تشير الرواية الرسمية الصادرة من الإدارة السورية في دمشق إلى أن الاشتباكات التي شهدتها عدة مناطق في الساحل السوري ليلة الخميس لم تكن أحداثًا عشوائية، بل كانت عملية 'معدة مسبقًا' و'منسقة'. هذا الوصف يلمح إلى وجود تخطيط دقيق وتنظيم مسبق للهجمات التي استهدفت القوات الحكومية. ما يعزز هذا الادعاء هو الظهور المفاجئ لتشكيل جديد يحمل اسم 'المجلس العسكري لتحرير سوريا'، والذي أعلن عن وجوده بالتزامن مع هذه الاشتباكات.
هذا التزامن يثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين هذا التشكيل والهجمات التي وقعت. فهل كان هذا المجلس هو الجهة المنفذة أو المنظمة لهذه العمليات؟ أم أن ظهوره كان مجرد مصادفة؟ الرواية الرسمية للإدارة السورية تشير بوضوح إلى وجود تنسيق مسبق، مما يدفع إلى الاعتقاد بأن ظهور المجلس لم يكن مجرد صدفة، بل جزءًا من خطة أكبر.
هذا التطور يضيف بعدًا جديدًا للوضع في الساحل السوري، ويطرح تساؤلات حول مستقبل المنطقة. فهل يشير هذا الظهور إلى تصعيد جديد في الصراع؟ وهل سيشهد الساحل السوري مزيدًا من المواجهات في المستقبل القريب؟ هذه التساؤلات تبقى مفتوحة، في انتظار مزيد من التطورات على الأرض.وقد أسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل أكثر من 30 عنصرًا من قوات الأمن العام السورية، مما دفع وزارة الدفاع في دمشق إلى إرسال تعزيزات كبيرة إلى ثلاث مدن ساحلية رئيسية هي طرطوس واللاذقية وبانياس. ومع وصول التعزيزات، أعلنت القوات الحكومية عن بدء عمليات تمشيط في عدة قرى وبلدات ساحلية، بهدف 'كسر السيطرة التي تحاول أن تفرضها فلول النظام' في منطقة جبلة.
إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية وديمقراطية
وتستمر عمليات التمشيط حتى الآن، حيث تم نشر تسجيلات مصورة تظهر 'الفلول' وهم يحملون أسلحة ثقيلة ويتوزعون في مناطق جبلة. وقد ظهر مسمى 'المجلس العسكري لتحرير سوريا' في بيان انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد ساعات من الكشف عن الهجمات المتزامنة التي استهدفت قوات الأمن العام في الساحل السوري. وقد جاء في البيان أن تشكيل 'المجلس' يهدف إلى تحقيق عدة أهداف، من بينها 'تحرير كامل التراب السوري من جميع القوى المحتلة والإرهابية'، و'إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية وديمقراطية'، و'إسقاط النظام القائم وتفكيك أجهزته الطائفية القمعية'. وفي سياق متصل، سلطت تقارير إعلامية الضوء على شخصية مؤسس 'المجلس العسكري لتحرير سوريا'، غياث دلا، الذي وصفته بأنه كان من الموالين بشدة للمحور الإيراني في سوريا. وتثير هذه المعلومات تساؤلات حول طبيعة الدعم الذي يتلقاه المجلس، ودور القوى الإقليمية في الصراع السوري.
أبرز الموالين للمحور الإيراني داخل نظام الأسد المخلوع
جاء في البيان الصادر عن 'المجلس العسكري لتحرير سوريا' توجيه لغة هجومية وقائمة على التهديد والوعيد للإدارة السورية الجديدة، بالإضافة إلى الإشارة إلى الإجراءات والقرارات التي تتخذها. اللافت في هذا البيان أنه كان ممهورًا باسم غياث دلا، القيادي السابق في 'الفرقة الرابعة'، والذي اختفى بعد سقوط نظام الأسد إلى جانب العشرات من القادة الأمنيين والعسكريين الكبار. غياث دلا، الذي كان يقود ما يعرف بـ'قوات الغيث' قبل سقوط نظام الأسد، يُعد من أبرز القادة في 'الفرقة الرابعة' التي كان يترأسها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السابق. ويصفه موقع 'مع العدالة' بأنه كان من 'أبرز الموالين للمحور الإيراني داخل نظام الأسد المخلوع'.
ويشير الموقع الحقوقي إلى أن دلا سبق وأن نسق عملياته مع الميليشيات التابعة لإيران بصورة وثيقة في معارك المليحة والزبداني وأحياء دمشق. وفي منتصف عام 2018، تم إرساله إلى منطقة القنيطرة و'مثلث الموت' في جنوب سوريا من أجل السيطرة على المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة فصائل 'الجيش السوري الحر'.
وفي تلك الفترة، قام دلا بضم عدد من عناصر الميليشيات الإيرانية وعناصر 'حزب الله' اللبناني داخل قواته عبر منحهم لباسًا مشابهًا للباس قواته بهدف التمويه، بحسب موقع 'مع العدالة'. وأوضح الموقع أن من بين تلك الميليشيات 'لواء الإمام الحسين' التابع لفيلق القدس الإيراني، بالإضافة إلى ميليشيات أخرى تتكون من عناصر إيرانية وأفغانية.
وتثير هذه المعلومات تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين غياث دلا والمحور الإيراني، ودور هذه العلاقة في تشكيل 'المجلس العسكري لتحرير سوريا' وأهدافه. كما تثير تساؤلات حول مستقبل الوضع في الساحل السوري، وإمكانية تصاعد الصراع في المنطقة.