كشف تقرير لموقع 'THE CONVERSATION' البريطانية، عن تقرير خطير بشأن الانهيارات الأرضية في إثيوبيا، التي حدثت مؤخرًا، حيث قال مدير معهد الجيوفيزياء وعلوم الفضاء والفلك بجامعة أديس أبابا، جيت نت ميوا، إن الانزلاقات والانهيارات أدت إلى تدمير الغابات، وأن أرض إثيوبيا معرضة للانهيارات القاتلة.
عالم إثيوبي يكشف تقرير خطير يدمر إثيوبيا
وأكد التقرير، الذي وصف بأنه على درجة عالية من الخطورة، أن إثيوبيا تقع في منطقة مقسمة بواسطة الصدع في شرق إفريقيا، وأن سرسل الجبال والوديان في إثيوبيا تقع تحتها كتلة تربة ضعيفة، تعرضها لمخاطر الانهيارات أرضية عند هطول الأمطار.
وقال مدير معهد الجيوفيزياء الإثيوبي: 'إن المواطن الاثيوبي جزء من المنظومة الطبيعية، متآلف مع الطبيعة لا يدمر الغابات ولا يبيد الحيوانات والحشرات إبادة جماعية، ومصرع نحو 300 شخص في انهيارات أرضية ناجمة عن هطول أمطار أعلى من المعدل الطبيعي في جنوب غرب إثيوبيا في يوليو 2024، وإجبار أكثر من 15 ألف شخص على مغادرة منازلهم، أدى انهيار أرضي آخر أقل فتكًا حدث ومقتل اثني عشر شخصًا'.
إثيوبيا تقع في منطقة يقسمها الصدع شرق أفريقيا
ويقوم جيتنت ميوا، عالم الجيوفيزياء الإثيوبي بدراسة الانهيارات الأرضية وحركات الكتلة الأرضية المرتبطة بها، مؤكدًا أن إثيوبيا تقع في منطقة مقسمة بواسطة الصدع في شرق إفريقيا، وهو أحد أنظمة الصدع النشطة جيولوجيًا على الأرض.
وقال العالم الإثيوبي أن الوادي المتصدع هو منطقة منخفضة تتشكل حيث تتحرك الصفائح التكتونية للأرض، وهي قطع عملاقة من الغلاف الخارجي للأرض بعيدة عن بعضها البعض أو تتشقق، حيث يحد نظام الصدع النشط هضاب مرتفعة وتتخلله جبال وبحيرات بركانية.
وأكد جيتنت ميوا أن العمليات الجيولوجية السابقة حددت، إلى حد كبير طبيعة إثيوبيا الحالية، فلديها سلاسل من الجبال والوديان، تقع تحتها كتلة تربة ضعيفة من الأسمنت (فضفاضة)، وصخور شديدة التعرية والتشقق، وعندما تهطل كميات عالية بشكل غير طبيعي من الأمطار، تصبح هذه المناطق الجبلية في إثيوبيا معرضة لمخاطر انهيارات أرضية كبيرة.
49% من أراضي إثيوبيا معرضة لخطر الانهيارات
وقال عالم الجيوفيزياء الإثيوبي أن الدراسات تشير إلى أن حوالي 49% من أراضي إثيوبيا معرضة لخطر الانهيارات الأرضية بدرجة متوسطة إلى عالية للغاية، وتشمل هذه المناطق المرتفعات الإثيوبية الشمالية والشمالية الغربية والوسطى والجنوبية والجنوبية الغربية والمناطق المحاذية للصدع.
وحدد عالم الجيوفيزياء الإثيوبي، جيتنت ميوا العوامل الرئيسية الممكنة، مؤكدًا تحدث الانهيارات الأرضية بسبب عدد من العوامل، ومنها المواد الأرضية اللينة التي تغطي الأسطح المنحدرة، عندما تتشبع التربة السائبة أو الكتل المتآكلة للغاية (المتحللة)، فإنها تفقد استقرارها بسهولة، وتبدأ بالانزلاق تدريجيًا بسبب الجاذبية.
وأشار العالم الإثيوبي جيتنت ميوا إلى الكميات الكبيرة من الأمطار، نؤكدًا أن الماء هو المحفز الرئيسي للانهيار الأرضي، ويؤدي تسرب مياه الأمطار إلى رفع مستوى المياه الجوفية، مما يضعف قوة السطح. ويؤدي هذا إلى عدم استقرار المنحدر، عندما لا تكون القوى التي تقاوم وتدفع حركة كتلة التربة القابلة للتأثر متوازنة، يحدث الانهيار الأرضي.
أسباب الانهيارات الأرضية في إثيوبيا
وأوضح جيتنت ميوا أن 'سوء استخدام الأراضي وغياب أو ندرة الغطاء النباتي العميق الجذور، يعد هذا أحد الأسباب الرئيسية وراء زيادة عدد الانهيارات الأرضية في البلاد، ومع زيادة عدد السكان، تحولت المناطق المعرضة للخطر والتي كانت غير مأهولة سابقًا إلى مواقع استيطان أو زراعي.'
وكشف جيتنت ميوا التقييم الأولي الذي قدمه إلى معهد الأرصاد الجوية الإثيوبي، مؤكدًا على تحول واضح في ممارسات استخدام الأراضي في ثلاثة عقود داخل الجزء الأوسط من إثيوبيا، وكشف عن انخفاض في الأراضي الزراعية والأراضي العارية وإلى حد ما أراضي الغابات.
وأوضح جيتنت ميوا أنه كانت هناك زيادة كبيرة في المساحات المبنية بين عامي 1990 و2019، ما يشير إلى وجود ممارسات استخدام سيئة للأرض في إثيوبيا، وغياب أو ندرة الغطاء النباتي العميق الجذور هي عوامل رئيسية تساهم في زيادة معدل الانهيارات الأرضية.
كما كشف جيتنت ميوا عن الانهيارات الأرضية القاتلة الأخيرة، حيث قال: 'وقعت الانهيارات الأرضية المدمرة في يوليو 2024 في منطقة جوفا بجنوب إثيوبيا، جيزي جوفا وريدا، وأعقب ذلك هطول أمطار غزيرة يومي 21 و22 يوليو، ويتراوح متوسط هطول الأمطار السنوي في نطاق 1200 ملم إلى 2200 ملم. وتم تسجيل حوالي 50٪ إلى 80٪ من هطول الأمطار السنوي خلال موسم الأمطار الرئيسي، المعروف باسم كيريمت، بين منتصف يونيو ومنتصف سبتمبر.
وحذر المعهد الوطني للأرصاد الجوية في إثيوبيا من هطول كميات عالية غير عادية من الأمطار هذا العام، مما قد يؤدي إلى وفيات وأضرار في المحاصيل.
كما كشف جيتنت ميوا في تقريره عن حدوث انهيارات أرضية من قبل في منطقة جوفا، ووفقًا لتقرير غير منشور تم إعداده للحكومة، فإن المنطقة تحتوي على طبقة تربة سطحية يبلغ سمكها نحو متر واحد، وحوالي خمسة أمتار من الرواسب الطينية (مزيج من الطين والطمي مع الحصى والصخور)، وتحت هذه الطبقات توجد طبقة تربة مضغوطة نسبيًا، تعمل كطبقة غير منفذة.
ماء المطر يتسرب لطبقات الأرض الضعيفة في إثيوبيا
وأكد جيتنت ميوا أن ماء المطر يتسرب عبر الطبقتين العلويتين ويشبعهما، ويغسل الماء ببطء المواد ذات الحبيبات الدقيقة التي تربط المواد ذات الحبيبات الخشنة. وعندما تتجاوز القوة الدافعة في الطبقتين العلويتين قوة مقاومة الطبقة السفلية، يتم تحفيز حركة الكتلة بواسطة قوة الجاذبية.
وأشار جيتنت ميوا إلى أن الكثير مما هو معروف عن مخاطر الانهيارات الأرضية المحلية تم توثيقه من قبل مطوري البنية التحتية، الذين أجروا دراسات الجدوى للطرق والجسور والمباني والسدود، كما جاء ذلك أيضًا من مخططي ومصممي المشاريع الذين يسعون إلى الحصول على معلومات مفصلة حول الأضرار الناجمة عن الانهيارات الأرضية التي حدثت.
وأكد العالم الإثيوبي أنه في بعض الحالات لم تكن التدابير المقترحة، لمنه الانهيارات الأرضية، فعّالة بالقدر الذي كان مخططًا له، بسبب الطبيعة المعقدة للطبقة الجوفية، فعلى سبيل المثال، على طريق ديجين- جوهاتسيون، وهو طريق حيوي يربط الجزء الشمالي الغربي من إثيوبيا بالجزء الأوسط، حدثت انهيارات في المنحدرات في حوض النيل الأزرق.
وأوضح جيتنت ميوا أن السلطات الإقليمية والمحلية في إثيوبيا نادرًا ما تولي اهتمامًا بشأن منع الانهيارات الأرضية، والنتيجة هي عدم نقل المعلومات والمعرفة. والوعي المجتمعي ضعيف للغاية والسلطات غير مستعدة بشكل جيد، وهذا يؤدي إلى ارتفاع عدد الوفيات.