كشف تقرير نشرته وكالة "رويترز" للأنباء أن مسؤولين أمنيين لبنانيين حذّروا رئيس الوزراء ورئيس الدولة الشهر الماضي من خطورة تخزين 2750 طناً من نترات الأمونيوم في مستودع بمرفأ بيروت، وأنها قد تُدمّر العاصمة إذا انفجرت.
وأكّد التقرير أن المديرية العامة لأمن الدولة أرسلت رسالة بالبريد الخاص إلى الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء حسان دياب في 20 يوليو الماضي حول الموضوع.
وقال المسؤول الأمني الذي نقل محتوى الرسالة لـ"رويترز": "كان هناك خطر أن تُستخدم هذه المواد في هجوم إرهابي إذا سُرقت".
وفي إشارة إلى الرسالة الموجّهة إلى رئيس الوزراء ورئيس الدولة من المديرية العامة لأمن الدولة، والتي تشرف على أمن المرفأ، قال المسؤول: "في نهاية التحقيق النائب العام التمييزي (غسان عويدات) أعدّ تقريراً نهائياً تمّ إرساله إلى السلطات".
وقال المسؤول الذي شارك في صياغة الرسالة، وطلب عدم نشر اسمه: "حذّرتهم من أنّ هذا قد يُدمّر بيروت إذا انفجر".
ولم تردّ رئاسة الجمهورية على طلبات للتعليق على الرسالة الصادرة بتاريخ 20 يوليو الماضي.
دياب يقرّ بتسلمه الرسالة، ويؤكد أنه حوّلها إلى مجلس الدفاع الأعلى لإبداء المشورة خلال 48 ساعة
وقال ممثل عن دياب، الذي قدّمت حكومته استقالتها أمس: إنّ رئيس الوزراء تسلّم الرسالة وأرسلها بدوره إلى مجلس الدفاع الأعلى لإبداء المشورة خلال 48 ساعة.
وأضاف: مجلس الوزراء الحالي تلقى التقرير قبل 14 يوماً من الانفجار، لكنه لم يحرّك ساكناً.
وفي الأسبوع الماضي أكد عون أنه سبق إبلاغه عن المواد الكيماوية. وقال للصحفيين إنه وجّه الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى، الذي يضمّ الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان، ويرأسه رئيس الدولة، بضرورة "إجراء اللازم".
وقال عون: "المواد مخزّنة منذ عام 2013، وأنا لست مسؤولاً، ولا أعرف من خزّن هذه المواد، ولا أعرف درجة خطورتها، كما أنه ليس لديّ صلاحية التعاطي مباشرة مع المرفأ، بحكم التراتبية".
ومن المحتمل أن يثير الحديث عن هذه الرسالة انتقادات جديدة تغذّي الغضب الشعبي من الانفجار، الذي اعتُبر أحدث مثال على إهمال الحكومة وفسادها الذي دفع بلبنان إلى الانهيار الاقتصادي.
وفي الوقت الذي تصاعدت فيه الاحتجاجات على الانفجار في لبنان أمس، أعلن دياب استقالة حكومته، وإن كانت ستواصل أداء مهامّها كحكومة تصريف أعمال لحين تشكيل حكومة جديدة.
ومن المتوقع أن تبلغ كلفة إعادة إعمار بيروت وحدها 15 مليار دولار، في بلد مفلس فعلياً، تتجاوز خسائر نظامه المصرفي الإجمالية 100 مليار دولار.
وما تزال أسئلة كثيرة بلا أجوبة حول سبب رسوّ السفينة بشحنة نترات الأمونيوم في بيروت في أواخر 2013. والمحيّر أكثر من ذلك هو سبب السماح بتخزين كمية كبيرة من المادة الخطيرة في المرفأ كلّ هذا الوقت.
وحول الموضوع، قال تقرير المديرية العامة لأمن الدولة الذي اطّلعت عليه "رويترز": إنه تمّ تقديم العديد من الطلبات، وذلك دون ذكر عددها على وجه التحديد. وذكر أنّ إدارة المانيفست بالمرفأ أرسلت عدّة طلبات كتابية إلى مديرية الجمارك حتى عام 2016 مطالبة القاضي بإصدار الأمر بإعادة تصدير الكمية على الفور.
وقال تقرير الإدارة العامة لأمن الدولة: "لكن، وحتى تاريخه، لم يصدر قرار بهذا الشأن. بعد مراجعة أحد المختصّين في الكيمياء أكّد أنّ هذه المواد وفي حال اشتعالها ستسبب انفجاراً ضخماً، وستكون نتائجه شبه مدمّرة لمرفأ بيروت".
عون يؤكد أنه سبق إبلاغه عن المواد الكيماوية في المرفأ، لكنّه لم يتحرك بحكم التراتيبة، واكتفى بتوجيه مجلس الدفاع الأعلى لإجراء اللازم
بدأ الطريق المؤدي إلى مأساة الأسبوع الماضي قبل 7 أعوام، عندما رست السفينة روسوس، المستأجرة لحساب روسي، وترفع علم مولدوفا، وتحمل شحنة من نترات الأمونيوم من جورجيا إلى موزامبيق، رست في مرفأ بيروت لمحاولة نقل بضائع إضافية لتدبير رسوم المرور عبر قناة السويس وفقاً لما قاله ربّانها.
وأوضح تقرير أمن الدولة أنّ سلطات المرفأ احتجزت السفينة روسوس في كانون الأول (ديسمبر) 2013 بالأمر القضائي 1031/2013، بسبب ديون عليها لحساب شركتين قدّمتا طلباً للقضاء في بيروت لحجزها.
وفي مايو 2014 اعتبرت السلطات السفينة غير صالحة للإبحار، وتمّ تفريغ شحنتها في أكتوبر 2014، وتخزينها فيما عُرف بالعنبر 12،وأظهر التقرير الأمني أن السفينة غرقت بالقرب من كاسر الأمواج بالمرفأ في 18 فبراير 2018.
وتقول مولدوفا: إنّ شركة بريروود كورب التي تتخذ من بنما مقرّاً لها هي صاحبة السفينة. ولم يتسنّ الاتصال بشركة بريروود للتعليق.
وفي فبراير 2015 عيّن قاضي الأمور المستعجلة نديم زوين خبيراً لتفقد الشحنة، وفقاً لما ورد في التقرير الأمني.
وقال التقرير: إنّ الخبير خلص إلى أنّ المواد المخزنة خطيرة، وطلب عبر سلطات المرفأ نقلها إلى الجيش.
وذكر التقرير أنّ قيادة الجيش اللبناني رفضت الطلب، وأوصت بنقل المواد الكيماوية أو بيعها إلى الشركة اللبنانية للمتفجّرات وهي شركة خاصّة.