تصاعدت حدة الاشتباكات الدامية في محافظة السويداء جنوبي سوريا بين مسلحين من الطائفة الدرزية وعشائر بدوية، مما أسفر عن سقوط 89 قتيلاً. هذا التصعيد دفع بالقوات الحكومية السورية للتدخل، في خطوة سرعان ما تبعها قصف جوي إسرائيلي استهدف دبابات سورية، مصحوباً بتهديد واضح للنظام.
ووفقاً لوزارة الدفاع السورية، قُتل 18 من أفراد قوات الأمن بعد نشرهم في مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية. وأكد العقيد حسين عبد الغني، المتحدث باسم وزارة الدفاع، أن القوات تتقدم في المنطقة بهدف إنهاء الاشتباكات التي اندلعت لأول مرة داخل المدينة نفسها بعد توتر استمر لعدة أشهر.
تحذير إسرائيلي واضح
في تطور لافت، أعلن الجيش الإسرائيلي عن شن غارات جوية استهدفت "دبابات عدة" في منطقة قرية سميع بالقرب من السويداء. وربطت إسرائيل هذا الهجوم مباشرة بالوضع في السويداء، حيث أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن الضربات "تحذير واضح للنظام السوري".
وأضاف كاتس: "لن نسمح بالإساءة للدروز في سوريا، وإسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي". ووفقاً لمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، تم استهداف الدبابات بعد رصدها وهي تتحرك باتجاه مدينة السويداء، بهدف منعها من الوصول للمنطقة. كما ذكر المتحدث أن وجود هذه الدبابات "يمكن أن يشكل تهديداً لإسرائيل".
تحليل: تداخل المصالح السورية والإسرائيلية في السويداء
تعكس الأحداث المتسارعة في السويداء مدى تعقيد المشهد الأمني في جنوب سوريا، حيث تتداخل الصراعات المحلية مع مصالح إقليمية ودولية.
يُعدّ تدخل القوات السورية، الذي وصفته وزارة الداخلية بأنه يهدف إلى "حفظ الأمن وحماية المدنيين"، محاولة من النظام لإعادة بسط سيطرته على منطقة لطالما تميزت بحالة من الاستقلالية النسبية. هذه المحاولة تأتي في وقت يشهد فيه الجنوب السوري حالة من عدم الاستقرار، مما يعطي النظام فرصة لإعادة فرض نفوذه.
من جهة أخرى، يكشف القصف الإسرائيلي عن وجود "خط أحمر" واضح تضعه إسرائيل في المنطقة. لم يكن القصف مجرد رد فعل على تحركات عسكرية، بل كان رسالة سياسية مباشرة للنظام السوري. لطالما أعلنت إسرائيل أنها لن تسمح بتهديد الأقلية الدرزية، التي ترتبط بها بعلاقات تاريخية، خصوصاً مع وجود عدد كبير من الدروز في إسرائيل. القصف الإسرائيلي في هذا السياق هو بمثابة استعراض للقوة، يؤكد أن إسرائيل ستتدخل عسكرياً لحماية مصالحها أو ما تعتبره تهديداً لأمنها.
التصعيد في السويداء يسلّط الضوء على المخاطر الكامنة في تداخل الأجندات المختلفة. ففي حين يحاول النظام السوري استعادة سلطته، وتتصارع الجماعات المحلية على الأرض، تراقب إسرائيل عن كثب وتتدخل بفاعلية لمنع أي تطورات قد ترى فيها تهديداً. هذا الوضع يترك سكان السويداء في مرمى النيران بين الأطراف المتنازعة، ويجعل من استعادة الاستقرار مهمة صعبة ومعقدة.