مع غروب الشمس، يتجمهر الكبار والصغار حول مدفع رمضان وسط مدينة النبطية جنوب لبنان، في حين يعمل الحاج خضر كمال مع ابنه وعدد من الشباب على تحضير حشوة المدفع لإطلاقها تزامنا مع آذان المغرب معلنا دخول وقت الإفطار.
يواظب الحاج خضر منذ 35 عاما على إطلاق مدفع الإفطار والإمساك، بالإضافة إلى ست طلقات صبيحة عيد الفطر، ولم ينقطع عن عمله إلا إبان الاحتلال الإسرائيلي للبنان، ليعود إلى عمله بعد تحرير المدينة.
تاريخ مدفع رمضان
بحسب المؤرخين كانت القاهرة عاصمة مصر أول مدينة اشتهر فيها مدفع رمضان، فعند غروب أول يوم من رمضان عام 1467 أراد السلطان المملوكي خشقدم أن يجرب مدفعا جديدا وصل إليه، وقد صادف إطلاق المدفع وقت المغرب بالضبط، فظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين بأن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها، وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بالإفطار ثم أضاف بعد ذلك مدفعي السحور والإمساك.
ويقول الحاج خضر لـ'سبوتنيك' إن: 'المدفع متواجد في المدينة منذ 100 عام، أي عندما كان لبنان تحت الإستعمار الفرنسي'.
ويضيف أنه 'يواظب على إطلاق المدفع منذ 35 عاما تعرض خلالها لإصابات عديدة وحروق كبيرة، ويذكر أنه في إحدى المرات انفجر أمامه حوالي ثلاثين كيلو غراما من البارود، إلا أنه بقي متمسكا بهذه العادة'.
ويشير كمال إلى صعوبات كبيرة واجهتهم هذه السنة وخصوصا بعد انفجار مرفأ بيروت، حيث 'فقدت مادة البارود المستخدمة في المدفع، ولم يستطيعوا الحصول على الكمية المطلوبة إلا بعد عدة اتصالات أجراها إمام النبطية الشيخ عبد الحسين صادق بالمعنيين'.
وعن طريقة تجهيز المدفع يقول إنهم 'ما زالوا يحافظون على الطريقة التقليدية التراثية، عبر وضع كمية محددة من البارود في السبطانة، بالإضافة إلى سبع حشوات معدين بطريقة فنية ليشكلوا قذيفة من الورق، ويساعده في التحضير ابنه وعدد من الشباب'.
ويختم الحاج خضر بأن 'عشرات الأطفال والعائلات تتجمهر حول المدفع للمشاهدة، كون هذا المدفع يرمز للتواصل والمحبة ولم شمل العائلات'.