ads
ads

جدل في السودان بعد إطلاق سراح وزير دفاع سابق متهم بجرائم حرب

البشير
البشير

أثار الإفراج عن عبد الرحيم محمد حسين، وزير الدفاع والداخلية الأسبق في عهد الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والقانونية، وسط مطالبات بإعادته إلى السجن واستئناف محاكمته، في ظل استمرار الملاحقات القضائية المتعلقة بانقلاب 1989 وجرائم دارفور.

وأكدت منظمة "هيئة محامو الطوارئ"، وهي جهة حقوقية تطوعية، أن عبد الرحيم محمد حسين نُقل إلى منزله بمدينة دنقلا شمال البلاد، دون الإعلان عن أي قرار قضائي رسمي، أو اتباع إجراءات قانونية معلنة. ووصفت الهيئة هذا الإجراء بأنه "صادم"، مشيرة إلى أنه يعكس ما وصفته بـ"الحماية السياسية لرموز النظام السابق، وتعطيل مسار العدالة".

وكان عدد من رموز نظام البشير قد أُطلق سراحهم منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، بحجة عدم قدرة السلطات على ضمان أمنهم داخل السجون، على أن تتم إعادتهم فور تحسن الأوضاع الأمنية. غير أن مراقبين يرون أن كثيراً منهم ظلوا يتمتعون بحرية الحركة، دون أن يُعاد توقيفهم.

ووفقاً لمصادر حقوقية، فإن عبد الرحيم محمد حسين هو أحد أبرز المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت بحقه مذكرة توقيف عام 2012، تتعلق باتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع المسلح في إقليم دارفور بين عامي 2003 و2010، عندما كان يشغل مناصب أمنية وعسكرية رفيعة.

وأكدت الهيئة الحقوقية أن الإفراج عن المتهمين في قضايا كبرى، بينهم حسين، يتم دون شفافية أو قرارات رسمية، مشيرة إلى أن بعضهم تلقى العلاج سابقاً في "مستشفى السلاح الطبي" بعد إخراجهم من "سجن كوبر المركزي" في العاصمة، وظلوا خارج الاحتجاز دون إجراءات تحفظية، وهو ما وصفته بـ"الخرق الصارخ للقانون".

وتشير التقارير إلى أن الإفراج عن حسين يأتي بعد سابقة مماثلة تم فيها إطلاق سراح بكري حسن صالح، النائب الأول السابق للبشير، الذي يُحاكم بتهمة التورط في انقلاب 30 يونيو 1989، إلى جانب نحو 27 متهماً آخر، بينهم البشير نفسه وقيادات بارزة أخرى مثل علي عثمان محمد طه ونافع علي نافع وأحمد هارون.

وبحسب بيان المنظمة الحقوقية، فإن عدداً من هؤلاء المتهمين لا يزالون مطلقي السراح رغم مواجهتهم دعاوى جنائية تتعلق بجرائم قتل وانتهاكات حقوق الإنسان، إضافة إلى قضايا فساد إداري ومالي خلال فترة حكمهم، ما يُعد – بحسب البيان – "مخالفة جسيمة للقانون ومساساً بحقوق الضحايا".

من جانبه، أكد معز حضرة، المتحدث باسم هيئة الاتهام في قضية انقلاب 1989، أن الإفراج عن حسين تم دون أي سند قانوني. وقال إن المادة 58 من قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991 لا تتيح إطلاق سراحه بالضمان، كما لا تخوّل النائب العام أو أي جهة أخرى صلاحية حفظ البلاغات في قضايا من هذا النوع.

وأشار حضرة إلى أن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان هو من يصدر قرارات الإفراج عن رموز النظام السابق، مضيفاً أن "فلول النظام المعزول" يعملون حالياً على استعادة نفوذهم داخل المؤسسات العدلية، في محاولة لشطب البلاغات المرفوعة ضدهم، وقطع الطريق على العدالة الانتقالية.

وفي السياق ذاته، لا تزال السلطات السودانية تواجه اتهامات متزايدة من منظمات حقوقية ودولية بـ"توفير ملاذات آمنة" لقادة نظام البشير المطلوبين دولياً، ورفض التعاون مع المحكمة الجنائية لتسليمهم، رغم التزامات السودان السابقة بهذا الشأن.

وتبقى ملابسات الإفراج عن عبد الرحيم محمد حسين ومتهمين آخرين غير واضحة حتى الآن، في وقت تشهد فيه البلاد حالة من عدم الاستقرار السياسي والعسكري، وسط انقسام داخلي حول مصير العدالة والمساءلة في مرحلة ما بعد الثورة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً