بعد مرور عدة أشهر على جائحة كورونا، لا يزال الباحثون يتنافسون لفهم كيف يهاجم الفيروس الجسم والعقل،في حين أن الفيروس المعدي، والمحتمل أن يكون مميتاً، يعيث فساداً في الرئتين، فإن الإحصائيات والدراسات، تؤكد أنه يغزو الدماغ أيضاً، ما يؤدي إلى عدد كبير من الأعراض المخيفة التي تشير جميعها إلى شيء واحد، وهو الهذيان، أكثر ما يرعب الأطباء، وفقاً لـ" eatthis".
حيث أطلق بعض الباحثين على وحدة العناية المركزة اسم "مصنع الهذيان"، نتيجة إصابات الدماغ التي تهدد الحياة والتي عانى منها المرضى نتيجة لفيروس كورونا، وتشمل الأعراض: "الارتباك الذهني والهلوسة والنوبات والغيبوبة والسكتة الدماغية والشلل"، في حين تكمن المشكلة في أن الخبراء لا يعرفون كيفية علاجها.
وكشفت دراسة حديثة من المستشفى الوطني لأمراض الأعصاب في لندن، ارتباط الفيروس التاجي بعدد من الحالات المصابة بالهذيان والسكتة الدماغية والتهاب الدماغ، كما تدعم دراسات علمية أخرى أن الفيروس قد يسبب تلفاً في الدماغ.
ووجدت دراسة من ووهان بالصين، أن 36 في المئة من المرضى يعانون من أعراض عصبية- بما في ذلك الصداع والتغيرات في الوعي والسكتات الدماغية ونقص التنسيق العضلي.
وأشارت دراسة أخرى، نُشرت في مجلة "New England Journal of Medicine ، إلى أن 84 % من مرضى كوفيد-19 الذين تم إدخالهم إلى المستشفى مصابين بمتلازمة ضيق التنفسية الحاد، مع أعراض آخرى مثل عدم الانتباه أو الارتباك، حتى بعد مغادرة المستشفى.
كما وجدت دراسة حديثة أخرى، نُشرت في جاما، أن الفيروس التاجي يغزو الدماغ، بعد أن كشف التصوير بالرنين المغناطيسي لمريض الفيروس التاجي الذي فقد حاسة الشم عن وجود تشوهات، واقتصر عرض تلف الدماغ المرتبط بالفيروس التاجي على الحالات الخطرة، لأن معظم المشاركين في البحث المنشور، تم وضعهم على أجهزة التنفس الصناعي.
لا يوجد علاج حتى الان
على الرغم من أن الدراسات أثبتت وجود صلة بين تلف الدماغ والفيروس التاجي، إلا أن الباحثين ما زالوا غير متأكدين تماماً من كيفية حدوثه بالضبط في الجسم، إذ تقول شيري تشو، أستاذ مشارك في طب الرعاية الحرجة وجراحة الأعصاب في كلية الطب بجامعة بيتسبرج في أمريكا: “في الواقع لا نعرف معلومات كافية، كي نقول بالتأكيد كيف يؤثر كورونا على الدماغ والجهاز العصبي”.
في حين تقول منظمة “كايزر هيلث نيوز” الأمريكية- تهتم بالقضايا الصحية- التي تقود دراسة دولية عن الآثار العصبية للفيروس: “حتى نتمكن من الإجابة على بعض الأسئلة الشائعة حول ذلك، سيكون من السابق لأوانه التكهن بالعلاجات.”
في الدراسة التي شهدت مصطلح “مصنع الهذيان”، المنشورة في المجلة الطبية ” Critical Care”، افترض المؤلفون عدداً من الاحتمالات، “في المرضى الذين يعانون من كوفيد-19، حيث قد يكون الهذيان مظهراً من مظاهر غزو الجهاز العصبي المركزي المباشر، وتأثير ثانوي لفشل أنظمة الجسم الآخري، وتأثير للعوامل البيئية، بما في ذلك العزلة الاجتماعية.
في حين أن الأطباء يضعون المضاعفات العصبية أولوية، فإن الفيروس يعقد كل شيء من التشخيص الأولي إلى خيارات العلاج، على سبيل المثال، بعض المرضى يعانون للغاية لدرجة تمنعهم من الانتقال عبر المستشفى لإجراء أشعة الرنين المغناطيسي، كما أن الأطباء قلقون بشأن تلوث المعدات اللازمة لإجراء ذلك، أو إصابة العاملين الآخرين في الرعاية الصحية.
تقول “تشو”: “أيدينا مقيدة أكثر بكثير مما كانت عليه قبل الوباء”، بينما يضيف كيفين شيث، أستاذ جراحة الأعصاب في كلية الطب بجامعة ييل، أن السكتات الدماغية يمكن أن تمر دون أن يلاحظها أحد، خاصة عندما يكون المرضى تحت تأثير “البنج” بشدة.
أسباب أخرى للتدهور العقلي
يشير الباحثون إلى أن الفيروس وحده ليس المسؤول عن تلف الدماغ المحتمل لمرضى الفيروس التاجي.
يقول الباحثون: “إن العزلة الاجتماعية، وقضاء الوقت بعيداً عن الأسرة والأحباء، وعناصر الرعاية الأخرى كلها تشكل ما يمكن تفسيره على أنه “مصنع هذيان”ـ يجب على الفرق الطبية معالجته، بالإضافة إلى مواصلة البحث في علاقة الدماغ والفيروس التاجي وتحسين خيارات العلاج، فإنهم يحثون على أهمية رعاية الشخص بالكامل من أجل تقليل الضرر بشكل كامل.