توصلت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اتفاق، السبت، بعد سنوات من المفاوضات لـ حماية أعالي البحار التي تمثل كنزا هشا وحيويا يغطي ما يقرب من نصف الكوكب.
الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تتوصل إلى اتفاق لحماية أعالي البحار
ووسط هتافات الوفود، أعلنت رئيسة المؤتمر رينا لي، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك قبيل الساعة 21,30 (02,30 ت غ الأحد)، أن "السفينة وصلت إلى الشاطئ".
كانت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لا تزال السبت تسعى بصعوبة إلى تجاوز انقساماتها وإبرام معاهدة طال انتظارها لحماية أعالي البحار.
وبعد أكثر من 15 عامًا من المحادثات غير الرسمية ثمّ الرسمية، عقد المفاوضون، السبت، جلسة مغلقة للتركيز على المسألة السياسية الحساسة المتعلقة بتوزيع عائدات الموارد الجينية التي يتم جمعها في أعالي البحار.
وقالت رئيسة المؤتمر، رينا لي، خلال جلسة قرابة الساعة 01,30 (06,30 ت غ): "لا تزال لدينا بضع قضايا ينبغي الانتهاء منها، لكن يتم إحراز تقدم فيها والوفود تبدي مرونة".
وأكدت مصادر قريبة من المفاوضات لوكالة فرانس برس صباح السبت أن المفاوضات احرزت تقدما.
وكتبت المفاوضة النيوزيلندية، فيكتوريا هالوم على تويتر: "أصبحنا قريبين جدا الآن" من اتفاق، مشيرة إلى أنها حطمت رقمها القياسي مع أكثر من 24 ساعة متتالية من المحادثات.
شملت نقاط الخلاف الإجراءات المتعلقة بإنشاء مناطق محمية بحرية، ونموذج دراسات الأثر البيئي للأنشطة المخطط لها في أعالي البحار، وتقاسم المنافع المحتملة للموارد البحرية المكتشفة حديثا.
وتبدأ منطقة أعالي البحار من النقطة التي تنتهي فيها المناطق الاقتصادية الخالصة للدول، على بعد 200 ميل بحري (370 كيلومترا) حدًّا أقصى عن الساحل. وهي لا تخضع لأي ولاية قضائية وطنية من الدول.
وفيما تمثّل أعالي البحار أكثر من 60 % من محيطات العالم وحوالى نصف مساحة سطح الكوكب، لم تستقطب الاهتمام ذاته مثل المياه الساحلية وعدد من الأنواع التي لها دلالات كبيرة.
ويحظى حوالى واحد بالمئة فقط من أعالي البحار بالحماية.
وتنتج النظم البيئية للمحيطات نصف الأكسجين الذي نتنفسه وتحد من الاحترار المناخي عبر تخزين جزء كبير من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الأنشطة الصناعية.
غير أن الخدمات التي توفّرها تلك النظم للبشرية باتت عرضة للخطر نتيجة الاحترار وتحمّض المياه والتلوّث على أنواعه والصيد الجائر.
وبالنسبة لكثيرين فإن مصير أي اتفاقية يتوقف على تحقيق الانصاف بين الشمال الغني والجنوب الفقير.
وتبقى الأبحاث المنفّذة في أعالي البحار والمكلفة جدًّا حكرًا على البلدان الأكثر ثراءً راهنًا، غير أن البلدان النامية لا تريد بدورها أن تفوّت عليها الإيرادات التي قد تدرّها الموارد البحرية التي ليست ملكًا لأحد.
وفي خطوة اعتبرت مسعى لبناء الثقة بين الدول الغنية والفقيرة، تعهد الاتحاد الأوروبي في نيويورك تخصيص 40 مليون يورو (52 مليون دولار) لتسهيل المصادقة على المعاهدة والشروع في تطبيقها.
كما تعهد الاتحاد الأوروبي تخصيص 860 مليون يورو للأبحاث والمراقبة وحماية المحيطات في 2023، خلال مؤتمر "محيطنا" الذي اختتم الجمعة في بنما، فيما أعلنت الولايات المتحدة التزامات بنحو 6 مليارات دولار.
وقال مراقبون تحدثت إليهم فرانس برس إن حل تلك القضايا المالية الحساسة سياسيا، يمكن أن يساهم في حل النقاط الشائكة الأخرى.
وسيتعين الانتظار لمعرفة ما إذا كانت التسويات التي تم التوصل إليها ستفضي إلى نص قوي قادر على حماية المحيطات بشكل فعال.