مازالت ردود الفعل الدولية تتوالى حيال قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القاضي بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية، وافتتاح قنصلية أميركية مدينة الداخلة المغربية، وذلك وسط ترحيبات دولية، لاسيما أن هذه القنصلية ستضطلع بمهام اقتصادية، مما يفتح الفرص أمام الاستثمار العالمي في إفريقيا عبر بوابة الشراكة الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة. وكان العاهل المغربي، الملك محمد السادس، قد أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس الأميركي، بحسب بيان صادر عن الديوان الملكي المغربي، أكد فيه الطرفان على أهمية 'الشراكة الاستراتيجية القوية بين البلدين، والارتقاء بها إلى تحالف حقيقي يشمل جميع المجالات'.
وبحسب البيان المغربي، فإن الرئيس الأميركي أعلن أن الولايات المتحدة قررت 'فتح قنصلية بمدينة الداخلة، تقوم بالأساس بمهام اقتصادية، من أجل تشجيع الاستثمارات الأميركية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية'. ويرى مراقبون أن الخطوة الأميركية تعكس الرؤية الاستراتيجية الأميركية للاقتصاد التنموي الذي سيمر عبر مدن الصحراء المغربية نحو إفريقيا، سيما أن المغرب كان قد انكب منذ فترة على تجهيز الصحراء ببنى تحتية متطورة، يأتي في مقدمتها الطريق السريع بين أقادير والداخلة، بالإضافة إلى تأهيل المعبر الحدودي الكركرات وتأمنيه بعد العملية الأمنية الناجحة التي تمكن من خلالها الجيش المغربي من تأمين المعبر بشكل كامل، بعدما حاولت ميليشات البوليساريو الانفصالية أن تغلقه خلال الفترة الماضية، دون جدوى. وفي السياق، يرى الباحث الاقتصادي نجيب الصومعي، أن افتتاح القنصلية الأميركية في الداخلة يعزز 'منظومة النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية الذي يشكل حوالى 8 مليار دولار من الاستثمارات'.
وأشار إلى التوجه الاقتصادي المغربي نحو الاستثمار في 'الطاقات البديلة أو الطاقات المتجددة بمشاريع تفوق مليار دولار'، مؤكدا أهمية 'الربط اللوجستي لمنطقة الداخلة مع بقية العالم على اعتبار أن ميناء الداخلة سيشكل محورا تجاريا ولوجستيا دوليا يربط بين محور لندن وكيب تاون ومحور ريودي جانيرو وإسطنبول'، في إشارة منه إلى الربط بين إمكانيات المتوسط والأطلسي على صعيد الاقتصاد العالمي.
وأردف الباحث المغربي في تصريح لموقع 'سكاي نيوز عربية'، أن 'الدينامية المهمة التي يخلقها المغرب من خلال استثماراته في المناطق الجنوبية والشمالية ستترك عدة آثار'، موضحا أن '25 في المائة من التجارة العالمية ستمر من طنجة والداخلة'.
وقال إن هذه 'المنطقة منفتحة على منطقة التبادل الحر الإفريقية التي تتوفر على مليار و300 مليون مستهلك، فضلا عن تمتع المغرب بعلاقات قوية تجاريا في إطار اتفاقيات التبادل الحر مع الكثير من الدول، والوضع المتقدم في العلاقة من الاتحاد الأوروبي، وكذلك العلاقات المغربية الجديدة مع أمريكا اللاتينية وانخراطه في مبادرة الطريق والحزام الصيني'.
وكان العاهل المغربي قد أعلن خلال خطاب ذكرى المسيرة الخضراء، في نوفمبر الماضي، أن البلاد مقبلة على الانتقال نحو الاقتصاد البحري، لدى معرض حديثه عن أهمية ميناء الداخلة الأطلسي الذي يوازي من حيث الأهمية ميناء طنجة المتوسطي.
ويرى الخبير الاقتصادي، حمزة أعناو، في تصريح لموقع 'سكاي نيوز عربية'، أن هذا الميناء سيكون 'من أكبر منصات التصدير بالمنطقة'، وعند استحضار فتح قنصلية أميركية، سيكون فرصة لـ'جلب استثمارات مهمة و رؤوس أموال مهمة مما سينعش تدفق القيمة المضافة وخلق منطقة اقتصادية تربط المغرب بعمقه الإفريقي'.
وأضاف أعناو أن 'خلق مناطق لوجستية سيساهم أيضا من الرفع من وسيلة تنقل رؤوس الأموال، وتوفر السيولة وإنعاش سوق غرب إفريقيا بانضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية الإفريقية، مما سيمكن من ضخ رؤوس أموال في المنطقة وخلق أنشطة اقتصادية ذات قيمة مضافة كبيرة'.
ونبه إلى أن 'الانخراط الأميركي في الحركية الاقتصادية الإفريقية سياسة حكيمة من أجل محاربة تهريب الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك بانخراط دول المنطقة في تقوية أنظمتها البنكية وفق قانون FATCA الذي يعتبر وسيلة لجلب استثمارات أميركية وتمويل المشاريع وإنعاش الحركية الاقتصادية'، في إشارة منه إلى 'قوة النظام المصرفي المغربي وكفاءاته'.