ads
ads

الشرع يلمح لطي صفحة الخلاف مع حزب الله وسط تصاعد التهديدات الإسرائيلية

أحمد الشرع
أحمد الشرع

في تحول لافت في السياسة السورية، أطلق الرئيس أحمد الشرع تصريحات مهمة حول العلاقة مع حزب الله اللبناني، ملمحًا إلى إمكانية طي صفحة الخلافات العميقة التي نشأت بسبب تدخل الحزب في الثورة السورية. يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه سوريا تصعيدًا إسرائيليًا متزايدًا، ما يطرح تساؤلات حول إمكانية إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية لمواجهة التحديات الجديدة.

خلال لقائه مع مجموعة من الإعلاميين اللبنانيين والعرب، أكد الرئيس الشرع أن سوريا الجديدة ليست أداة لتصفية الحسابات مع أي طرف، في إشارة واضحة إلى محاولات بعض الجهات الإقليمية استغلال الوضع الراهن. وقال الشرع بعبارة صريحة: "تنازلنا عن الجراح التي سبّبها حزب الله لسوريا، ولم نختر المضي في القتال بعد تحرير دمشق". ودعا الشرع لبنان إلى الاستفادة من نهضة سوريا وإلا سيتكبد خسائر كبيرة، ما يعكس رؤية جديدة للتعاون الإقليمي.

تأتي هذه التصريحات في سياق تصاعد التهديدات الإسرائيلية، حيث لم تتوقف الغارات الجوية على الأراضي السورية منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي. وقد أطلق قادة الحكومة والجيش الإسرائيلي تصريحات حادة تهدد القيادة السورية الجديدة وتصفها بـ"الإرهابية"، كما تذرعوا بحماية الأقلية الدرزية في مناطق مختلفة. آخر هذه التصريحات جاءت على لسان وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي أكد أن قوات الاحتلال ستبقى في قمة جبل الشيخ ومنطقة الحزام الأمني.

إعادة تقييم التهديدات

وفقًا للمحلل السياسي السوري فراس فحام، فإن تصريحات الشرع تحمل رسالتين أساسيتين: الأولى هي التأكيد على عدم نية سوريا التدخل في الشأن اللبناني، والثانية هي أن أي صراع سابق مع حزب الله كان بسبب تدخله في الداخل السوري. يرى فحام أن سوريا اليوم تعيد تقييم التهديدات التي تواجهها، حيث أصبح الخطر الرئيسي ينبع من الاحتلال الإسرائيلي بعد سقوط نظام الأسد. وقال فحام لـ "عربي21": "عادت الأمور، بمعنى ما، إلى نصابها الأصلي، حيث أن التهديد الرئيسي لسوريا ينبع من دولة الاحتلال الإسرائيلي". واستبعد فحام أن تدخل دمشق في أي "حرب صفرية" مع أي طرف، مؤكدًا أن سوريا قد تكون في وضع يمكنها من صياغة سياسات بعيدة عن التوترات التاريخية.

المعادلة واضحة: إسرائيل هي الخطر الأول

من جانبه، أكد الباحث اللبناني بلال اللقيس أن التطورات الميدانية الأخيرة والتوسع الإسرائيلي فرضا معادلة جديدة على المشهد الإقليمي. وأوضح اللقيس أن "إسرائيل تمثل الخطر الوجودي الأول على سوريا"، وأن الولايات المتحدة لا يمكن اعتبارها وسيطًا محايدًا لأنها الراعي للمشروع الإسرائيلي.

وأشار اللقيس إلى أن التحديات أمام سوريا اليوم ليست مجرد مواجهة الاحتلال، بل تشمل أيضًا محاولات دولية لجرها إلى صراعات جانبية، خاصة في لبنان. وأوضح أن بعض المحللين الغربيين يرى أن أحد شروط "إعادة تأهيل" النظام الجديد هو دفعه نحو مواجهة مع حزب الله، وهو ما تعتبره القيادة السورية تهديدًا خطيرًا.

مصالح جيوسياسية متضاربة ومواقف إقليمية

يرى اللقيس أن وحدة سوريا وبقاء المقاومة في لبنان يمثلان خط الدفاع الأول في وجه المشروع الصهيوني-الأمريكي. وأكد أن استقرار سوريا السياسي والأمني لا يمكن أن يتحقق إلا عبر خطاب المقاومة وتكاملها مع القوى الوطنية.

وتناول اللقيس أيضًا المصالح الجيوسياسية المتضاربة للقوى الإقليمية، مشيرًا إلى أن تركيا تعتبر بقاء المقاومة وسيلة لملء الفراغ ومنع تقدم المشاريع الأخرى. بينما تعمل السعودية على إضعاف حزب الله والجماعة الإسلامية وتيار المستقبل في لبنان.

وختم اللقيس بالقول إن إيران تبدو أمام مقاربة جديدة في المنطقة، حيث أكد مسؤولون إيرانيون، مثل أمين مجلس الأمن القومي علي لاريجاني، أن بلاده ستستمر في دعم حزب الله، وأن المقاومة في المنطقة هي "رأس مال استراتيجي". هذه المصالح الإقليمية المشتركة، وفقًا للقيس، قد تكون هي الإشارات التي التقطها الحكم السوري، وأن الطريق الوحيد لنهوض سوريا هو الاعتماد على الدول التي لها مصالح حقيقية في استقرارها، وعلى رأسها إيران ثم تركيا.

في المقابل، لم يستخدم الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم خطابًا حادًا تجاه القيادة السورية الجديدة بعد سقوط نظام الأسد، لكنه حذرها من التطبيع مع الاحتلال، مؤكدًا أن العدو الأول لسوريا ولبنان والمنطقة هو إسرائيل.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً