في الوقت الذي يرزح فيه قطاع غزة تحت وطأة أزمة إنسانية غير مسبوقة جراء الحرب المدمرة، عقد عدد من قادة اليمين المتطرف الإسرائيلي اجتماعًا علنيًا في الكنيست يوم الثلاثاء، لمناقشة رؤية طموحة لتحويل القطاع المحاصر إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". هذا اللقاء أثار جدلاً واسعًا، لا سيما وأنه يتزامن مع تحذيرات دولية من تفاقم المجاعة والأوضاع المعيشية المتردية في غزة.
"الريفييرا في غزة: من رؤية إلى واقع"
الاجتماع، الذي حمل عنوان "الريفييرا في غزة: من رؤية إلى واقع"، نُظم برعاية مجموعة من النواب الأكثر تطرفًا في البرلمان الإسرائيلي. وشهد حضور شخصيات بارزة في اليمين المتطرف، على رأسهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، والناشطة اليمينية المعروفة دانييلا فايس، التي تُعد من أبرز دعاة إعادة الاستيطان اليهودي في غزة.
وقد تمحورت النقاشات حول "مخطط رئيسي" أعدته منظمة فايس، ويهدف إلى إعادة تأسيس وجود يهودي دائم في القطاع. تتضمن الخطة المقترحة بناء وحدات سكنية تستوعب نحو 1.2 مليون مستوطن، بالإضافة إلى إقامة مناطق صناعية وزراعية ومجمعات سياحية فاخرة على الشريط الساحلي لغزة.
إثارة ذكريات التهجير والنكبة
أعادت هذه الخطة إلى الأذهان مقترحًا سابقًا طرحه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في فبراير الماضي، والذي دعا فيه إلى تحويل غزة إلى "ريفييرا" تحت إدارة أمريكية، وذلك بعد "إخراج سكانها الفلسطينيين". وقد قوبل اقتراح ترامب حينها بموجة إدانات دولية وعربية واسعة، حيث ذكّر الفلسطينيين بـ"نكبة عام 1948" التي أدت إلى تهجير مئات الآلاف منهم قسرًا من ديارهم.
يأتي هذا النقاش في الكنيست في ظل تصاعد وتيرة التحذيرات من أزمة إنسانية وشيكة في غزة، حيث حذر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مؤخرًا من "الإبادة بالتجويع" ودعا إلى "كسر الحصار" عن القطاع. كما تتصاعد الاشتباكات العسكرية في دير البلح وسط غزة، مع توغل إسرائيلي يشعل جبهة جديدة في المنطقة. وفي سياق متصل، تتكشف تفاصيل جديدة حول ظروف احتجاز إسرائيل لأسرى من حماس وحزب الله، تشمل استخدام كاميرات ذكية وعزلة مطلقة، فضلًا عن إظهار صور لدمار غزة للأسرى.
تُبرز هذه التطورات التباين الصارخ بين واقع المعاناة الإنسانية في غزة ورؤى مستقبلية متناقضة يطرحها اليمين المتطرف الإسرائيلي، ما يثير تساؤلات حول آفاق السلام والاستقرار في المنطقة.