ثورة 23 يوليو في ميزان الأدباء: نجيب محفوظ وصفها بـ«لا تستحق الثناء».. وطه حسين عدها ثورة بكل المقاييس... والعقاد أيدها بتحفظ.. وتوفيق الحكيم: أين كنا حين ضاعت الديمقراطية والحرية؟

ثورة 23 يوليو

تحتفل مصر بحلول الذكرى 64 لثورة 23 يوليو، التي حولت مصر من النظام الملكي إلى الجمهوري عقب الإطاحة بالملك فاروق من أعلى كرسي السلطة.

فبعد أن صار الوضع السياسي في مصر إلى درجة كبيرة من الاحتقان الشديد، قام قادة من ضباط الجيش بثورة ضد الحكم الملكي في 23 يوليو 1952 وعرف في البداية باسم “الحركة المباركة” ثم أطلق عليها البعض فيما بعد لفظ ثورة 23 يوليو.

تلك الأحداث التي آمن بها "الضباط الأحرار" وساندها شعب كان تحت وطأة عبودية الإقطاعيين، أملا في الخروج لساحة الحرية، فاتجهت عيونهم نحو زعيمها الراحل جمال عبد الناصر، ورغم الالتفاف الشعبي إلا أن هذه الثورة لم يتفق عليها الجميع.

نجيب محفوظ

ومن بين هؤلاء نجيب محفوظ الأديب الذي صرح عقب الثورة مباشرة ان أنه سيهجر الأدب. فلم يعد يجد ما يقوله. وقطع عددا من المخطوطات كانت بحوزته، وفضّل الصمت. رغم أنه يتفق مع أهداف الثورة، إلا أنه رفض مسايرتها ولم يتحوّل إلى ناطق رسمي باسم الناصرية، كما رفض محفوظ التأريخ للثورة، بل فضل الصمت والملاحظة والتمسك بفكرة النقد الواقعي والثورة الاجتماعية، مشيرا إلى أن ديمقراطيتها لا تستحق الثناء.

كذلك انتقد محفوظ في تصريحات صحفية قرار تأميم قناة السويس ووصفه بأنه قرار متسرع جر على مصر الخراب كما انتقد سياسة مجانية التعليم، مشيرا إلى أنها أدت في النهاية إلى انخفاض مستوي التعليم وتخريج جيوش من العاطلين كما انتقد أيضا سياسة التأميم بالنظر إلى أنها أضرت بالقطاع العام، أما بالنسبة للسياسة الخارجية، فقال محفوظ إن سياسة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في مساعدة شعب الجزائر والتدخل في اليمن أدت إلى إضعاف مصر وتبديد مواردها.

طه حسين

وعلى الجانب الآخر، انحاز طه حسين عميد الأدب العربي، من كل قلبه وبصيرته وعقله للثورة، لدرجة أنه كان أول من كتب مقالا شهيرًا يصف فيه ما جري يوم 23 يوليو 1952 بأنه أكبر من مجرد حركة مباركة وإنما هو ثورة بكل المقاييس.

وعبر طه حسين عن سعادته بما انطلقت الثورة لتحقيقه، قائلا: الثورة حققت ما فشل الساسة السابقون في تحقيقه، وفيهم بالطبع وطنيون مخلصون.

عباس العقاد

أما عباس محمود العقاد، فرحب بالثورة ترحيبا محافظا، وعندما أصدر جمال عبد الناصر كتاب فلسفة الثورة كتب العقاد فلسفة الثورة في الميزان، وفيه يقول العقاد‏: "قرأت الصفحات الثمانين التي كتبها الرئيس جمال عبدالناصر في كتاب فلسفة الثورة فخرجت منها وأنا أعتقد أن الخلاف عليها أقل خلاف في مثل هذه الصفحات وفي مثل هذا الموضوع.

توفيق الحكيم

وفي الناحية الأخرى، يأتي توفيق الحكيم الذي قال خلال كتابه "عودة الوعي": "قيل لي أن حركة الضباط بعد أن نجحت في طرد الملك فاروق وحصلت منه على وثيقة التنازل عن العرش، تلك الوثيقة التي ذهب وقدمها إليه في قصره وكيل مجلس الدولة سليمان حافظ. كان على الضباط الأحرار أن يسيروا في إجراءات الوصاية على العرش وهي إجراءات منصوص عليها في الدستور وقيل أن زعيم حزب الأغلبية النحاس باشا اتفق معهم على كل هذه الإجراءات الدستورية بما فيها دعوة مجلس النواب المنحل لتعرض عليه أسماء الأوصياء طبقا لأحكام الدستور ثم تتخذ الإجراءات لإجراء انتخابات جديدة.

ولكن سليمان حافظ وهو أيضا من أعداء الوفد ألقى في نفوسهم الخوف من ذلك، ثم أشار عليهم بإهمال هذا الدستور وأفتى لهم أن من حقهم إصدار القوانين دون برلمان لأنهم قاموا بثورة والثورة معناها إلغاء ما قبلها من أوضاع، وهكذا أطلق على حركة 23 يوليو اسم الثورة بعد أن كان اسمها الحركة ولحبنا لها سُميت الحركة المباركة، وقام بعض أساتذة الجامعة يؤكدون وصف الثورة ويؤيدون حقها المطلق في إصدار القوانين".

ولكن بعض فقهاء القانون الدستوري قاموا من جهة أخرى بنفي وصف الثورة، مؤكدين أنها "انقلاب العسكري"، ذلك أن الثورة يقوم بها الشعب ويقوده المدنيون، أما الحركة التي تقوم بها جماعة مسلحة من رجال الجيش فهي انقلاب لنظام الحكم ولكن الضباط الأحرار لم يأخذوا طبعا بالرأي الثاني وأبعدوا أصحابه ورحبوا بالرأي الأول، وتحولت الحركة إلى ثورة وأصبح لها مجلس ثورة يصدر عنه القوانين في غرف مغلقة دون معارضة وبغير مناقشة علنية".

وتساءل الحكيم في كتابه: "أين كنا نحن المفكرون، وأين كنت أنا المحب للحرية؟ لم أشعر بضيق قط على العكس كنت مستبشرًا بقدوم هؤلاء الشبان مبهورًا بما قاموا به من طرد الملك، أما الحياة الدستورية التي ضاعت فلم نلتفت إلى خطورة ضياعها في ذلك الوقت لأننا كنا خارجين من مرحلة فقد فيها الدستور قدسيته وأفسدت فيه الديموقراطية إفسادا جعل منها مطية للانتهازيين ووسيلة للمستوزرين، لذلك خفت علينا وطأة دستورنا الضائع. فالمباديء ليست بذات قيمة في نظري بغير الأشخاص الذين يطبقونها بإخلاص ويؤمنون بها ويحرصون عليها".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة الزمالك والمصري البورسعيدي (0-1) في الدوري المصري اليوم | المصري يتقدم