تأتي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الكويت، واستقباله من قبل أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، لتؤكد على ديناميكية متغيرة في المشهد السياسي الإقليمي والدولي. هذه الزيارة، التي تُعد المحطة العربية السابعة والتاسعة دوليًا للرئيس الشرع منذ توليه منصبه في يناير 2025 بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر 2024، تحمل دلالات عميقة حول التوجهات السورية الجديدة ومستقبل العلاقات العربية والدولية مع دمشق.
أهمية الدعوة الكويتية للأمن والاستقرار السوري:
تأكيد الكويت على ضرورة تعزيز جهود المجتمع الدولي لضمان أمن واستقرار سوريا وصون سيادتها ووحدة أراضيها، ليس مجرد تصريح دبلوماسي تقليدي. بل يعكس هذا التأكيد رؤية كويتية واضحة لأهمية استقرار سوريا كركيزة أساسية لاستقرار المنطقة بأكملها. بعد سنوات طويلة من الصراع والتفكك، وما ترتب عليه من تداعيات أمنية وإنسانية وسياسية، يبدو أن هناك إدراكًا متزايدًا لدى الدول الإقليمية بأن حل الأزمة السورية لا يمكن أن يتم إلا من خلال جهد دولي مشترك يضمن عدم تحول سوريا إلى بؤرة دائمة لعدم الاستقرار أو التدخلات الخارجية. الدعوة الكويتية تشير إلى الرغبة في إيجاد حلول جذرية تنهي حالة الانقسام وتعيد اللحمة للنسيج السوري.
مباحثات رفيعة المستوى: رسائل متعددة الأبعاد:
إن حضور ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ورئيس الوزراء الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح، ووزير شؤون الديوان الأميري الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، إلى جانب أمير البلاد في المباحثات مع الرئيس السوري ووفده رفيع المستوى، يضفي على هذه الزيارة أهمية قصوى. هذا الحضور يؤكد على:
أهمية العلاقات الثنائية: الرغبة الجادة في إعادة بناء وتطوير العلاقات الكويتية-السورية على أسس جديدة بعد فترة طويلة من الجفاء.
الدعم الرسمي السوري الجديد: إشارة واضحة إلى اعتراف الكويت بالقيادة السورية الجديدة ومحاولة فتح صفحة جديدة معها.
مناقشة مستجدات الأوضاع السورية: الحاجة الملحة للتنسيق والتشاور بشأن التحديات التي تواجه سوريا بعد التغيرات السياسية الأخيرة، بما في ذلك القضايا الأمنية والإنسانية وإعادة الإعمار.
مؤشرات على سياسة سورية خارجية جديدة:
تُشكل زيارة الرئيس الشرع للكويت، وما سبقها من زيارات عربية ودولية، مؤشرًا قويًا على انتهاج القيادة السورية الجديدة سياسة خارجية أكثر انفتاحًا وتسعى لإعادة دمج سوريا في محيطها العربي والدولي. بعد عقد من العزلة، تبدو دمشق عازمة على:
بناء جسور التعاون: السعي لتطوير علاقات إيجابية مع الدول العربية والعالم، واستعادة مكانتها على الساحة الإقليمية.
جذب الدعم والمساعدة: البحث عن الدعم السياسي والاقتصادي والمساعدة في عملية إعادة الإعمار، التي ستتطلب استثمارات ضخمة.
تجاوز إرث الماضي: محاولة تجاوز التداعيات السلبية للفترة الماضية والتوجه نحو مستقبل يعتمد على الاستقرار والتنمية.
التحديات والآفاق المستقبلية:
على الرغم من الإشارات الإيجابية، تظل هناك تحديات كبيرة تواجه سوريا والمنطقة. استعادة الأمن والاستقرار الكاملين في سوريا يتطلب معالجة القضايا العالقة مثل وجود الجماعات المسلحة، ومستقبل اللاجئين والنازحين، وضمان عملية سياسية شاملة. إن الدور الكويتي، كلاعب دبلوماسي تقليدي يسعى للوساطة والتوافق، يمكن أن يكون حاسمًا في تسهيل هذا الانتقال.
بشكل عام، تعكس زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الكويت تحولًا محوريًا في ديناميكيات المنطقة. إنها خطوة مهمة نحو إعادة صياغة العلاقات الإقليمية وإعادة تأهيل سوريا، مع التأكيد على أن الاستقرار الدائم في البلاد يتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية لضمان سيادتها ووحدة أراضيها ومستقبل شعبها.
تفاصيل المباحثات والوفود المرافقة
تناولت المباحثات، التي حضرها أيضًا ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ورئيس الوزراء الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح، ووزير شؤون الديوان الأميري الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، سبل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين وآخر مستجدات الأوضاع في سوريا.
كان الرئيس السوري أحمد الشرع قد وصل إلى الكويت يوم الأحد في زيارة رسمية، حيث كان في استقباله وزير الخارجية الكويتي عبد الله علي اليحيا. ويرافق الرئيس الشرع في زيارته وفد رفيع المستوى يضم وزير الخارجية أسعد الشيباني وعددًا من كبار المسؤولين.
أهمية الزيارة للرئيس السوري
تُعد هذه الزيارة إلى الكويت المحطة العربية السابعة، والتاسعة دوليًا، للرئيس السوري أحمد الشرع منذ توليه مهام منصبه في يناير الماضي. وقد جاء تنصيب الرئيس الشرع بعد الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024. تعكس هذه الزيارة حرص القيادة السورية الجديدة على تعزيز العلاقات مع الدول العربية والمجتمع الدولي، وبناء جسور التعاون بعد سنوات من التوتر والاضطرابات في المنطقة.