لم تكن أزمة الانهيار والتفكك الكامل داخل جماعة الإخوان لتحدث وليدة صدفة أو لحظة راهنة، لكنها حصاد سنوات من الممارسات التي سرعان ما ارتدت إلى التنظيم فأنهكته وأفقدته توازنه، كان أبرزها سقوط القناع الأخلاقي، وهدم المظلومية الزائفة، وتحرر وحش الإرهاب المتأصل في فكر الجماعة ضد المجتمعات العربية على مدار أكثر من عقد مضى.
وفي قراءة أسباب السقوط المدوي للتنظيم بداية من مصر عام 2013، مرورا بليبيا واليمن وسوريا، وصولا إلى آخر المعاقل السياسية في المغرب العربي، تونس والمغرب، تقف الكثير من التداعيات كمحور أساسي لكن أهمها وأخطرها على الإطلاق، هو ممارسة الإرهاب ودعمه علنا.
هذا الأمر لم يتسبب فقط في فقد جماعة الاخوان شرعيتها في المشهد السياسي العربي وتجاه معظم الدول لتصنيفها 'إرهابية'، لكنه امتد لقلب القاعدة التنظيمية والحاضنة الشعبية فقضى عليها بنسبة كبيرة، جعلت التنظيم ودون أي مبالغات منبوذاً في الشارع السياسي العربي والغربي أيضاً.
ويجمع مراقبون وخبراء على أن ممارسة التنظيم للإرهاب على مدار السنوات الماضية، جاءت على رأس قائمة الأسباب التي كتبت نهايته وأفقدته أي حضور شعبي، فضلا عن إفقاده الكثير من المزايا التي قدمها المجتمع الغربي، وتحديدا الأوروبي، للجماعة وعناصرها واستثماراتها.
الجماعة التي كتبت نهايتها بنفسها، أسقطت حالة التظلم والادعاء أنها ضحية لعقود من الاضطهاد، وأنه يحمل الحلول لمشاكل العرب، ففور وصولهم إلى الحكم في بعض الدول نكلوا بالشعوب، وضاعفوا المشاكل العربية، ثم فروا حاملين خيبتهم وقد خلفوا إرثا ثقيلا من الإرهاب.
وكانت البداية من مصر، التي استمر فيها حكم الإخوان لمدة عام واحد فقط، ثم أطاحت ثورة شعبية كبرى بهم. وردت الجماعة على الإطاحة بمجموعة من العمليات الإرهابية في أنحاء مختلفة من البلاد، راح ضحيتها العشرات من رجال الشرطة والجيش إلى جانب مدنيين.
وفي 26 ديسمبر 2013، صنفت الحكومة المصرية، ولأول مرة منذ تأسيس جماعة الإخوان على يد حسن البنا عام 1928، الإخوان 'جماعة إرهابية'، وذلك بعد ساعات من التفجير الانتحاري الذي استهدف مديرية أمن الدقهلية، وخلف العديد من الضحايا، لكن القرار لم يثني الجماعة عن عملياتها التي استهدفت كافة المؤسسات سواء من خلال أذرعها المسلحة مثل حسم ولواء الثورة وغيرهم، أو عبر حلفاءها من التنظيمات الأخرى.
ويقول الكاتب المصري المختص في الإسلام السياسي، أحمد عاطف، إن الإرهاب جزء أصيل من فكر جماعة الإخوان، وأحد أهم أدواتها لإدارة أجندتها السياسية وتحقيق أهدافها منذ نشأتها في عام 1928، على يد حسن البنا، كما وضع مؤسسها سيد قطب تأطير شرعي للإرهاب والعنف اعتمدت عليه كل الجماعات والتنظيمات الدموية التي ظهرت فيما بعد وأبرزها داعش والقاعدة.
وفي تصريح لـسكاي نيوز عربية، يرى عاطف أن الجماعة بعد سقوطها في مصر عام 2013 إثر الثورة الشعبية ضدها مارست أشكالا شتى من العنف والإرهاب استهدفت مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية وكذلك المدنية، فضلا عن جميع من أيد ودعم ثورة الشعب المصري ضدهم، وهذه السنوات كانت كفيلة بكشف حقيقة الإخوان للناس، وإثبات زيف الادعاءات، لذلك فقدت الجماعة أي تأثير شعبي لها.
وحول تطورات الأزمة الداخلية المستعرة في التنظيم توقع عاطف، موجة جديدة من التمرد والانشقاق ضد إبراهيم منير من قبل شباب الإخوان وخاصة العاملين في القنوات الخاصة بالجماعة، لأنهم اعتبروه بمثابة أنه حسبما قالوا: 'اعتبر نفسه صاحب البيت وهو لا يمثل إلا شخصه'، وهو في الأساس من ورط شباب الإخوان ثم تخلى عنهم.