أعلن ريسا آغ بولا الوزير والزعيم السابق للمتمردين الطوارق في النيجر، عن إنشاء 'مجلس المقاومة من أجل الجمهورية'، بهدف استعادة النظام الدستوري في هذه الدولة الاستراتيجية بمنطقة الساحل والإفراج عن الرئيس محمد بازوم وإعادته لمنصبه. وبازوم محتجز في مقر إقامته منذ استيلاء العسكريين على السلطة إثر انقلاب 26 يوليو
بعد أسبوعين من الانقلاب الذي نفذته مجموعة من العسكريين في نيامي، أعلن الوزير ريسا آغ بولا الأربعاء 9 أغسطس/آب عن إنشاء 'مجلس المقاومة من أجل الجمهورية (CRR)'، داعيا إلى اعتقال زعيم الانقلابيين الجنرال تشياني، وإطلاق سراح الرئيس محمد بازوم والذي كان آغ بولا من أقرب مستشاريه.
كما ندد السياسي الذي ينحدر من الطوارق بما وصفه بـ'الخط المتشدد' لبعض أعضاء المجلس العسكري، وأيضا 'الممارسة الشائنة للتلاعب بالجموع' منددا بـ'استدعاء المرتزقة ومجرمي الحرب المعروفين بمسمى فاغنر' على حد وصفه.
ومع إنشائه 'مجلس المقاومة من أجل الجمهورية'، يعتزم آغ بولا الشخصية السياسية المعروفة عند النيجريين استعادة 'النظام والشرعية الدستورية وإعادة الرئيس محمد بازوم لكامل مهامه'. وُلد ريسا آغ بولا عام 1957 في بلدة تشيروزرين المعروفة بنشاط التعدين في قلب الصحراء الواقعة على بعد ألف كلم شمال شرق العاصمة نيامي. وقد عمل في السابق كمرشد سياحي. أسس في 1983 شركة Temet Voyages أول وكالة سياحية في منطقة أغاديس، برفقة مانو داياك رفيقه وأحد الوجوه البارزة من الطوارق الذي قضى في حادث تحطم طائرة عام 1995.
ريسا آغ بولا.. من التمرد إلى الحكومة
دخل ريسا آغ بولا في التسعينيات من القرن الماضي العمل المسلح ضد السلطة المركزية في النيجر التي اتهمها الطوارق بالعنف والتمييز ضد 'الرجال الزرق' وأيضا بسوء إدارة المساعدات الإنسانية الموجهة للاجئين في شمال البلاد.
انتهت تلك الانتفاضة مع التوصل إلى اتفاقات سلام في عامي 1995 و1997، والتي نصت خصوصا على إطلاق مسار للامركزية، وأيضا بدمج قسم من المتمردين في القوى الأمنية. من هنا، بدأ فصل جديد في مشوار ريسا آغ بولا الذي دخل الحكومة في بلاده كوزير للسياحة والصناعات الحرفية. وكان عاشق الصحراء الذي لا يتخلى أبدا عن اللثام الأزرق للطوارق، يحلم بجعل النيجر وجهة رائدة جديدة وهو لم يدخر جهدا في إقناع منظمي الرحلات السياحية الأوروبيين لزيارتها.
في ديسمبر 1997 تم تعيينه في منصبه الذي شغله لنحو سبع سنوات، وهي مدة طويلة سمحت له بتسجيل اسمه في المشهد السياسي للنيجر. لكن منذ 2004، تراكمت المشاكل العدلية على ريسا آغ بولا، وبعد أن اتهم بالتواطؤ في اغتيال مسؤول محلي من الحزب الحاكم آدم أمانغي، استقال من حكومة الرئيس مامادو تانجا.
ريسا آغ بولا
حُكم عليه بالإعدام في 14 يوليو 2008 وكان في ذلك الوقت في المنفى بفرنسا. في نفس السنة، أنشأ آغ بولا، المقرب من الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، جبهة قوى الإصلاح (FFR)، المنشقة عن حركة النيجيريين من أجل العدالة (MNJ). على إثر عودته إلى نيامي بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس مامادو تانجا في فبراير/شباط 2010، لاحقته العدالة في قضية اغتيال آدم أمانغي. تم توقيفه وسجنه قبل أن يقرر القضاء وقف المتابعة بحقه في ديسمبر من نفس السنة.
ريسا آغ بولا.. شخصية سياسية "ذات تأثير" في النيجر
عاد ريسا آغ بولا إلى نشاطه السياسي في مسقط رأسه بعد أن تمت تبرئته بشكل نهائي. في 2011، انتُخب مستشارا إقليميا لأغاديس ثم تم مستشارا للمسائل الأمنية لرئيس الجمهورية المنتخب للتو محمد إيسوفو، منصب احتفظ به هذا الخبير بمنطقة الساحل أيضا خلال ولاية محمد بازوم.
حول دور الطوارق في الأزمة الحالية التي تمر بها النيجر وأيضا تأسيس 'مجلس المقاومة من أجل الجمهورية' الذي يدعم الرئيس بازوم، أوضح سيرج دانيال مراسل إذاعة فرنسا الدولية RFI وقناة فرانس24 في منطقة غرب أفريقيا: 'يقول المراقبون إنه (ريسا آغ بولا) لا يزال شخصية ذات تأثير في منطقة الساحل، لكن لا يزال ينبغي علينا الانتظار لمعرفة نواياه'.
من جانبها، تتوقع نياغالي باغايوكو رئيسة شبكة قطاع الأمن الأفريقي في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية، بأن تورط ريسا آغ بولا في الأزمة الراهنة سيعقّد، في كل الأحوال، الأوضاع التي هي أصلا غير مستقرة منذ الانقلاب الذي نفذه الجنرال تشياني ورجاله. تقول باغايوكو في هذا السياق: 'الجماعات المسلحة الجهادية والانفصالية مثلما هو الحال في مالي، والتي هي حاليا عدائية جدا تجاه السلطات، ستؤثر أيضا في هذه المعادلة'.
على الرغم من كل شيء، أكد ريسا آغ بولا خلال مقابلة مع مجلة جون أفريك، بأنه لا يريد أن يحمل السلاح مرة أخرى في الوقت الراهن، وهو يأمل في أن يتجمع 'كافة النيجيريين الديمقراطيين والجمهوريين'. إلا أن هناك غموضا حاليا فيما يخص الدور الذي يمكن أن يلعبه 'مجلس المقاومة من أجل الجمهورية' خلال الأسابيع القادمة. ففي بيانه، أعلنت هذه الحركة الجديدة 'بأنها 'ستمنح نفسها كل الوسائل الضرورية' من أجل إعادة الرئيس بازوم إلى مهامه. وهي تؤكد كذلك أنها ستدعم 'إيكواس' وشركائها الدوليين في حال وقع تدخل عسكري في النيجر.