أثار تقرير صدر مؤخرًا جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والاقتصادية حول التكلفة المحتملة لسيناريو الاحتلال العسكري لقطاع غزة. في ظل تصاعد الخلافات حول هذه المسألة، تطرق التقرير إلى تفاصيل تستبعد هذا الخيار، مشيرًا إلى أن هناك غيابًا واضحًا للدراسات المالية المتعمقة حول التكاليف المترتبة على ذلك.
غياب التقديرات الرسمية
كشف التقرير أن وزارة المالية لم تجر حتى الآن أي دراسة شاملة حول التكاليف المترتبة على سيناريو الاحتلال العسكري. وأكدت مصادر في الوزارة أن هذا الموضوع ليس مطروحًا على جدول الأعمال حاليًا، وأن الجيش أبلغهم بذلك صراحةً. يأتي هذا في الوقت الذي تواصل فيه شخصيات حكومية بارزة الترويج لهذا الخيار، رغم معارضة القيادة العسكرية العليا، بما في ذلك رئيس الأركان.
وأكد التقرير أن أي جهة حكومية لم تقدم حتى الآن تقديرًا حقيقيًا ومهنيًا للتكلفة الاقتصادية لهذا السيناريو. ويطرح هذا الأمر تساؤلات جدية حول كيفية المضي قدمًا في خطة بهذا الحجم دون وجود تخطيط اقتصادي واضح أو استراتيجية خروج محددة.
التكاليف المحتملة: تقديرات أولية
في محاولة لحساب التكاليف المرتبطة بالاحتلال العسكري، قام معهد دراسات الأمن القومي بتقديم تقديرات أولية. ووفقًا لمصادر أمنية، فإن تكلفة تشغيل الجيش في القطاع قد تتراوح بين 20 و25 مليار شيكل سنويًا. يشمل هذا المبلغ تمويل أربع فرق عسكرية، تضم ما بين 58 ألفًا و80 ألف جندي.
لكن التكاليف العسكرية ليست سوى جزء من المعادلة. فهناك مبلغ ضخم آخر يتعلق بتمويل الأنشطة المدنية الأساسية في غزة، والتي تقدر بحوالي 10 مليارات شيكل سنويًا. هذا يشمل توفير الحد الأدنى من الاحتياجات المدنية مثل المياه، والكهرباء، والرعاية الصحية. وبناءً على هذه الأرقام، يمكن أن يصل إجمالي التكلفة السنوية للاحتلال إلى حوالي 35 مليار شيكل.
تحديات التمويل
يشير التقرير إلى أن الوضع الحالي يختلف بشكل كبير عما كان عليه عام 2005. ففي ذلك الوقت، كان جزء كبير من موارد الميزانية الحكومية يأتي من أرباح وضرائب الاقتصاد في القطاع. ولكن اليوم، ومع انهيار الاقتصاد بشكل شبه كامل، لا يمكن الاعتماد على هذه الإيرادات لتمويل أي تكاليف عسكرية أو مدنية.
كما ذكر التقرير أن وزارة الجيش حاولت حساب تقديرات التكاليف، ووصلت إلى مبلغ يقدر بحوالي 25 مليار شيكل. لكن هذا التقدير محاط بالعديد من التحفظات والتساؤلات، لعدم وجود وضوح بشأن من سيمول هذه التكاليف بالكامل، وما إذا كانت هناك تكاليف إضافية غير متوقعة لإعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة.
ويظل السؤال الأكبر: من سيمول هذا السيناريو المرعب؟ ومع غياب الدراسات الاقتصادية الرسمية، يبقى هذا الجدل مستمرًا، مما يلقي بظلاله على الجدوى الحقيقية لأي خطوة من هذا القبيل.