تصاعدت التهديدات الغربية والروسية بشأن إمكانية استخدام السلاح النووي، في الحرب الدائرة بين الطرفين في أوكرانيا، في الوقت الذي لايلوح في الأفق أية بوادر لتسوية الصراع الذي يمكن أن يقود إلى حرب عالمية جديدة.
شبح الحرب النووية
وسبق وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القوى الغربية من التدخل في الحرب الدائرة بين بلاده وأوكرانيا، وقال الرئيس بوتين وقت اندلاع عمليات القتال: "لكل من يفكر في التدخل من الخارج، إذا فعلتَ، فلسوف تواجَه بعواقب أكبر من كل ما واجهت في تاريخك، لقد وضعنا القوات النووية في حالة تأهب خاصة".
ومع احتدام المعارك في أوكرانيا، تتزايد المخاوف من إمكانية لجوء روسيا لخيار السلاح النووي في الحرب التي اندلعت في فبراير الماضي وعلى وقع الحرب الأوكرانية، عاد شبح الحرب النووية ليطل برأسه من جديد هناك، وسط تحذيرات غربية لروسيا لمنع الإقدام على مثل هذه الخطوة.
وقال تقرير لصحيفة "تايمز" البريطانية، إن الخيارات أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بعد الهجوم الأوكراني المضاد الأخير، إما قبول هزيمة مذلة أو مضاعفة سعيه لتحقيق النصر العسكري، حيث أشارت الصحيفة إلى أنه مع "وجود وحدات احتياطية روسية محدودة، يمكن للنزاع أن يشهد استخدام السلاح النووي".
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، قد أصدر تحذيراً واضحا إلى نظيره الروسي، عندما سئل عما إذا كان الرئيس بوتين سيلجأ إلى السلاح النووي، قائلا:" لا تفعل لا تفعل لا تفعل"، مؤكدا بأن "الولايات المتحدة سترد بنفس قوة الأفعال الروسية".
وجاء حديث الرئيس الأمريكي ردا على سؤال بشأن احتمال لجوء بوتين إلى أسلحة كيميائية أو أخرى تكتيكية نووية، حيث أفاد بايدن: "ستغيّر وجه الحرب بشكل لا مثيل له منذ الحرب العالمية الثانية"، مشيرا: "سيصبحون (الروس) منبوذين في العالم أكثر من أي وقت مضى".
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن الرئيس الروسي، بوتن، قد يستخدم أسلحة نووية تكتيكية، ربما في تفجير استعراضي فوق البحر الأسود أو بالمحيط المتجمد الشمالي أو داخل الأراضي الأوكرانية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول استخباراتي كبير أن هناك نقاشا جاريا داخل وكالات الاستخبارات الأميركية، إذا ما كان بوتن يعتقد بأن مثل هذه الخطوة (استخدام السلاح النووي) ستخاطر بعزل بلاده عن البلدان التي هي في أمس الحاجة إليها -خاصة الصين-، أو إذا ما كان يحتفظ بهذا الخيار على سبيل الاحتياط.
وبحسب التايمز فإن بوتين لا يستطيع حتى مع سلطاته الرئاسية أن "يأمر بشن هجوم نووي بمفرده".
ويعتقد أن هناك 3 حقائب نووية تشكل "نظام القفل الثلاثي"، الذي يستغرق تفعيله نحو 20 دقيقة.
ولدى بوتين واحدة منها تحتوي على نظام من الرموز، وليس بها مفتاح نووي، وعند تشغيلها يُرسل الرمز إلى وزير الدفاع الروسي.
ويُرسل بوتين الرمزان إلى رئيس الأركان العامة (حاليا الجنرال فاليري جيراسيموف) الذي يمكنه بدوره تنفيذ الأوامر عندما تتجمع لديه مجموعات الرموز الثلاث.
بوتين وسلاح الردع النووي في الحرب
من جانبه قال الدكتور نور ندى الخبير بالشئون الروسية وأستاذ زائر بجامعة موسكو، إن بوتين لا يرغب في اللجوء لاستخدام السلاح النووي، لأنه يتميز بالعقل والحكمة في إدارة الأمور، ولكن إذا تصاعدت الأحداث أكثر من ذلك سيضطر إلى هذا الخيار ، مضيفاً سيتحول الرئيس الروسى فلاديمير بوتين من مهاجم إلى مدافع عن أمنه القومى وسيادة الأراضي الروسية حسب ما ينص عليه الدستور الروسي ، مشيراً إلى أن السلاح النووي عبارة عن مستويين، مستوى تكتيكى، ومستوى إستراتيجى ، والمستوى الإستراتيجى المعنى بأسلحة الدمار الشامل موضحاً إنه فى حالة لجوء روسيا لاستخدام السلاح النووي سيتم استخدام المستوى التكتيكى، حتى لا يتسبب فى أضرار جسيمة لروسيا.
لافتاً إلى أنه فى حالة وقوع حرب نووية من قبل روسيا سوف يؤثر ذلك على سلاسل الإمداد الخاصة بالغذاء والوقود ، وسوف تنعكس أثارها على دول العالم الثالث والأسواق الناشئة ، ومن بينها مصر ، موضحاً أن مصر تعتمد على 70% من الصادرات.
ويرى بسام البنى الباحث والخبير فى الشأن الروسي روسيا لا ترغب فى استخدام الأسلحة النووية الإستراتجية سوى فى حالة واحدة ، حالة اختراق مايسمى بالعقيدة العسكرية الروسية ، موضحاً إنه فى حالة الإعتداء على الأراضى الروسية بالأسلحة النووية سيكون الرد ، لكن الغرب ضرب بكل ما تقدمت به روسيا عرض الحائط واتحدت أمريكا والإتحاد الأوروبى ضد روسيا.
وأشار إلى أن لذلك تداعيات على الأزمة الإقتصادية العالمية وسوف يعانى العالم من أزمة غذاء ، بجانب الوقود ، لافتاً إلى أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين كشف منذ عدة أسابيع عن أكبر عملية نصب فيما يخص شاحنات الحبوب القمح حيث تم إرسال أغلب شاحنات القمح الأوكرانى إلى دول أوروبا ولم يتم إرسال سوى شاحنتين فقط للدول الفقيرة ، فى خطوة تدل على إستعدادات الإتحاد الأوروبى وأمريكا للتصعيد ضد روسيا.
وفي سياق متصل أكد المستشار الاقتصادي أحمد خزيم رئيس المنتدى الاقتصادى للتنمية والقيمة المضافة، فى تصريحات خاصة لصدى البلد، أنه فى حالة لجوء روسيا لاستخدام السلاح النووى ستكون هناك كارثة اقتصادية يواجهها العالم ، لافتاً إلى إنه منذ إندلاع الحرب الأوكرانية الروسية فى مطلع فبراير الماضىة وأصبح العالم يواجه أزمة اقتصادية شديدة الصعوبة.
ومازالت تبحث جميع الدول ومنها الدول الكبرى حلولاً للتخفيف من تداعياتها التي سبقتها تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، مشيراُ إلى اضطرار البنك الفيدرالى الأمريكى إلى رفع الفائدة خمس مرات فى أقل من ثمانية أشهر ومنتظر رفعها للمرة السادسة مطلع الشهر القادم لمواجهة أكبر أزمة إقتصادية تعانى منها أمريكا وإرتفاع معدل التضخم لأعلى مستوى منذ 40 عاماً، وهى تعد من كبرى الدول الإقتصادية ، موضحاً أن ذلك سوف ينعكس على الدول العربية سواء فى شكل أزمات اقتصادية وأزمات نقص الغذاء والوقود.
وأكد الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية ، أن هناك تطورات هامة سوف تحكم المشهد فى أوكرانيا ، أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين سيمضى فى العملية العسكرية ، موضحاُ أنه من الوارد ان إعلان التعبئة الجزئية يستهدف من خلالها تطوير الحرب وتدمير المدن الروسية تباعاُ ، والبدء فى إجراءات الإستفتاء والمراجعة للمناطق الانفصالية ، مقدمة لتكرار نموذج الفصل النهائى، وفرض الترتيبات الأمنية بالقوة وسيقبل الغرب كما قبل من قبل بوضع جزيرة القرم ، مؤكداً أن الإعلان خلال عدة أشهر مقبل على أزمات فرعية أتية فى الأساس مسرحها جمهوريات أسيا الوسطى ، والبلطيق وما جرى فى أرمينيا وأذربيجان مقدمة لما هو قادم لافتاً إلى حدوث مواجهات عسكرية جديدة ستعلن عن نفسها والعالم سيعود إلى دوائر الإستقطاب والنفوذ.
وعلى كل الأحوال فمن المؤكد، أن استخدام مثل هذا السلاح يخضع لمعادلة معقدة، ربما لا يعلمها سوى قادة الدول الكبرى وحدها، لذلك فسواء تم استخدامه بشكل استراتيجي أو تكتيكي ، فإنه سيكون له عواقب كارثية على كل مناحي الحياة على هذا الكوكب .