ads
ads

اتفاق استثنائي يعيد تشكيل المشهد في الجنوب السوري: إدارة أزمة أم هندسة مستقبل؟ ( رؤية في الدلالات والمآلات لخريطة التفاهمات السورية )

أحمد الشرع
أحمد الشرع

أثارت الدلالات السياسية لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين سوريا وإسرائيل تساؤلات عميقة حول التحولات الجارية في خريطة التفاهمات بجنوب سوريا. يأتي هذا الاتفاق، الذي تم بوساطة أمريكية ودعم أردني، ليمثل سابقة من حيث الأطراف المشاركة والملفات التي تناولها، متجاوزًا الإطار التقليدي للتهدئة الميدانية.

إسرائيل على طاولة المفاوضات السورية الداخلية

منح الاتفاق تل أبيب دورًا غير مباشر في ملف سوري داخلي بامتياز، ما أثار انتقادات واسعة بشأن مدى المساس بالسيادة الوطنية السورية وتداخل المسارات العسكرية والسياسية. وقد ركزت المباحثات الثلاثية التي جمعت وزيري خارجية سوريا والأردن بالمبعوث الأمريكي الخاص لسوريا يوم أمس، على خطوات تنفيذية عاجلة. شملت هذه الخطوات نشر قوات الأمن السورية في السويداء، والإفراج عن المحتجزين، وتقديم مساعدات إنسانية، بالإضافة إلى دعم المصالحة المجتمعية، مما يعكس سعيًا حثيثًا لإنهاء التوتر الأمني المتصاعد في المحافظة.

تحذيرات من أجندات انفصالية

في سياق متصل، حذر الرئيس السوري أحمد الشرع، في خطاب متلفز، من محاولة بعض الشخصيات المحلية استغلال الوضع الراهن للدفع باتجاه أجندات انفصالية مدفوعة بدعم خارجي. وأكد الشرع أن بعض المجموعات المسلحة تسعى لإعادة إشعال الصراع، على الرغم من التزام الدولة بتقديم الخدمات والدعم لمحافظة السويداء منذ تحرير البلاد. وقد تزامن ذلك مع دخول قافلة مساعدات إنسانية إلى مدينة السويداء دون مرافقة الوفد الحكومي، في إشارة إلى تعقيدات المشهد الإنساني والأمني.

الدور الأردني المحوري وتحديات المستقبل

برز الدور الأردني كلاعب محوري يسعى لتطويق الأزمة، خاصة أن السويداء تُعد امتدادًا حدوديًا مباشرًا للمملكة. وفي هذا الصدد، أوضح وزير الإعلام الأردني السابق، سميح المعايطة، أن الأردن يدرك تمامًا حساسية المرحلة التي تمر بها سوريا في سعيها لاستعادة استقرارها وتحقيق التنمية الاقتصادية بعد رفع العقوبات، وإيجاد حلول للمشكلات الداخلية.

وأشار المعايطة إلى أن الأردن حرص منذ البداية على أن يبقى ما يجري في السويداء شأنًا سوريًا داخليًا وتوافقيًا سوريًا-سوريًا. إلا أن تطورات الأحداث واتجاهات معينة دفعت بالقضية نحو مسار آخر، مما أتاح للطرف الإسرائيلي الدخول على خط المعادلة. وشدد المعايطة على أن إسرائيل تسعى لاستغلال نقاط الضعف الأمنية في المنطقة لخدمة مشروعها الخاص، وأن الأردن كان واعيًا لهذا التوجه وعمل مبكرًا على تطويقه بما يضمن عدالة الحل ويحافظ على مرجعية الدولة السورية، انسجامًا مع الموقف العربي الذي يؤكد على دعم سوريا كوطن لكل السوريين.

وفي الختام، أكد المعايطة أن الأردن عمل مع الأطراف الإقليمية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وتركيا، للمساهمة في إنجاح الاتفاق الذي تم التوصل إليه، معربًا عن أمله في أن يتحول هذا الاتفاق إلى واقع ملموس ومستدام على الأرض. وبينما يرى مراقبون أن الاتفاق قد يشكّل مدخلًا لتحولات في قواعد الاشتباك، يظل السؤال الأبرز هو: من سيرسم حدود المرحلة المقبلة في ظل تداخل الملف الأمني بالسياسي، والإقليمي بالمحلي؟

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً