ads

هايلو حواء أثيوبية تفضح ممارسات العبودية الحديثة في لبنان

العاملة الاثيوبية
العاملة الاثيوبية

في سابقة قضائية هي الأولى من نوعها في لبنان، مثلت العاملة المنزلية مزريت هايلو أمام المحاكم اللبنانية في دعوى رفعتها ضد مشغلها بتهمة 'العبودية'. عادت هايلو إلى بيروت بعد ست سنوات من فرارها من ظروف وصفتها بـ 'العبودية'، حاملةً معها قضية قد تُحدث تحولاً مفصلياً في وضع عاملات المنازل الأجنبيات في البلاد.

تفاصيل صادمة تكشف سنوات من الانتهاكات

بدأت قصة هايلو عام 2011 بوصولها إلى مطار رفيق الحريري الدولي، محمّلة بآمال كبيرة في مساعدة عائلتها بإثيوبيا. لكن هذا الحلم سرعان ما تحول إلى كابوس، فوفقاً للدعوى القضائية، صودر جواز سفرها فور وصولها، وتحول لبنان بالنسبة لها إلى 'سجن' على مدار ثماني سنوات. خلال هذه الفترة، حُرمت هايلو من الراحة والتواصل، ومُنعت من مغادرة المنزل، وتعرضت للإيذاء الجسدي واللفظي. لم تتقاضَ أجورها طوال سبع سنوات قبل أن تتمكن من الفرار والعودة إلى إثيوبيا في سبتمبر 2019.

'الحركة القانونية العالمية' تتبنى القضية وتصفها بالعبودية

عبرت المحامية غادة نيقولا من 'الحركة القانونية العالمية' عن أن منظمتها علمت بقصة هايلو بالصدفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. بعد التحقق والبحث، تواصلت المنظمة مع هايلو وأعدت ملفاً قانونياً مفصلاً. تؤكد نيقولا أن ما تعرضت له هايلو يصنف، وفق القانون الإنساني الدولي، على أنه شكل من أشكال العبودية والرق. وتُعرّف الأمم المتحدة 'العبودية الحديثة' بأنها مصطلح شامل يضم العمل القسري والزواج القسري والعمل تحت وطأة الديون والاتجار بالبشر، وهي حالات استغلال لا يستطيع الضحايا رفضها أو الهروب منها بسبب التهديدات أو الخداع أو استغلال النفوذ.

التزامات لبنان الدولية في مواجهة 'العبودية الحديثة'

على الرغم من عدم تجريم لبنان الصريح للعبودية الحديثة، إلا أنه ملتزم دولياً بموجب دستوره بتطبيق المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. فالاتفاقية الدولية لإلغاء الرق لعام 1926 والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يحظران العبودية ويصنفانها جريمة ضد الإنسانية. لبنان وقّع على هذه الاتفاقيات، وهو ملزم بتطبيقها ومحاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات.

قضية تاريخية في وجه "نظام الكفالة"

عقدت أولى جلسات القضية، التي أدرجت تحت الاسم الرمزي 'م.هـ'، في 27 مايو 2025. ترى المحامية نيقولا أن هذه الدعوى تشكل 'محطة مفصلية' في قضايا العاملات الأجنبيات في لبنان، وقد تمهد الطريق لمزيد من الدعاوى المشابهة في المستقبل. تُعد هذه القضية غير مسبوقة في لبنان، حيث لم تُسجل أي دعوى مماثلة تتهم مشغلها بممارسات ترتقي إلى الاستعباد والاتجار بالبشر، على الرغم من وجود ما يقدر بـ 250 ألف عاملة منزلية خاضعة لنظام الكفالة.

تصف نيقولا نظام الكفالة بأنه 'نظام استعبادي بكل ما للكلمة من معنى'، مشيرة إلى أن العاملات المنزليات مستثنيات بموجب المادة السابعة من قانون العمل اللبناني من الحماية القانونية التي يوفرها لسائر العمال. يربط هذا النظام إقامتهن الشرعية بكفيل لبناني، وغالباً ما يكون هو صاحب العمل، مما يمنعهن من تغيير مكان عملهن أو مغادرة البلد إلا بإذن خطي من الكفيل، ما يجعلهن في وضع هش قانونياً واجتماعياً.

لم تُحرم هايلو فقط من حريتها، بل من حقوقها المالية أيضاً، إذ لم تتقاضَ أجراً طوال فترة خدمتها. تقول هايلو إن هذا لم يكن مجرد انتهاك قانوني، بل كسر حلماً شخصياً كانت تحمله لتمكين شقيقها من إكمال دراسته وإنقاذ أسرتها من الفقر.

تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن شخصاً من بين كل 150 شخصاً في العالم يعيش في شكل من أشكال العبودية الحديثة، حيث ثمة 27.6 مليون إنسان في حالات عمل قسري. ويُعد العمال المهاجرون الفئة الأكثر تعرضاً لهذا النوع من العبودية، خاصة أولئك الذين يتم توظيفهم في البناء والزراعة والنسيج والعمل المنزلي، ويُحاصرون بعقود غير عادلة تمنعهم من العودة إلى بلدانهم أو تغيير وظائفهم.

توضح نيقولا أن القضية باتت الآن أمام المحكمة، وأن التحقيق ما زال مستمراً. لكن الأهمية الحقيقية لهذه القضية، بحسب قولها، 'لا تكمن فقط في مسارها القانوني، بل في أنها كسرت حاجز الصمت وفتحت باب الأمل أمام كثير من العاملات المنزليات اللواتي يعشن في الظل'.

في نهاية الفيديو، توجه هايلو رسالة مفادها أن هذه الدعوى ليست لتحصيل حقوقها فقط، بل هي لكل فتاة تعيش اليوم نفس قصتها أو عاشت نفس ظروفها. مع استمرار العمل بنظام الكفالة، يواجه لبنان انتقادات دولية كثيرة، خاصة من الولايات المتحدة التي صنفته ضمن 'الفئة الثانية' في تقرير الاتجار بالبشر بداية الألفية، ولا يزال هذا التصنيف قائماً حتى اليوم.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً