلوس جاكال في التسعينات، واشتراكها مؤخرا بجرائم حرب ضد شعبها.
وكان القرار متوقعًا على نطاق واسع، وفي الأسبوع الماضي رفعت إدارة ترامب السودان من قائمتها للدول الممنوع دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة.
ونشرت وزارة الخزانة الأمريكية مذكرة رسمية تعلن القرار وتؤكد أن العديد من العقوبات لا تزال قائمة، واستشهد المسؤولون بتحسين وصول المساعدات الإنسانية، والتخفيف من حدة النزاعات داخل السودان، والتقدم في مكافحة الإرهاب.
وأوضحت الصحيفة، أن إدارة ترامب أكدت أيضا التزام السودان بـ "الابتعاد عن كوريا الشمالية"، حيث كان يشتبه منذ فترة طويلة بوجود علاقات عسكرية مع كوريا الشمالية التي تواجه أزمة خطيرة مع واشنطن بشأن برامجها النووية، كذلك ابتعدت السودان مؤخرا دبلوماسيا عن إيران.
ونقلت الصحيفة عن "ماغنوس تايلور" الخبير في الشئون السودانية في مجموعة الأزمات قوله"هذه خطوة أولى نحو التطبيع الكامل للعلاقات بين السودان والغرب".
وقبل وقت قصير من ترك منصبه، خفف باراك أوباما مؤقتا العقوبات التي كانت قائمة منذ عقدين ضد الدولة الأفريقية، وفي يوليو الماضي، أجلت إدارة ترامب لمدة ثلاثة أشهر قرار إلغاء العقوبات تماماً.
ورغم أن السودان سيبقى في الوقت الراهن على القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، بجانب إيران وسوريا، وبالتالي يخضع لتدابير عقابية أخرى، إلا أن القرار الجديد يعكس تقييما أمريكيا بأن الدولة أحرزت تقدما في تلبية مطالب واشنطن، بما في ذلك والتعاون في مكافحة الإرهاب، والعمل على حل الصراعات الداخلية، والسماح بتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية إلى دارفور.
ويعتقد محللون أن قرار الخرطوم بوقف، أو على الأقل الحد من الدعم العسكري وغيره للوكلاء في جنوب السودان، والسماح لقوافل الإغاثة بعبور أراضيها للوصول إلى المحتاجين في الدولة التي مزقتها الحرب، لعبت دورا هاما في اتخاذ القرار.
وقالت الأمم المتحدة فى وقت سابق إنها تؤيد وقف العقوبات وتأمل أن تتخذ الولايات المتحدة "قرارا ايجابيا" يسمح بتدفق مزيد من المساعدات الإنسانية عبر مناطق الحرب.
وأثارت جماعات حقوق الإنسان مخاوف من أن رفع العقوبات يكافئ حكومة ما زالت متهمة بارتكاب انتهاكات، وقال "أندريا براسو" نائب مدير مكتب واشنطن لهيومن رايتس ووتش: "من الخطأ رفع العقوبات بشكل دائم عندما لا يحرز السودان أي تقدم في مجال حقوق الإنسان".
وزعمت منظمة العفو الدولية العام الماضي أن قوات السودانية استخدمت أسلحة كيماوية ضد المدنيين فى إحدى المناطق النائية بإقليم دارفور.
عمر البشير الذي تولى السلطة في انقلاب عسكري عام 1989، يواجه اتهامات بالإبادة الجماعية في المحكمة الجنائية الدولية المتعلقة انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان التي ترتكبها القوات السودانية ضد المدنيين في دارفور.
وتقول الأمم المتحدة إن 300 ألف شخص لقوا مصرعهم في النزاع و 2،7 مليون شخص فروا من منازلهم، إلا أن الزعيم المخضرم الذي رحب به القادة فى جميع أنحاء افريقيا، قد يفكر في زيارة أوروبا بعد رفع العقوبات.
وفرضت العقوبات في البداية على السودان عام 1997 بسبب دوره في إيواء ومساندة الجماعات الإرهابية بما في ذلك تنظيم القاعدة.
ورغم أن السودان تحول تدريجيا عن دوره كقائد ومؤيد للحركات الإسلامية على مدى العقود الأخيرة، إلا أن الخرطوم لا تزال، مع سوريا وإيران، يفرض عليهم مجموعة واسعة من العقوبات الاقتصادية والمالية.