فُوجئت الأوساط اللبنانية بإبلاغها من مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله عن إرسال وفد أمني-سياسي موسع إلى بيروت. تأتي هذه الخطوة في ظل خلافات وتوترات داخل حركة 'فتح'، الفصيل الفلسطيني الأكبر، والتي ظهرت للعلن مع بدء المفاوضات لجمع السلاح الفلسطيني من المخيمات في لبنان. هذا التطور يلقي بظلال من الغموض على عودة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومسؤول الملف اللبناني، عزام الأحمد، إلى بيروت في المدى المنظور، بعد أن كان قد تعهد بالعودة فور انتهاء عيد الأضحى لوضع اللمسات الأخيرة على خطة جمع السلاح.
كانت خطة جمع السلاح قد اتفق عليها على مرحلتين، تبدأ الأولى في 16 يونيو الماضي وتشمل مخيمات مار إلياس وبرج البراجنة وشاتيلا، والثانية في الأول من يوليو الحالي وتشمل مخيمي البداوي والجليل. إلا أن انقضاء المهلة المحددة دون البدء في التنفيذ قد سبب إحراجًا للرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي تعهد أمام الرؤساء اللبنانيين الثلاثة خلال زيارته لبيروت في 21 مايو الماضي بجمع السلاح على مراحل.
آلية تطبيقية لجمع السلاح وتأخر التنفيذ
كشفت مصادر لبنانية مطلعة أن ياسر عباس، نجل الرئيس الفلسطيني، شارك في التحضير لزيارة والده، وتلقى نصائح لبنانية بضرورة وضع تصور فلسطيني يكون بمثابة آلية تطبيقية تؤدي حتمًا إلى جمع السلاح تحت إشراف القيادة الفلسطينية المباشر. يأتي ذلك مع امتناع الحكومة اللبنانية عن التدخل بقوة داخل المخيمات لتجنب أي احتكاكات لبنانية-فلسطينية، معتبرةً أن قضية السلاح هي فلسطينية بامتياز.
وأكدت المصادر أن الوفد الفلسطيني المفاوض أبدى تفهمًا لوجهة النظر اللبنانية ووافق على تحديد مهلة زمنية لجمع السلاح على مراحل، بدءًا بمخيمات مار إلياس وبرج البراجنة وصبرا، التي تخضع بالكامل لسلطة منظمة التحرير الفلسطينية.
ولكن سرعان ما تبدل الموقف الفلسطيني، مما أدى إلى تعليق العمل بالجدول الزمني الذي وضعه الأحمد. ووفقًا للمصادر، فإن عدم التزام الأحمد بالعودة إلى بيروت لم يأتِ نتيجة للحرب الإيرانية-الإسرائيلية، بل بسبب تباين الآراء داخل حركة 'فتح' نفسها، بالإضافة إلى رفض الفصائل الفلسطينية والمجموعات المتشددة التعاون، بذريعة استبعادها من المفاوضات.
تعدد الرؤوس وتحديات جمع السلاح
أشارت المصادر إلى أن تأجيل جمع السلاح يعود بشكل أساسي إلى 'تعدد الرؤوس' داخل حركة 'فتح' حول كيفية جمعه وأين يخزّن، وما إذا كانت الظروف مواتية لتحقيق ذلك. يضاف إلى ذلك غياب مرجعية فلسطينية محلية قادرة على جمع الفصائل تحت مظلة قرار عباس بجمع السلاح. فالمجموعات المتشددة، التي تسيطر على مخيم عين الحلوة (أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان)، ليست مستعدة للتسليم لسلطة 'فتح' على المخيم.