"الأسطى هيما" طفل الدرب الأحمر المعجزة.. بدأ العمل مع والده في ورشة إصلاح عجل في عمر عامين: "الزبائن بيطلبوني بالأسم" (صور)

في أحد شوارع الدرب الأحمر يطل بقامته القصيرة التي لا يبدو منها سوى صوته، وهو يرد على زبائنه الذين لاتتعدى أعمارهم الخامسة عشر عامًا، أو ليستفهم من والده متعطشًا عن معرفة الكثير بخصوص المهنة التي تعلمها رغم صغر سنه، فيكمن حلم الصغير في أن يصبح يوما «صاحب الورشة»، ورغم صغر حجمه وسط المعدات الضخمة الذي يكاد أن يختفي بينها، إلا أنه ليس مجرد صبي في ورشة ميكانيكا، بل «أسطى» يعتمد عليه والده صاحب الورشة في إصلاح العجل.الأسطى إبراهيم محمد، الشهير بـ«هيما» طفل الخمسة أعوام، يرتدي تيشرت أحمر مزين بالرتوش السوداء الناتجة عن الشحم وبنطلون أسود، من حين لأخر يرفعه بكفيه الصغيرين ثم يستكمل عمله، تجده حالة مميزة تجذب إليها الانتباه دومًا، ملازمًا والده داخل الورشة منذ كان عمره سنتين فقط، كل لحظة تمر عليه يكتسبها في احترافه هذه المهنة، ليصير أصغر ميكانيكي، يتعامل معه الجميع ويقدره، بداية من سكان منطقته، وصولاً إلى الزبائن الذين يترددون عليه في الورشة فقد ذاعت فيها شهرته.«أبويا اسمه محمد صاحب الورشة هو اللي علمني الشغلانة، وبقيت شاطر فيها، لكن أوقات مش بطول العدة فبطلع على الكرسي الخشب عشان أطول، وبعرف إيه اللي عطلان في العجلة وأصلحه لوحدي، أنا بس بشتغل مع أبويا في الورشة، وشغال كل الشغل معاه، وبحتاج أعرف منه حاجات كتير بيقولها لي، والناس هنا بتناديني باسم هيما اللى أبويا بيناديني بيه دايمًا».لم تراود الطفل الصغير أحلام أخرى سوى حلم أن يستكمل مشواره في الورشة، فهو يكبر يومًا بعد يوم وسط ملامح هذه الورشة، كما يتمنى أن يصبح مشهورًا في مجاله: «مش عايز أدخل المدرسة ولا أدرس، عايز أكون أسطى كبير في المنطقة كلها، عشان لما أكبر أساعد أبويا وأمي وأخواتي».اعتاد الأسطى الصغير العمل داخل الورشة، فهي بمثابة بيته الثاني، فهو لا يذهب إلى منزله لتناول طعامه، أنما يقسم مع والده اللقمة، داخل مصدر رزقهما، فيخشى كثيرًا تواجد زبون بالورشة في عدم وجوده، حتى أنه لا يلهو مثل أقرانه الصغار في الشوارع، وبذلك يقضي أغلب وقته داخلها، فبمجرد ما يرى زبونا يهم مسرعًا باتجاهه، لإصلاح الخلل بالعجل.المشهد قد يبدو غير مألوفًا في البداية على الزبائن الجدد، لكنهم سرعان ما يكتشفون مهارة ونشاط «الأسطى هيما».هذا المكان يجد فيه "الأسطى هيما" شيئًا من الأمان الذي يبحث عنه رغم صغر سنه، فكأنه أدرك حلمه من الصغر وسيتمسك به للأبد.أما عن الأسطى محمد، رزقه الله عزوجل بابن وثلاثة بنات، فعندما يسرد لنا نبذة عن ابنه يشعرك كأنه يتحدث عن شاب عشريني، أنما هو في حقيقة الأمر يتكلم عن طفل الخمسة أعوام «الأسطى إبراهيم»، فرغم صغر سنه إلا أنه يراه سندًا له ولأخوته في الدنيا، وبالطبع حلم الأسطى محمد مثل كل الأباء يقتصر في رؤية أبنائه في أفضل حال، ولذلك يسعى جاهدًا لتعليم بناته، أما عن «إبراهيم» يريد أن يعلمه صنعة بجانب الدراسة من منطلق أنه سيصبح مسئولًا عن أخوته، ورب أسرة فيما بعد: «أهم حاجة عندي أعلم البنات واطمئن على مستقبلهن بالتعليم، أما عن صغيري إبراهيم فهو سند لي ولأخوته من بعدي، ولذلك كنت أريد أن أعلمه صنعة بجانب الدراسة، ولكن عندما يتخطى العشر أعوام، ولكنني فوجئت به منذ أن كان عمره سنتين، يلازمني خطواتي داخل الورشة، ونظراته تقتصر على ما أفعله عند تصليح العجل، ودائمًا يقبل لتجربة كل ما يراه في الورشة، إلى أنني اكتشفته وهو يتعلم كل يوم عن يوم شيئًا جديدًا بداخلها، إلى أن وصل عمره خمسة أعوام، أصبح شبه سندًا لي في العمل».

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً